للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل: ذكر آيَات الْبَيْت الْحَرَام زَاده الله تَشْرِيفًا وتعظيما

ً تقدم فِي بَاب الْفَضَائِل ذكر أَشْيَاء من آيَات الْكَعْبَة الشَّرِيفَة مجملة وَنَذْكُر جملَة الْآيَات هُنَا مفصلة. فَنَقُول: من آياتها: الْحجر الْأسود وَمَا روى فِيهِ " أَنه من الْجنَّة "، وَمَا أشربت قُلُوب الْعَالم من تَعْظِيمه قبل الْإِسْلَام. وَمِنْهَا: بَقَاء بنائها الْمَوْجُود الْآن وَلَا يبْقى هَذِه الْمدَّة غَيرهَا من الْبُنيان على مَا يذكرهُ المهندسون، وَإِنَّمَا بَقَاؤُهَا آيَة من آيَات الله تَعَالَى وَهَذَا مَعْلُوم ضَرُورَة؛ لِأَن الرِّيَاح والأمطار إِذا تَوَاتَرَتْ على مَكَان خرب، والكعبة المعظمة مَا زَالَت الرِّيَاح الْعَاصِفَة والأمطار الْعَظِيمَة تتوالى عَلَيْهَا مُنْذُ بنيت إِلَى تَارِيخه وَذَلِكَ سَبْعمِائة سنة وَتِسْعَة وَأَرْبَعُونَ سنة، وَلم يحدث فِيهَا بِحَمْد الله تَعَالَى تغير فِي بنائها وَلَا خلل، وَغَايَة مَا حدث فِيهَا انكسار فلقَة من الرُّكْن الْيَمَانِيّ وتحرك الْبَيْت مرَارًا وَذَلِكَ فِي سنة اثْنَيْنِ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة، كَمَا ذكره أَبُو شامة فِي " الذيل " وَذكر ابْن الْأَثِير والمؤيد صَاحب حماه فِي أَخْبَار سنة خمس عشرَة وَخَمْسمِائة: أَن الرُّكْن الْيَمَانِيّ تضعضع فِيهَا. وَذكر صَاحب " الْمرْآة " أَن فِي سنة سبع عشرَة وَأَرْبَعمِائَة شعب الْبَيْت الْحَرَام. وَذكر أَبُو عبيد الْبكْرِيّ: أَن فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة انْكَسَرت من الرُّكْن الْيَمَانِيّ فلقَة قدر إِصْبَع. وَلَا تزَال الْكَعْبَة الشَّرِيفَة بَاقِيَة إِلَى أَن يَأْتِي أَمر الله وقضاؤه بتخريب الحبشي لَهَا فِي آخر الزَّمَان. وَمِنْهَا: على مَا قَالَه الجاحظ: إِنَّه لَا يرى الْبَيْت الْحَرَام أحد مِمَّن لم يكن رَآهُ إِلَّا ضحك أَو بَكَى. وَمِنْهَا: وَقع هيبتها فِي الْقُلُوب. وَمِنْهَا: كف الْجَبَابِرَة عَنْهَا مدى الدَّهْر. وَمِنْهَا: إذعان نفوس الْعَرَب وَغَيرهم قاطبة لتوقير هَذِه الْبقْعَة دون ناه وَلَا زاجر ذكره ابْن عَطِيَّة. وَمِنْهَا: كَونهَا بواد غير ذِي زرع، والأرزاق من كل قطر تجئ إِلَيْهَا عَن قرب وَعَن بعد. وَمِنْهَا: الأمنة الثَّابِتَة فِيهَا على قديم الدَّهْر، وَأَن الْعَرَب كَانَت يُغير بَعْضهَا على بعض وَيُتَخَطَّف النَّاس بِالْقَتْلِ وَأخذ الْأَمْوَال وأنواع الظُّلم إِلَّا فِي الْحرم، وابتنى على هَذَا أَمن الْحَيَوَان فِيهِ وسلامة الشّجر، وَذَلِكَ كُله للبركة الَّتِي خصها الله بهَا وللدعوة من الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام فِي قَوْله: " اجْعَل هَذَا بَلَدا آمنا ". وَالْعرب تَقول: آمن من حمام مَكَّة. تضرب الْمثل بهَا فِي الْأَمْن؛ لِأَنَّهَا لَا تهاج

<<  <   >  >>