للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

- وفاة عبادة بن الصامت الأنصاري (١) (سنة ٣٤ هـ/ ٦٥٥ م) :

اسمه غنم بن عوف (٢) . شهد العقبة الأولى والثانية. وآخى رسول اللَّه بينه وبين أبي مرثد الغنوي (٣) . وشهد بدراً، وأُحداً، والخندق، والمشاهد كلها مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم. واستعمله رسول ⦗١٢٣⦘ اللَّه على بعض الصدقات وقال له: "اتق اللَّه. لا تأتي يوم القيامة ببعير تحمله له رغاء أو شاة لها ثؤاج" (٤) . قال: "فوالذي بعثك بالحق لا أعمل على اثنين". وهو من الذين جمعوا القرآن زمن رسول اللَّه. وكان عبادة يعلم أهل الصفة القرآن. ولما فتح المسلمون الشام أرسله عمر بن الخطاب، وأرسل معه معاذ بن جبل (٥) وأبا الدرداء، ليعلموا الناس القرآن بالشام ويفقهوهم في الدين. وأقام عبادة بحمص، وأقام أبو الدرداء بدمشق، ومضى معاذ إلى فلسطين، ثم صار عبادة بعد إلى فلسطين. وكان معاوية خالفه في شيء أنكره عبادة فأغلظ له معاوية في القول فقال عبادة: لا أساكنك بأرض واحدة أبداً ورحل إلى المدينة. فقال عمر: ما أقدمك؟ فأخبره، فقال: ارجع إلى مكانك لا يفتح اللَّه أرضاً لست فيها أنت ولا أمثالك. وكتب إلى معاوية: لا إمرة لك عليه.

وبايع عبادة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم على أن لا يخاف في اللَّه لومة لائم. فقام في الشام خطيباً فقال:

"يا أيها الناس. إنكم قد أحدثتم بيوعاً لا أدري ما هي. ألا إن الفضة بالفضة وزناً بوزن، تبرها وعينها. والذهب بالذهب وزناً بوزن تبره وعينه. ألا ولا بأس ببيع الذهب بالفضة يداً بيد والفضة أكثر ولا يصلح نسيئة. ألا وإن الحنطة بالحنطة مدْياً بمدى. والشعير بالشعير مدياً بمدي (٦) . ألا ولا بأس ببيع الحنطة بالشعير والشعير أكثرهما يداً بيد، ولا يصلح نسيئة، والتمر بالتمر مدياً بمدي، والملح بالملح مدياً بمدي، ومن زاد أو ازداد فقد أربى".

وعبادة أحد النقباء. بدري كبير، وكان طويلاً جسيماً جميلاً من كبار زاد العلماء. توفي بالرملة. وقيل: توفي ببيت المقدس وهو ابن اثنتين وسبعين سنة.


(١) ابن الأثير الكامل في التاريخ ج ٣/ص ٤٥.
(٢) عبادة بن الصامت الأنصاري الخزرجي، شهد العقبة الأولى والثانية، وكان نقيباً على قوافل بني عوف بن الخزرج، وآخى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بينه وبين أبي مرئد الغنوي، وشهد بدراً، وأُحداً، والمشاهد كلها مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، واستعمله على بعض الصدقات، وكان يعلم أهل الصفة القرآن، ولما فتح المسلمون الشام، أرسله عمر بن الخطاب، وأرسل معه معاذ بن جبل، وأبا الدرداء ليعلموا الناس القرآن ويفقهوهم في الدين، وأقام عبادة بحمص وكان طويلاً جسيماً جميلاً.
(٣) هو مرثد بن كنَّاز بن الحصين بن يربوع الغنوي، صحابي ابن صحابي، من أمراء السرايا، آخى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بينه وبين عبادة بن الصامت، شهد بدراً، وأُحداً، كان يحمل الأسرى، ووجَّهه النبي صلى اللَّه عليه وسلم أميراً على سرية إلى مكة، فاستشهد يوم الرجيع سنة ٤ هـ. للاستزادة راجع: تهذيب التهذيب ج ١٠/ص ٨٢، إمتاع الأسماع ج ١/ص ١٧٤، الإصابة ترجمة ٧٨٨٠، الاستيعاب ج ٣/ص ٤١٠.
(٤) رواه البيهقي في السنن الكبرى (٤: ١٥٨) ، وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق (٧: ٢١٣) .
(٥) هو معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس ولد سنة ٢٠ قبل الهجرة وتوفي سنة ١٨ هـ، الأنصاري، الخزرجي، أبو عبد الرحمن، صحابي جليل، كان أعلم الأمة بالحلال والحرام، هو أحد الستة الذين جمعوا القرآن على عهد النبي صلى اللَّه عليه وسلم. للاستزادة راجع: طبقات ابن سعد ج ٣/ص ٢٥٠، أُسد الغابة ج ٤/ص ٣٠٠، الإصابة ترجمة ٨٠٣٩، حلية الأولياء ج ١/ص ١٧٠، مجمع الزوائد ج ٩/ص ١٨٨، غاية النهاية ج ٢/ص ٢٨٧، صفة الصفوة ج ١/ص ١١١، المحبّر ص ١٢٥.
(٦) المدي: بالضم مكيال تسعة عشر صاعاً، وهو غير المد يسع، والجمع: أمداء.

<<  <   >  >>