للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَجْمَاءَ لِأَنَّهَا لَا تَتَكَلَّمُ (جُبَارٌ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ هَدَرٌ لَا شَيْءَ فِيهِ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: جَرْحُهَا جِنَايَتُهَا، وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ جِنَايَتَهَا نَهَارًا وَجَرْحَهَا بِلَا سَبَبٍ فِيهِ لِأَحَدٍ أَنَّهُ هَدَرٌ لَا دِيَةَ فِيهِ وَلَا أَرْشَ، أَيْ فَلَا يَخْتَصُّ الْهَدَرُ بِالْجِرَاحِ بَلْ كُلُّ الْإِتْلَافَاتِ مُلْحَقَةٌ بِهَا، قَالَ عِيَاضٌ: وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْجَرْحِ ; لِأَنَّهُ الْأَغْلَبُ أَوْ هُوَ مِثَالٌ نَبَّهَ بِهِ عَلَى مَا عَدَاهُ.

وَفِي رِوَايَةِ التِّنِّيسِيِّ عَنْ مَالِكٍ: الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ وَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ تَقْدِيرٍ؛ إِذْ لَا مَعْنَى لِكَوْنِ الْعَجْمَاءِ نَفْسِهَا جُبَارًا، وَدَلَّتْ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ: " «الْعَجْمَاءُ جَرَحُهَا جُبَارٌ» "، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْمُقَدَّرَ هُوَ جُرْحُهَا فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ لَا يَخْتَصُّ بِالْجُرْحِ كَمَا عُلِمَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ رِوَايَةً تَعَيَّنَ الْمُقَدَّرُ لَمْ يَكُنْ لِرِوَايَةٍ التِّنِّيسِيِّ عُمُومٌ فِي جَمِيعِ الْمُقَدَّرَاتِ الَّتِي يَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ بِتَقْدِيرٍ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى الصَّحِيحِ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْمُبْتَدَأَ لَا عُمُومَ لَهُ.

(وَالْبِئْرُ) بِكَسْرٍ الْمُوَحَّدَةِ وَبَاءٍ سَاكِنَةٍ مَهْمُوزَةٍ وَيَجُوزُ تَسْهِيلُهَا وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَيَجُوزُ تَذْكِيرُهَا عَلَى مَعْنَى الْقَلِيبِ وَالطَّوَى (جُبَارٌ) هَدَرٌ لَا ضَمَانَ عَلَى رَبِّهَا فِي كُلِّ مَا سَقَطَ فِيهَا بِغَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ إِذَا حَفَرَهَا فِي مَوْضِعٍ يَجُوزُ حَفْرُهَا فِيهِ كَمِلْكِهِ أَوْ دَارِهِ أَوْ فِنَائِهِ أَوْ فِي صَحْرَاءَ لِمَاشِيَةٍ أَوْ طَرِيقٍ وَاسِعٍ مُحْتَمِلٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَدَاوُدَ وَأَصْحَابِهِمْ قَالَهُ فِي التَّمْهِيدِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْمُرَادُ بِالْبِئْرِ هُنَا الْعَادِيَّةُ الْقَدِيمَةُ الَّتِي لَا يُعْلَمُ لَهَا مَالِكٌ تَكُونُ فِي الْبَادِيَةِ فَيَقَعُ فِيهَا إِنْسَانٌ أَوْ دَابَّةٌ فَلَا شَيْءَ فِي ذَلِكَ عَلَى أَحَدٍ انْتَهَى، وَهَذَا تَضْيِيقٌ.

(وَالْمَعْدِنُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَتَيْنِ الْمَكَانُ مِنَ الْأَرْضِ يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ مِنَ الْجَوَاهِرِ وَالْأَجْسَادِ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ وَرَصَاصٍ وَكِبْرِيتٍ وَغَيْرِهَا مِنْ " عَدَنَ " بِالْمَكَانِ إِذَا أَقَامَ بِهِ " يَعْدِنُ " بِالْكَسْرِ " عُدُونًا " سُمِّيَ بِهِ لِعُدُونِ مَا أَنْبَتَهُ اللَّهُ فِيهِ كَمَا قَالَ الْأَزْهَرِيُّ أَيْ إِقَامَتُهُ إِذَا انْهَارَ عَلَى مَنْ حَفَرَ فِيهِ فَهَلَكَ فَدَمُهُ (جُبَارٌ) لَا ضَمَانَ فِيهِ كَالْبِئْرِ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى أَنَّ مَنِ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَعْمَلَ فِي مَعْدِنٍ فَهَلَكَ فَهَدَرٌ لَا شَيْءَ عَلَى مَنِ اسْتَأْجَرَهُ وَلَا دِيَةَ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَا غَيْرِهِ، وَالْأَصْلُ فِي زَكَاتِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: ٢٦٧] (سورة الْبَقَرَةِ: الْآيَةُ ٢٦٧) وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ مِنْ مَعَادِنِ الْقَبَلِيَّةِ الصَّدَقَةَ.

(وَفِي الرِّكَازِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَخِفَّةِ الْكَافِ فَأَلِفٍ فَزَايٍ وَهُوَ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ فِي الزَّكَاةِ دَفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ (الْخُمُسُ) فِي الْحَالِ لَا بَعْدَ الْحَوْلِ بِاتِّفَاقٍ، سَوَاءٌ كَانَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوِ الْحَرْبِ، قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، نَقْدًا أَوْ غَيْرَهُ كَنُحَاسٍ وَجَوْهَرٍ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ، وَفِي بَعْضِ ذَلِكَ خِلَافٌ قَدَّمْتُهُ فِي الزَّكَاةِ، وَإِنَّهُ إِنَّمَا كَانَ فِيهِ الْخُمُسُ لِأَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ فِي اسْتِخْرَاجِهِ إِلَى عَمَلٍ وَمُؤْنَةٍ وَمُعَالَجَةٍ بِخِلَافِ الْمَعْدِنِ أَوْ لِأَنَّهُ مَالُ كَافِرٍ، فَنُزِّلَ وَاجِدُهُ مَنْزِلَةَ الْغَانِمِ فَكَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ، وَتَفْسِيرُهُ بِدَفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ هُوَ مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ سَمَاعِهِ مِنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>