للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَتَابَعَ سَالِمًا فِيهِ.

(عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ) ، زَادَ فِي رِوَايَةٍ لِعَائِشَةَ: (أَلَمْ تَرَيْ) - مَجْزُومٌ بِحَذْفِ النُّونِ - أَيْ أَلَمْ تَعْرِفِي؟ (أَنَّ قَوْمَكِ) : أَيْ قُرَيْشًا، (حِينَ بَنَوُا الْكَعْبَةَ) قَبْلَ الْمَبْعَثِ بِخَمْسِ سِنِينَ، كَمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: كَانَتِ الْكَعْبَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَبْنِيَّةً بِالرَّضْمِ لَيْسَ فِيهَا مَدَرٌ، وَكَانَتْ قَدْرَ مَا تَفْتَحُهَا الْعَنَاقُ، وَكَانَتْ ثِيَابُهَا تُوضَعُ عَلَيْهَا تُسْدَلُ سَدْلًا، وَكَانَتْ ذَاتَ رُكْنَيْنِ كَهَيْئَةِ هَذِهِ الْحَلْقَةِ، فَأَقْبَلَتْ سَفِينَةٌ مِنَ الرُّومِ، حَتَّى إِذَا كَانُوا قَرِيبًا مِنْ جُدَّةَ انْكَسَرَتْ، فَخَرَجَتْ قُرَيْشٌ، لِيَأْخُذُوا خَشَبَهَا، فَوَجَدُوا الرُّومِيَّ الَّذِي فِيهَا نَجَّارًا، فَقَدِمُوا بِهِ، وَبِالْخَشَبِ لِيَبْنُوا بِهِ الْبَيْتَ، فَكُلَّمَا أَرَادُوا هَدْمَهُ بَدَتْ لَهُمْ حَيَّةٌ فَاتِحَةً فَاهَا، فَبَعَثَ اللَّهُ طَيْرًا أَعْظَمَ مِنَ النَّسْرِ، فَغَرَزَ مَخَالِبَهُ فِيهَا، فَأَلْقَاهَا نَحْوًا مِنْ جِيَادٍ، فَهَدَمَتْ قُرَيْشٌ الْكَعْبَةَ، وَبَنَوْهَا بِحِجَارَةِ الْوَادِي، فَرَفَعُوهَا فِي السَّمَاءِ عِشْرِينَ ذِرَاعًا، فَبَيْنَمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَحْمِلُ الْحِجَارَةَ مِنْ جِيَادٍ وَعَلَيْهِ نَمِرَةٌ، فَضَاقَتْ عَلَيْهِ، فَذَهَبَ يَضَعُهَا عَلَى عَاتِقِهِ، فَبَدَتْ عَوْرَتُهُ مِنْ صِغَرِهَا، فَنُودِيَ يَا مُحَمَّدُ خَمِّرْ عَوْرَتَكَ، فَلَمْ يُرَ عُرْيَانًا بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ، وَبَيْنَ الْمَبْعَثِ خَمْسُ سِنِينَ.

وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: لَمَّا بَلَغَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحُلُمَ أَجْمَرَتِ امْرَأَةٌ الْكَعْبَةَ، فَطَارَتْ شَرَارَةٌ مِنْ مِجْمَرِهَا فِي ثِيَابِ الْكَعْبَةِ، فَاحْتَرَقَتْ، فَشَاوَرَتْ قُرَيْشٌ فِي هَدْمِهَا وَهَابُوهُ، فَقَالَ الْوَلِيدُ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُهْلِكُ مَنْ يُرِيدُ الْإِصْلَاحَ، ثُمَّ هُدِمَ، فَلَمَّا رَأَوْهُ سَالِمًا، تَابَعُوهُ.

قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: وَأَخْبَرَنَا ابْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: قَالَ مُجَاهِدٌ: وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْبَعْثَةِ بِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، وَبِهِ جَزَمَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ الْحَافِظُ: وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يَكُونَ الْحَرِيقُ تَقَدَّمَ وَقْتُهُ عَلَى الشُّرُوعِ فِي الْبِنَاءِ.

وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ السَّيْلَ كَانَ يُصِيبُ الْكَعْبَةَ، فَتَسَاقَطَ مِنْ بِنَائِهَا، وَكَانَتْ رَضْمًا فَوْقَ الْقَامَةِ، فَأَرَادَتْ قُرَيْشُ رَفْعَهَا، وَتَسْقِيفَهَا، وَذَلِكَ أَنَّ نَفَرًا سَرَقُوا كَنْزَهَا وَجَمَعَ بِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ أَنَّ سَبَبَ الْبِنَاءِ الْأُمُورُ الثَّلَاثَةُ.

وَلِلطَّبَرَانِيِّ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ فِي جَامِعِهِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ: أَنَّ اسْمَ النَّجَّارِ الَّذِي بَنَاهَا لِقُرَيْشٍ بَاقُومَ، بِمُوَحَّدَةٍ فَأَلِفٍ فَقَافٍ مَضْمُومَةٍ فَوَاوٍ سَاكِنَةٍ فَمِيمٍ.

وَعِنْدَ ابْنِ رَاهَوَيْهِ «عَنْ عَلِيٍّ: " فَلَمَّا أَرَادُوا رَفْعَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ اخْتَصَمُوا فِيهِ، فَقَالُوا: يَحْكُمُ بَيْنَنَا أَوَّلُ مَنْ يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ السِّكَّةِ، فَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلَ مَنْ خَرَجَ، فَحَكَمَ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي ثَوْبٍ، ثُمَّ يَرْفَعُهُ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ» "، وَلِلطَّيَالِسِيِّ: " قَالُوا: نُحَكِّمُ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ، فَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ مِنْهُ، فَأَخْبَرُوهُ، فَأَمَرَ بِثَوْبٍ، فَوَضَعَ الْحَجَرَ فِي وَسَطِهِ وَأَمَرَ كُلَّ فَخْذٍ أَنْ يَأْخُذُوا بِطَائِفَةٍ مِنَ الثَّوْبِ، فَرَفَعُوهُ، ثُمَّ أَخَذَهُ فَوَضَعَهُ بِيَدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، (اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ) جَمْعُ قَاعِدَةٍ، وَهِيَ الْأَسَاسُ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: عَنْ عَائِشَةَ: " «سَأَلْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْجِدَارِ مِنَ الْبَيْتِ هُوَ؟ قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>