للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

- إسلامه (١) :

أسلم عثمان رضي اللَّه عنه في أول الإسلام قبل دخول رسول اللَّه دار الأرقم، وكانت سنِّه قد تجاوزت الثلاثين، دعاه أبو بكر إلى الإسلام فأسلم، ولما عرض أبو بكر عليه الإسلام قال له: ويحك يا عثمان واللَّه إنك لرجل حازم ما يخفى عليك الحق من الباطل، هذه الأوثان التي يعبدها قومك، أليست حجارة صماء لا تسمع، ولا تبصر، ولا تضر، ولا تنفع؟ فقال: بلى، واللَّه إنها كذلك، قال أبو بكر: هذا محمد بن عبد اللَّه قد بعثه اللَّه برسالته إلى جميع خلقه، فهل لك أن تأتيه وتسمع منه؟ فقال: نعم.

وفي الحال مرَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال: "يا عثمان أجب اللَّه إلى جنته فإني رسول اللَّه إليك وإلى ⦗٢٢⦘ جميع خلقه". قال: فواللَّه ما ملكت حين سمعت قوله أن أسلمت، وشهدت أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأن محمد رسول عبده ورسوله، ثم لم ألبث أن تزوجت رقية. وكان يقال: أحسن زوجين رآهما إنسان، رقية وعثمان. كان زواج عثمان لرقية بعد النبوة لا قبلها، كما ذكر السيوطي (٢) ذلك خطأ.

وفي طبقات ابن سعد: قال عثمان: يا رسول اللَّه قدمت حديثاً من الشام، فلما كنا بين معان والزرقاء فنحن كالنيام إذا منادٍ ينادينا: أيها النيام هبّوا فإن أحمد قد خرج بمكة فقدمنا فسمعنا بك.

وفي إسلام عثمان تقول خالته سعدى:

هدى اللَّه عثمان الصفيَّ بقوله ... فأرشده واللَّه يهدي إلى الحق

فبايع بالرأي السديد محمداً ... وكان ابن أروى لا يصد عن الحق

وأنكحه المبعوث إحدى بناته ... فكان كبدر مازج الشمس في الأفق

فداؤك يا ابن الهاشميين مهجتي ... فأنت أمين اللَّه أرسلت في الخلق

لما أسلم عثمان أخذه عمه الحكم بن أبي العاص بن أمية فأوثقه رباطاً وقال: أترغب عن ملة آبائك إلى دين محدث! واللَّه لا أخليك أبداً حتى تدع ما أنت عليه من هذا الدين. فقال: واللَّه لا أدعه أبداً. فلما رأى الحكم صلابته في دينه تركه (٣) .

وفي غداة اليوم الذي أسلم فيه عثمان جاء أبو بكر بعثمان بن مظعون (٤) وأبي عبيدة بن ⦗٢٣⦘ الجراح (٥) ، وعبد الرحمن بن عوف (٦) ، وأبي مسلمة بن عبد الأسد، والأرقم بن أبي الأرقم، فأسلموا وكانوا مع من اجتمع مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ثمانية وثلاثين رجلاً.

وأسلمت أخت عثمان آمنة بنت عفان، وأسلم أخوته لأمه الوليد وخالد وعمارة، أسلموا يوم الفتح، وأم كلثوم، وبنو عقبة بن أبي معيط ابن عمرو بن أمية أمهم كلهم أروى، ذكر ذلك الدارقطني في كتاب الأخوة، وذكر أن أم كلثوم من المهاجرات الأُوَل، يقال: إنها أول قرشية بايعت النبي صلى اللَّه عليه وسلم، وأنكحها زيد بن حارثة، ثم خلقه عليها عبد الرحمن بن عوف ثم تزوجها الزبير بن العوام (٧) .


