للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَصفته باللؤم وَالْبخل بجمود الْكَفّ، فَتَقول: إِنَّه لجامد الْكَفّ، وَمَا يندى كَفه بِخَير، وَإنَّهُ لحجر صلد - تَعْنِي بِهِ - أَنه لَا يُرْجَى نائله، وَلَا يطْمع فِي معروفه، كَمَا لَا يُرْجَى من الْحجر الصلد مَا يشرب.

يُقَال من ذَلِك - إِذا وصل الرجل رَحمَه بمعروفه - بل فلَان رَحمَه، فَهُوَ يبلها بِلَا وبلالا. وَمِنْه قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لبني عبد الْمطلب - إِذْ أنزلت عَلَيْهِ {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} : " يَا بني عبد الْمطلب، إِنِّي لَا أُغني عَنْكُم من الله شَيْئا، غير أَن لكم رحما سَأَبلُّهَا بِبلَالِهَا ".

وَمِنْه قَول أعشى بن ثَعْلَبَة:

(بِالْخَيْلِ شعثا مَا تزَال جيادها ... حسرى تغادر بِالطَّرِيقِ سخالها)

(أما لصَاحب نعْمَة طرحتها ... ووصال رحم قد نضحت بلالها)

وَقَالَ بَعضهم: إِنَّمَا عني بقوله: " بلوا أَرْحَامكُم، وَلَو بِالسَّلَامِ ": صلوها وَلَو بِالسَّلَامِ. قَالَ: وَإِنَّمَا ذَلِك تَشْبِيه من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلَة الرجل رَحمَه بالنَّار يصب عَلَيْهَا المَاء فتطفأ.

قَالَ: فَكَذَلِك بر الرجل بِأَهْل رَحمَه، منع مِنْهُ رَحمَه من الْقطع.

وَالصَّوَاب - عِنْدِي - مَا يثبت من أَن مَعْنَاهُ: صلوها بمعروفكم وَلَو أَن تصلوها بِالسَّلَامِ. والبل: هُوَ الترطيب، والتندية بِالْمَعْرُوفِ. وَأما قَول كَعْب: " أحرج على كل رجل مِنْكُم " فَإِنَّهُ يَعْنِي بقوله: أحرج: أضيق. وَأَصله من الحرجة، وَهِي: الشّجر الْكثير الملتف بعضه بِبَعْض يمثل الْعَرَب بِهِ كل شَيْء ضيق.

<<  <   >  >>