للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَمِيص وَلَا عِمَامَة، وَكَانَ فِي حنوطه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمسك، ثمَّ وضع على سَرِيره فِي بَيته وَدخل النَّاس يصلونَ عَلَيْهِ أَرْسَالًا أفذاذاً الرِّجَال ثمَّ النِّسَاء ثمَّ الصّبيان، وَلم يؤمهم أحد بِوَصِيَّة مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِيهَا: " أول من يُصَلِّي عليّ خليلي وحبيبي جِبْرِيل ثمَّ مِيكَائِيل ثمَّ إسْرَافيل ثمَّ ملك الْمَوْت مَعَ مَلَائِكَة كَثِيرَة ". قيل: فعل ذَلِك صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليَكُون كل مِنْهُم فِي صَلَاة، وَقيل: ليطول وَقت الصَّلَاة فَيلْحق من يَأْتِي من حول الْمَدِينَة، وَاخْتلفُوا فِي مَكَان دَفنه فَقَائِل يَقُول: بِالبَقِيعِ، وَقَالَ قَائِل: عِنْد منبره، وَقَالَ قَائِل: فِي مُصَلَّاهُ، فجَاء أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: إِن عِنْدِي من هَذَا خَبرا وعلماً سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " مَا قبض نَبِي إِلَّا دفن حَيْثُ توفّي ". فحول فرَاشه وحفر لَهُ مَوْضِعه، وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ عُبَيْدَة بن الْجراح يضرح كحفر أهل مَكَّة، وَكَانَ أَبُو طَلْحَة يلْحد لأهل الْمَدِينَة فَبعث الْعَبَّاس خلفهمَا رجلَيْنِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ خر لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء أَبُو طَلْحَة فلحد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَدفن صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من وسط اللَّيْل لَيْلَة الْأَرْبَعَاء، وَنزل قَبره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عليّ وَالْعَبَّاس وَقثم وَالْفضل ابْنا الْعَبَّاس وشقران مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَوْس بن خولى، وَبسط شقران تَحْتَهُ فِي الْقَبْر قطيفة حَمْرَاء كَانَ يفرشها صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقيل: كَانَ يتغطى بهَا، وَقيل: إِن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود نزل مَعَهم، وَكَذَلِكَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وأطبق أُسَامَة على قَبره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سبع لبنات نصبن نصبا وَلما دفن صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاءَت فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا فوقفت على قَبره وَأخذت قَبْضَة من تُرَاب الْقَبْر فَوَضَعته على عينهَا وبكت وأنشأت تَقول: مَاذَا على من شم تربة أَحْمد ... أَن لَا يشم مدى الزَّمَان غواليا صبَّتْ عليّ مصائب لَو أَنَّهَا ... صبَّتْ على الْأَيَّام عدن لياليا وَتوفيت بعده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِسِتَّة أشهر، وَقيل: ثَمَانِيَة أشهر، وَقيل: ثَلَاثَة اشهر، وَقيل: سَبْعُونَ يَوْمًا، وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخْبرهَا أَنَّهَا أول أَهله لُحُوقا بِهِ فَكَانَت كَذَلِك، وَقبض صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن

<<  <   >  >>