للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعود بفضلٍ على من رجاه ... وراجيه في كلِّ حين يجاب

فلا تأس يوماً على فائتٍ ... وعندك منه رضاً واحتساب

فلا بدّ من كون ما خطّ في ... كتابك تحبى به أو تصاب

فمن حائلٌ دون ما في الكتاب ... ومن مرسلٌ ما أباه الكتاب

في أبيات قد ذكرتها في موضعها من هذا الكتاب.

وقال محمد بن يسير:

إنّ الأمور إذا انسدّت مسالكها ... فالصَّبر يفتق منها كلَّ ما ارتتجا

لا تيأسنَّ وإن طالت مطالبةٌ ... إذا استعنت بصبرٍ أن ترى فرجا

أخلق بذي الصَّبر أن يحظى بحاجته ... ومدمن القرع للأبواب أن يلجا

وقال محمد بن حازم الباهلي:

هوِّن عليك فكلّ الأمر ينقطع ... وخلّ عنك عنان الهمّ يندفع

فكلُّ همٍّ له من بعده فرجٌ ... وكل أمرٍ إذا ما ضاق يتِّسع

إنَّ البلاء وإن طال الزَّمان به ... فالموت يقطعه أو سوف ينقطع

وقال آخر:

رأيت الأمر يبعد بعد قربٍ ... ويدنو الأمر بالقدر المسوق

فلا تفرح بأمرٍ إن تدانى ... ولا تيأس من الأمر السَّحيق

وقال ابن المبارك:

ما أقرب الأشياء حين يسوقها ... قدرٌ وأبعدها إذا لم تقدر

وقال آخر:

إن يكن يومي تولّى سعده ... وتداعى لي بنحسٍ ونكد

فلعلّ الله يقضي فرجاً ... في غدٍ من عنده أو بعد غد

وقال آخر:

أحسن الظَّنّ بمن قد عوّدك ... حسناً أمس وسوَّى أودك

إنّ رباً كان يكفيك الَّذي ... كان بالأمس سيكفيك غدك

قال العبسي: خرجت حاجاً فضاق صدري، فجعلت أقول:

أرى الموت لمن أمسى ... على الذُّلِّ له أصلح

فإذا هاتف من ورائي يقول:

يا أيُّها المرء الَّذي ... يرى الهمّ به برَّح

إذا ضاق بك الصَّدر ... ففكِّر في ألم نشرح

وقال آخر:

رأيت العسر يتبعه يسار ... وقول الله أصدق كلِّ قيل

فلا تجزع وقد أعسرت يوماً ... فقد أيسرت في دهرٍ طويل

ولا تظنن بربِّك ظنّ سوءٍ ... فإنّ الله يأتي بالجميل

ذكر الطحاوي قال: حدثنا أحمد بن أبي عمران، قال: حدثنا أبو النصر أحمد بن حاتم، قال: حدثنا الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء، قال: استعمل الحجّاج أبي علي بعض أعماله فنقم عليه فتوارى أبي عنه في بادية قومه وأنا معه، فبينا أنا في سحر من الأسحار إذ مرّ راكب وهو يقول:

صبِّر الَّنفس عند كلّ ملمٍّ ... إنّ في الصَّبر حيلة المحتال

لا تضق في الأمور ذرعاً فقد ... يكشف غمَّاؤها بغير احتيال

ربَّما تجزع الُّنفوس من الأم ... ر له فرجةٌ كحلّ العقال

قال: فقلت: ما ذاك؟ قال: مات الحجاج. فوالله ما أدري بأيهما كنت أشد فرحا، أبقوله مات الحجاج أم بقوله:فرجة.

قال العطوي:

مستشعر الصّبر مقرونٌ به الفرج ... يبلى ويصبر والأشياء تنتهج

حتَّى إذا بلغت مقدور غايتها ... جاءتك تضحك عن ظلمائها السُّرج

فاصبر ودم واقرع الباب الَّذي طلعت ... منه المطامع فالمغرى به يلج

يقدِّر الله فارج الله وارض به ... ففي إرادته الغمَّاء تنفرج

وقال هلال بن العلاء الرَّقّي:

هوِّن عليك مصائر الدُّ ... نيا تكن سبلاً فجاجا

لا تضجرنَّ بضيقةٍ ... يوماً فإنَّ لها انفراجا

وقال آخر:

كلوا اليوم من رزق الإله وأبشروا ... فإنّ على الرحمن رزقكم غدا

وقال منصور الفقيه:

يامن يخاف أن يكو ... ن ما يخاف سرمدا

أما سمعت قولهم ... إنّ مع اليوم غدا

وقال أبو العتاهية:

هي الأيَّام والغير ... وأمر الله منتظر

أتيأس أن ترى فرجاً ... فأين الله والقدر

باب الجدِّ والحدّ

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا مانع لما أعطى الله، ولا معطي لما منع، ولا ينفع ذا الجدِّ منه الجدّ ".

<<  <   >  >>