للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبصير نعت لسميع وَإِمَّا للتَّخْيِير على بَابهَا وَمعنى التَّخْيِير أَن الله أخبرنَا أَنه اخْتَار قوما للسعادة وقوما للشقاوة فَالْمَعْنى أَن يخلقه إِمَّا سعيدا وَإِمَّا شقيا وَهَذَا من أبين مَا يدل على أَن الله تَعَالَى قدر الاشياء كلهَا وَخلق قوما للسعادة وبعملها يعْملُونَ وقوما للشقاوة وبعملها يعْملُونَ فالتخيير هُوَ اعلام من الله تَعَالَى أَنه يخْتَار مَا يَشَاء وَيفْعل مَا يَشَاء بِجعْل من يَشَاء شاكرا وَمن يَشَاء كَافِرًا وَلَيْسَ التَّخْيِير للانسان وَقيل هِيَ حَال مقدرَة وَالتَّقْدِير إِمَّا أَن يحدث مِنْهُ عِنْد فهمه الشُّكْر فَهُوَ عَلامَة السَّعَادَة وَإِمَّا أَن يحدث مِنْهُ الْكفْر وَهُوَ عَلامَة الشقاوة وَذَلِكَ كُله على مَا سبق فِي علم الله تَعَالَى فيهم وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ أَن تكون مَا زَائِدَة وَإِن للشّرط وَلَا يجوز هَذَا عِنْد الْبَصرِيين لِأَن إِن الَّتِي للشّرط لَا تدخل على الْأَسْمَاء إِذْ لَا يجازى بالأسماء إِلَّا أَن تضمر بعد إِن فعلا فَيجوز نَحْو قَوْله تَعَالَى وَإِن أحد من الْمُشْركين فاضمر استجارك بعد إِن وَدلّ عَلَيْهِ استجارك الثَّانِي فَحسن حذفه وَلَا يُمكن اضمار فعل بعد ان هَاهُنَا لِأَنَّهُ يلْزم رفع شَاكر وكفور بذلك الْفِعْل وَأَيْضًا فانه لَا دَلِيل على الْفِعْل الْمُضمر فِي الْكَلَام وَقيل فِي الْآيَة تَقْدِيم وَتَأْخِير وَالتَّقْدِير انا خلقنَا الانسان من نُطْفَة أمشاج نبتليه إِمَّا شاكرا وَإِمَّا كفورا فجعلناه سميعا بَصيرًا فيكونان حَالين من الانسان على هَذَا وَهُوَ قَول حسن فلار تَخْيِير للانسان فِي نَفسه

<<  <  ج: ص:  >  >>