للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقد بيّنت هَذِه الْأَخْبَار صِحَة مَا قُلْنَا فِي معنى قطع الرَّحِم الَّذِي لصَاحبه الْوَعيد من الله - تَعَالَى ذكره - على لِسَان رَسُوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَذَلِكَ هُوَ الَّذِي تصرم ذَوي رَحمَه على وَجه الْعَدَاوَة لَهُم، كَمَا ذكر عَن الْفَتى الَّذِي وصف خَبره فِي الْأَخْبَار الَّتِي رويناها من مصارمته عمته أَو خَالَته، فَكَانَ خُرُوجه من قطعه رَحمهَا عِنْده، وَعند من ذكرنَا مُرَاجعَته وصالتها بالْكلَام دون بذل فضل مَاله لَهَا، ونصرته، ومعونته لَهَا.

فَكَذَلِك القَوْل - عندنَا - فِيمَن تعاهد ذَوي رَحمَه بِالسَّلَامِ وَالْكَلَام، وَإِن لم يصرف إِلَيْهِم فضول مَاله، ونوافل فَضله، فَهُوَ خَارج من معنى الْقَاطِع رَحمَه، الَّذِي يسْتَحق الْعقُوبَة من الله على قطعه إِيَّاهَا.

(" القَوْل فِي الْبَيَان عَمَّا فِي هَذِه الْأَخْبَار من الْغَرِيب ")

فَمن ذَلِك قَول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مخبرا عَن ربه - تبَارك وَتَعَالَى - أَنه قَالَ فِي الرَّحِم: " فَمن وَصلهَا وصلته، وَمن قطعهَا بتته ". يَعْنِي: تَعَالَى ذكره: بقوله: بتته: قطعته قطعا بَينا. والبت: أَشد الْقطع. يُقَال مِنْهُ: بت فلَان الْحَبل، فَهُوَ يبته بتا، وَهُوَ حَبل مبتوت - يَعْنِي بِهِ - مَقْطُوع. وَمِنْه قَول كَعْب بن زُهَيْر.

(ديار الَّتِي بتت حبالي وصرمت ... وَكنت إِذا مَا الْحَبل من خلة صرم)

يَعْنِي بقوله: بتت حبالي: قطعتها قطعا شَدِيدا.

وَأما قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْقُرْآن: " إِنَّه يحاج الْعباد يَوْم الْقِيَامَة، لَهُ ظهر وبطن ": فَإِنَّهُ يخْتَلف فِي مَعْنَاهُ، وَقد بيّنت

<<  <   >  >>