للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْأَنْصَارِيَّةِ الْأَوْسِيَّةِ زَوْجِ أَبِي لُبَابَةَ صَحَابِيَّةٌ مَعْرُوفَةٌ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ. (أَنَّ أَبَاهَا) خِدَامًا الصَّحَابِيَّ يُقَالُ هُوَ ابْنُ وَدِيعَةَ وَيُقَالُ ابْنُ خَالِدٍ، وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: يُكَنَّى أَبَا وَدِيعَةَ (زَوَّجَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ) لَمَّا تَأَيَّمَتْ مِنْ أُنَيْسِ بْنِ قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ حِينَ قُتِلَ عَنْهَا يَوْمَ أُحُدٍ كَمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ مُرْسَلًا وَأَخْرَجَهُ الْوَاقِدِيُّ عَنِ الْخَنْسَاءِ نَفْسِهَا، وَأُنَيْسٌ بِالتَّصْغِيرِ وَسَمَّاهُ بَعْضُهُمْ أَنَسًا، وَأَنْكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَفِي الْمُبْهَمَاتِ لِلْقُطْبِ الْقَسْطَلَّانِيِّ أَنَّ اسْمَهُ أُسَيْرٌ وَأَنَّهُ مَاتَ بِبَدْرٍ (فَكَرِهَتْ ذَلِكَ) الرَّجُلَ الَّذِي أَنْكَحَهَا أَبُوهَا إِيَّاهُ، لَمْ يَعْرِفِ الْحَافِظُ اسْمَهُ، قَالَ: نَعَمْ عِنْدَ الْوَاقِدِيِّ أَنَّهُ مِنْ مُزَيْنَةَ، وَعِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّهُ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ (فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فَقَالَتْ: «إِنَّ أَبِي أَنْكَحَنِي رَجُلًا وَإِنَّ عَمَّ وَلَدِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ (فَرَدَّ نِكَاحَهُ) وَجَعَلَ أَمْرَهَا إِلَيْهَا» كَمَا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ.

وَلَهُ «عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ فَأَتَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي وَأَنَا كَارِهَةٌ وَقَدْ مَلَكْتُ أَمْرِي، قَالَ: فَلَا نِكَاحَ لَهُ انْكِحِي مَنْ شِئْتِ فَرَدَّ نِكَاحَهُ وَنَكَحَتْ أَبَا لُبَابَةَ الْأَنْصَارِيَّ» .

وَأَخْرَجَ الْوَاقِدِيُّ «عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِدَامٍ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ أُنَيْسِ بْنِ قَتَادَةَ فَقُتِلَ عَنْهَا يَوْمَ أُحُدٍ فَزَوَّجَهَا أَبُوهَا رَجُلًا مِنْ مُزَيْنَةَ فَكَرِهَتْهُ وَجَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَدَّ نِكَاحَهُ فَتَزَوَّجَهَا أَبُو لُبَابَةَ فَجَاءَتْ بِالسَّائِبِ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ» ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: هَذَا الْحَدِيثُ مُجْمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَالْقَوْلِ بِهِ لِأَنَّ مَنْ قَالَ: لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ قَالَ: لَا يُزَوِّجُ الثَّيِّبَ وَلِيُّهَا أَبًا أَوْ غَيْرَهُ إِلَّا بِإِذْنِهَا وَرِضَاهَا، وَمَنْ قَالَ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْرًا وَأَجَازَهُ بِلَا وَلِيٍّ فَأَوْلَى وَمَعْنَاهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ الثَّيِّبَ لَا يَجُوزُ لِأَبِيهَا وَلَا غَيْرِهِ جَبْرُهَا عَلَى النِّكَاحِ، إِلَّا الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ فَقَالَ: نِكَاحُ الْأَبِ جَائِزٌ عَلَى بِنْتِهِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا أُكْرِهَتْ أَمْ لَا، قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِقَوْلِهِ فِي الثَّيِّبِ.

وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: " «لَيْسَ لِلْوَلِيِّ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْرٌ» " وَاخْتُلِفَ فِي بُطْلَانِهِ وَلَوْ رَضِيَتْ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ: لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقُلْ لِخَنْسَاءَ إِلَّا أَنْ تُجِيزِي، وَكَذَا قَالَ مَالِكٌ: إِلَّا أَنْ تَرْضَى بِالْقُرْبِ بِالْبَلَدِ فَيَجُوزُ لِأَنَّهُ كَانَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَفَوْرٍ وَاحِدٍ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ: لَهَا أَنْ تُجِيزَهُ فَيَجُوزَ أَوْ تُبْطِلَهُ فَيَبْطُلَ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.

وَأَمَّا حَدِيثُ النَّسَائِيِّ «عَنْ جَابِرٍ: " أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَهِيَ بِكْرٌ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهَا فَأَتَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا» " فَحَمَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى أَنَّهُ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ كُفُؤٍ أَمَّا إِذَا زَوَّجَهَا بِكُفُؤٍ فَيَنُفُذُ وَلَوْ طَلَبَتْ هِيَ كُفُؤًا غَيْرَهُ لِأَنَّهَا مُجْبَرَةٌ فَلَيْسَ لَهَا اخْتِيَارُ الْأَزْوَاجِ، وَالْأَبُ أَكْمَلُ نَظَرًا مِنْهَا بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُجْبِرِ فَلَا يُزَوِّجُهَا إِلَّا مِمَّنْ عَيَّنَتْهُ لِأَنَّ إِذْنَهَا شَرْطٌ فِي أَصْلِ تَزْوِيجِهَا فَاعْتُبِرَ تَعْيِينُهَا. انْتَهَى، وَهُوَ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ.

أَمَّا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا كَلَامَ لِلْبِكْرِ مَعَ الْأَبِ وَلَوْ زَوَّجَهَا بِغَيْرِ كُفُؤٍ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ زَوَّجَهَا بِذِي عَيْبٍ لَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>