للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[كِتَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ] [بَاب الْعَمَلِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

بَاب الْعَمَلِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ

حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ «خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتْ الشَّمْسُ فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللَّهَ وَكَبِّرُوا وَتَصَدَّقُوا ثُمَّ قَالَ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرَ مِنْ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا»

ــ

١٢ - كِتَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ.

١ - بَابُ الْعَمَلِ فِي صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ.

مَصْدَرُ كَسَفَتِ الشَّمْسُ؛ بِفَتْحِ الْكَافِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا وَهُوَ نَادِرٌ.

وَفِي مُسْلِمٍ، عَنْ عُرْوَةَ: " لَا تَقُولُوا كَسَفَتِ الشَّمْسُ وَلَكِنْ قُولُوا خَسَفَتْ " لَكِنَّ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ تُخَالِفُهُ لِثُبُوتِهَا بِلَفْظِ الْكُسُوفِ فِي الشَّمْسِ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ، وَالْمَشْهُورُ فِي اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْكُسُوفَ لِلشَّمْسِ وَالْخُسُوفَ لِلْقَمَرِ، وَاخْتَارَهُ ثَعْلَبٌ، وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ أَنَّهُ أَفْصَحُ وَقِيلَ: مُتَعَيَّنٌ، وَعَنْ بَعْضِهِمْ عَكْسُهُ، وَغَلَّطَهُ عِيَاضٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَخَسَفَ الْقَمَرُ} [القيامة: ٨] (سُورَةُ الْقِيَامَةِ: الْآيَةُ ٨) وَقِيلَ: يُقَالُ بِهِمَا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَبِهِ جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَدْلُولَ الْكُسُوفِ لُغَةً غَيْرُ مَدْلُولِ الْخُسُوفِ؛ لِأَنَّ الْكُسُوفَ التَّغَيُّرُ إِلَى سَوَادٍ، وَالْخُسُوفَ النُّقْصَانُ أَوِ الذُّلُّ، فَإِذَا قِيلَ فِي الشَّمْسِ كَسَفَتْ أَوْ خَسَفَتْ؛ لِأَنَّهَا تَتَغَيَّرُ وَيَلْحَقُهَا النَّقْصُ سَاغَ وَكَذَلِكَ الْقَمَرُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ تَرَادُفُهُمَا، وَقِيلَ بِالْكَافِ فِي الِابْتِدَاءِ وَبِالْخَاءِ فِي الِانْتِهَاءِ، وَقِيلَ بِالْكَافِ لِذَهَابِ جَمِيعِ الضَّوْءِ وَبِالْخَاءِ لِبَعْضِهِ، وَقِيلَ بِالْخَاءِ لِذَهَابِ كُلِّ اللَّوْنِ وَبِالْكَافِ لِتَغَيُّرِهِ، وَزَعَمَ أَهْلُ الْهَيْئَةِ أَنَّ كُسُوفَ الشَّمْسِ لَا حَقِيقَةَ لَهُ، فَإِنَّهَا لَا تَتَغَيَّرُ فِي نَفْسِهَا وَإِنَّمَا الْقَمَرُ يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا وَنُورُهَا بَاقٍ، وَأَمَّا كُسُوفُ الْقَمَرِ فَحَقِيقَةٌ فَإِنَّ ضَوْءَهُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ، وَكُسُوفُهُ بِحَيْلُولَةِ ظِلِّ الْأَرْضِ بَيْنَ الشَّمْسِ وَبَيْنَهُ بِنُقْطَةِ التَّقَاطُعِ فَلَا يَبْقَى فِيهِ ضَوْءٌ الْبَتَّةَ، فَخُسُوفُهُ ذَهَابُ ضَوْئِهِ حَقِيقَةً، وَأَبْطَلَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بِأَنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّ الشَّمْسَ أَضْعَافُ الْقَمَرِ فَكَيْفَ يَحْجِبُ الْأَصْغَرُ الْأَكْبَرَ إِذَا قَابَلَهُ؟

وَفِي الْكُسُوفِ فَوَائِدُ: ظُهُورُ التَّصَرُّفِ فِي هَذَيْنِ الْخَلْقَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ، وَإِزْعَاجُ الْقُلُوبِ الْغَافِلَةِ وَإِيقَاظُهَا، وَلِيَرَى النَّاسُ أُنْمُوذَجَ الْقِيَامَةِ، وَكَوْنُهُمَا يُفْعَلُ بِهِمَا ذَلِكَ ثُمَّ يُعَادَانِ فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى خَوْفِ الْمَكْرِ وَرَجَاءِ الْعَفْوِ، وَالْإِعْلَامُ بِأَنَّهُ قَدْ يُؤْخَذُ مَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ فَكَيْفَ مَنْ لَهُ ذَنْبٌ؟

٤٤٤ - ٤٤٥ - (مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا قَالَتْ: خَسَفَتْ) بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالسِّينِ لَازِمٌ (الشَّمْسُ) ، وَيَجُوزُ الضَّمُّ وَكَسْرُ السِّينِ عَلَى أَنَّهُ مُتَعَدٍّ، وَحَكَى ابْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>