للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالنُّصْبِ عَطْفًا عَلَى " أَصُبَّ " (فَعَلْتُ) ذَلِكَ (فَذَكَرَتْ) بِإِسْكَانِ التَّاءِ (ذَلِكَ بَرِيرَةُ لِأَهْلِهَا) لِمَوَالِيهَا (فَقَالُوا: لَا) نَبِيعُكِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ (إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَنَا وَلَاؤُكِ، قَالَ مَالِكٌ: قَالَ يَحْيَى بْن سَعِيدٍ) شَيْخُهُ (فَزَعَمَتْ عَمْرَةُ) الزَّعْمُ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْقَوْلِ الْمُحَقَّقِ أَيْ قَالَتْ (أَنَّ عَائِشَةَ ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» ) لَا لِغَيْرِهِ، وَظَاهِرُهُ جَوَازُ بِيعِ رَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ إِذَا رَضِيَ بِذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يُعَجِّزْ نَفْسَهُ، قَوْلُ أَحْمَدَ وَرَبِيعَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَلَى تَفَاصِيلَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَمَنَعَهُ مَالِكٌ فِي الْمَشْهُورِ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْهِ، وَأَجَابُوا عَنْ قِصَّةِ بَرِيرَةَ بِأَنَّهَا عَجَّزَتْ نَفْسَهَا وَاسْتَدَلُّوا بِاسْتِعَانَةِ بَرِيرَةَ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ، وَلَيْسَ فِي اسْتِعَانَتِهَا مَا يَسْتَلْزِمُ الْعَجْزَ وَلَا سِيَّمَا مَعَ الْقَوْلِ بِجَوَازِ مَنْ لَا مَالَ عِنْدَهُ وَلَا حِرْفَةَ لَهُ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ حَدِيثِ بَرِيرَةَ أَنَّهَا عَجَزَتْ عَنْ أَدَاءِ النَّجْمِ وَلَا أَخْبَرَتْ بِأَنَّهُ قَدْ حَلَّ عَلَيْهَا شَيْءٌ، وَلَمْ يَرِدْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ اسْتِفْصَالُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، لَكِنْ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: أَشْبَهُ مَا قِيلَ إِنَّهَا عَجَزَتْ، كَمَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَقْضِيَ عَنْكِ كِتَابَتَكِ لِأَنَّهُ لَا يُقْضَى مِنَ الْحُقُوقِ إِلَّا مَا وَجَبَتِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَوَّلَ قَوْلَهَا " كَاتَبْتُ أَهْلِي " فَقَالَ: مَعْنَاهُ رَاوَضْتُهُمْ وَاتَّفَقْتُ مَعَهُمْ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ وَلَمْ يَقَعِ الْعَقْدُ فَبَعْدَ رَدِّ ذَلِكَ بِيعَتْ، فَلَا حُجَّةَ فِيهِ عَلَى بَيْعِ الْمُكَاتَبِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ سِيَاقِ الْحَدِيثِ، وَقِيلَ: الَّذِي اشْتَرَتْهُ عَائِشَةُ كِتَابَةُ بَرِيرَةَ لَا رَقَبَتُهَا، وَقَدْ أَجَازَهُ مَالِكٌ وَقَالَ: يُؤَدَّى إِلَى الْمُشْتَرِي فَإِنْ عَجَزَ رَقَّ لَهُ. وَمَنَعَهُ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَرَأَيَاهُ غَرَرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يَحْصُلُ لَهُ النُّجُومُ أَوِ الرَّقَبَةُ، وَاسْتَبْعَدَهُ الْقُرْطُبِيُّ أَيْضًا، وَقِيلَ: إِنَّهُمْ بَاعُوهَا بِشَرْطِ الْعِتْقِ، وَإِذَا وَقَعَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ صَحَّ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: يَبْطُلُ. وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الثَّلَاثَةِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْقَاسِمِ، كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَتَابَعَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، وَيَحْيَى الْقَطَّانُ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ عِنْدَ أَصْحَابِ السُّنَنِ، أَرْبَعَتُهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِنَحْوِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>