للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

- فتوح المسلمين في خلافة عثمان:

حكم عثمان رضي اللَّه عنه اثني عشر عاماً وكانت خلافته فتحاً وفوزاً للمسلمين امتدت سطوتهم إلى بلاد النوبة في مصر واتصلت بحدود الهند حتى ضربت النقود الإسلامية على ما قيل بهراة، وأنشؤوا الأساطيل بعد أن لم يكن لهم سفينة واحدة في البحر وغزوا الجزر، وحاربوا في البحر، وزادت هيبتهم في نفوس الدول الأخرى، ولا سيما الروم، وفتح المسلمون شمالي أفريقية، وقتلوا آخر ملك للفرس وغزوا الترك، وواصلوا الفتوح حتى القوقاز مجتازين الفيافي والقفار والجبال، واستولوا على جزيرة قبرس ورودس، واستأذن معاوية بفتح القسطنطينية فأذن له فسار إليها ورجع عنها بعد أن حاصرها مدة.

تمت كل هذه الفتوح العظيمة بسرعة مدهشة لم يعهدها التاريخ من قبل بالرغم من الفتن الداخلية والنقمة على عثمان، وبالرغم من لين الخليفة وشدّة حياته، لأن المسلمين كانوا يجاهدون في سبيل اللَّه بقوة إيمانهم وقد ذاقوا حلاوة الفتح والنصر والغنائم، فلم يكن يعوقهم عن الفتح عائق. وقد قامت هذه الفتوح على يد الولاة الذين ولاَّهم عثمان أمثال الوليد وسعيد بن العاص وعبد اللَّه بن عامر وعبد اللَّه بن سعد بن أبي سرح ومعاوية. فلا غرو إذا قلنا إن عهد عثمان كان عهد فوز للمسلمين كانت هذه الفتوح العظيمة سبباً في اتساع الدنيا على الصحابة. فكثرت الأموال حتى كان الفَرس يُشترى بمائة ألف، وحتى كان البستان يباع بالمدينة بأربعمائة ألف درهم، وكانت المدينة عامرة كثيرة الخيرات والأموال والناس يجبى إليها خراج الممالك وهي دار الأمان، وقبة الإسلام، فبطر لناس بكثرة الأموال والخيل والنعم وفتحوا أقاليم الدنيا واطمأنوا وتفرغوا. ثم أخذوا ينقمون على خليفتهم.

<<  <   >  >>