للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثَّانِيَةَ، وَيَأْتِي تَوْجِيهُهُمَا مَعًا، وَلَا إِشْكَالَ فِي الرِّوَايَتَيْنِ مَعَ قَوْلِهِ: (وَكَانَ الْبَيْتُ يَوْمَئِذٍ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ) أَمَّا عَلَى رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَالْجُمْهُورُ بِإِفْرَادِ عَمُودٍ فِيهِمَا، فَمُشْكِلٌ مَعَ قَوْلِهِ: وَكَانَ الْبَيْتُ. . . إِلَخْ، لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ مَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ اثْنَانِ، وَجُمِعَ بِأَنَّهُ حَيْثُ ثَنَّى أَشَارَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ الْبَيْتُ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَيْثُ أَفْرَدَ، أَشَارَ إِلَى مَا صَارَ إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَيَوْمَئِذٍ إِلَيْهِ قَوْلُهُ: وَكَانَ الْبَيْتُ يَوْمَئِذٍ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ تَغَيَّرَ عَنْ هَيْئَتِهِ الْأُولَى.

وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: لَفْظُ عَمُودٍ جِنْسٌ يَحْتَمِلُ الْوَاحِدَ وَالِاثْنَيْنِ، فَهُوَ مُجْمَلٌ بَيَّنَتْهُ رِوَايَةُ التَّثْنِيَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنِ الْأَعْمِدَةَ لَمْ تَكُنْ عَلَى سَمْتٍ وَاحِدٍ بَلِ اثْنَانِ عَلَى سَمْتٍ، وَالثَّالِثُ عَلَى غَيْرِ سَمْتِهِمَا، وَيُشْعِرُ بِهِ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: صَلَّى بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْمُقَدَّمَيْنِ.

قَالَ الْحَافِظُ: وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا رِوَايَةُ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ اللَّتَانِ عَلَى يَسَارِ الدَّاخِلِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ عَمُودَانِ عَلَى الْيَسَارِ، وَأَنَّهُ صَلَّى بَيْنَهُمَا، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ ثَمَّ عَمُودٌ آخَرَ عَلَى الْيَمِينِ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ وَعَلَى غَيْرِ سَمْتِ الْعَمُودَيْنِ، فَيَصِحُّ رِوَايَةُ: جَعَلَ عَنْ يَمِينِهِ عَمُودَيْنِ، وَرِوَايَةُ: جَعَلَ عَمُودًا عَنْ يَمِينِهِ.

قَالَ الْكِرْمَانِيُّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ: وَيَجُوزُ أَنَّ هُنَاكَ ثَلَاثَةَ أَعْمِدَةٍ مُصْطَفَّةٍ، فَصَلَّى إِلَى جَنْبِ الْأَوْسَطِ، فَمَنْ قَالَ: جَعَلَ عَمُودًا عَنْ يَمِينِهِ، وَعَمُودًا عَنْ يَسَارِهِ، لَمْ يَعْتَبِرِ الَّذِي صَلَّى إِلَى جَنْبِهِ، وَمَنْ قَالَ: عَمُودَيْنِ اعْتَبَرَهُ وَفِيهِ بُعْدٌ، وَأَبْعَدُ مِنْهُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: انْتَقَلَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ، وَلَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ بِذَلِكَ أَقِلَّتُهُ، وَفِيهِ اخْتِلَافٌ رَابِعٌ، قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ: جَعَلَ عَمُودَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَمُودَيْنِ فِي يَسَارِهِ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنْ يَكُونَ هُنَاكَ أَرْبَعَةُ أَعْمِدَةٍ اثْنَانِ مُجْتَمِعَانِ، وَاثْنَانِ مُنْفَرِدَانِ، فَوَقَفَ عِنْدَ الْمُجْتَمِعَيْنِ، لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَكَانَ الْبَيْتُ يَوْمَئِذٍ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَثَلَاثَةَ أَعْمِدَةٍ وَرَاءَهُ، وَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَمْ يُتَابِعْ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ عَلَى ذَلِكَ.

(ثُمَّ صَلَّى) رَكْعَتَيْنِ كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ، وَالْبَزَّارُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَفْوَانَ، وَشَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ.

وَزَادَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَتِهِ: وَجَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ نَحْوَ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ.

وَلِابْنِ مَهْدِيٍّ وَابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ عُفَيْرٍ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ لَمْ يَقُولُوا نَحْوَ، انْتَهَى.

وَلِلْبُخَارِيِّ، عَنْ فُلَيْحٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " بَيْنَ ذَيْنِكَ الْعَمُودَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ، وَكَانَ الْبَيْتُ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ سَطْرَيْنِ صَلَّى بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ مِنَ السَّطْرِ الْمُتَقَدِّمِ، وَجَعَلَ بَابَ الْبَيْتِ خَلْفَ ظَهْرِهِ "، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: " وَعِنْدَ الْمَكَانِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مَرْمَرَةٌ حَمْرَاءُ ".

قَالَ الْحَافِظُ: وَكُلُّ هَذَا إِخْبَارٌ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ الْبَيْتُ قَبْلَ أَنْ يُهْدَمَ وَيُبْنَى زَمَنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ.

فَأَمَّا الْآنُ فَفِي الْبُخَارِيِّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْكَعْبَةَ مَشَى قِبَلَ الْوَجْهِ حَتَّى يَدْخُلَ وَيَجْعَلَ الْبَابَ قِبَلَ الظَّهْرِ يَمْشِي حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ الَّذِي قِبَلَ وَجْهِهِ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>