(١) الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج ٢/ص ٦٩٢، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج ٣/ص ٧٤.
(٢) السيوطي، تاريخ الخلفاء ص ١١٨.
(٣) السيوطي، تاريخ الخلفاء ص ١١٩، ابن سعد، الطبقات الكبرى ج ٣/ص ٥٥.
(٤) هو عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة الجمحي، أبو السائب، صحابي، كان من حكماء العرب في الجاهلية، يحرم الخمر، أسلم بعد ١٣ رجلاً، وهاجر إلى أرض الحبشة مرتين، أراد التبتل والسياحة في الأرض زهداً بالحياة، فمنعه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فاتخذ بيتاً يتعبد فيه، فأتاه النبي صلى اللَّه عليه وسلم فأخذ بعضادتي البيت، وقال: "يا عثمان، إن اللَّه لم يبعثني بالرهبانية - مرتين أو ثلاثاً - وإن خير الدين عند اللَّه الحنفية السمحة"، شهد بدراً، ولما مات جاءه النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقتله ميتاً حتى رُؤيت دموعه تسيل على خد عثمان، وهو أوَّل من مات بالمدينة من المهاجرين وأوَّل من دفن بالبقيع منهم سنة ٢ هـ. للاستزادة راجع: طبقات ابن سعد ج ٣/ص ٢٨٦، الإصابة ترجمة ٥٤٥٥، صفة الصفوة ج ١/ص ١٧٨، حلية الأولياء ج ١/ص ١٠٢، تاريخ الخميس ج ١/ص ٤١١، والمرزباني ٢٥٤.
(٥) هو عامر بن عبد اللَّه بن الجرَّاح بن هلال بن أهيب، ويقال: وُهَيْب بن ضبّة بن الحارث بن فهر، أبو عبيد بن الجرَّاح، القرشي، الفهري، الأمير القائد، فاتح الديار الشامية، صحابي، أحد العشرة المبشرين بالجنة، قال ابن عساكر: داهيتا قريش أبو بكر وأبو عبيدة. كان لقبه: أمين الأمة، ولد بمكة، كان من السابقين إلى الإسلام شهد المشاهد كلها، ولاه عمر قيادة الجيش الزاحف إلى الشام بعد خالد بن الوليد، توفي بطاعون عمواس سنة ١٨ هـ ودفن في غور بيسان، وفي الحديث: "الكل نبي أمين وأميني أبو عبيدة بن الجراح"، رواه ابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق (٧: ١٦٣) .
(٦) هو عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب بن مُرّة بن كعب بن لؤي بن غالب، صحابي وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وهو أحد الستة أصحاب الشورى الذين جعل عمر الخلافة فيهم، وهو أحد السابقين إلى الإسلام، قيل: هو الثامن. المتوفى سنة ٣٢ هـ. للاستزادة راجع: تهذيب الكمال ج ٢/ص ٨٠٩، تهذيب التهذيب ج ٦/ص ٢٤٤، تقريب التهذيب ج ١/ص ٤٩٤، خلاصة تهذيب الكمال ج ٢/ص ١٤٧، الكاشف ج ٢/ص ١٧٩، تاريخ البخاري الكبير ج ٥/ص ٢٣٩، تاريخ البخاري الصغير ج ١/ص ٥٠، الجرح والتعديل ج ٥/ص ٢٤٧، أسد الغابة ج ٣/ص ٤٨٠، الإصابة ج ٤/ص ٣٤٩، تجريد أسماء الصحابة ج ١/ص ٣٥٣، الاستيعاب ج ٢/ص ٨٤٤، سير أعلام النبلاء ج ١/ص ٦٨، البداية والنهاية ج ٧/ص ١٦٣، أسماء الصحابة الرواة ترجمة ٥١، الأعلام ج ٣/ص ٣٢١، صفة الصفوة ج ١/ص ١٣٥، حلية الأولياء ج ١/ص ٩٨، تاريخ الخميس ج ٢/ص ٢٥٧، البدء والتاريخ ج ٥/ص ٨٦، الرياض النضرة ج ٢/ص ٢٨١، الجمع بين رجال الصحيحين، الطبقات الكبرى ج ٢/ص ١١٠.
(٧) هو الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي، الأسدي، القرشي، أبو عبد اللَّه، الصحابي الشجاع، أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأول من سَلَّ سيفه في الإسلام، وهو ابن عمة النبي صلى اللَّه عليه وسلم، أسلم وعمره ١٢ سنة، شهد بدراً، وأحد، وغيرهما، كان على بعض الكراديس في اليرموك، شهد الجابية مع عمر بن الخطاب، قالوا: كان في صدر ابن الزبير أمثال العيون في الطعن والرمي، وجعله عمر في من يصلح للخلافة بعده، وكان موسراً، كثير المتاجر، خلف أملاكاً بيعت بنحو أربعين مليون درهم، كان طويلاً جداً إذا تخط رجلاه الأرض، قتله ابن جرموز غيلة يوم الجمل، بوادي السباع، كان خفيف اللحية أسمر اللون، كثير الشعر، للاستزادة راجع: تهذيب التهذيب ج ٣/ص ٣١٨، تقريب التهذيب ج ١/ص ٢٥٩، خلاصة تهذيب الكمال ج ١/ص ٣٣٤، الكاشف ج ١/ص ٣٢٠، تاريخ البخاري الكبير ج ٣/ص ٣٢٠، تاريخ البخاري الكبير ج ٣/ص ٤٠٩، تاريخ البخاري الصغير ج ١/ص ٣٦، أسد الغابة ج ٢/ص ٢٤٩، صفة الصفوة ج ١/ص ١٣٢، حلية الأولياء ج ١/ص ٨٩.

<<  <   >  >>