للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي ذَلِك - أَيْضا - من قَوْله إبانة عَن خطأ قَول من قَالَ: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يعْمل شَيْئا، وَلَا يَقُوله إِلَّا عَن وَحي من الله بِهِ إِلَيْهِ، كَانَ عمله ذَلِك، وَقَوله فِي أَمر الدّين أَو الدُّنْيَا.

وَدلَالَة على صِحَة قَول من قَالَ: قد يجوز أَن يفعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أفعالا كَثِيرَة، وَيَقُول أقوالا فِي غير أَمر الدّين، وَلَكِن فِي تَدْبِير أُمُور الْحَرْب، وَأَسْبَاب المعاش بِمَا يحضرهُ من الرَّأْي، صَادف ذَلِك صَوَابا أَو غَيره {.

وَإِنَّمَا الَّذِي لَا يجوز أَن يكون مِنْهُ على وَجه الرَّأْي مَا كَانَ من أَمر الدّين الَّذِي يلْزم الْعباد الْعَمَل، أَو الدينونة بِهِ}

وَذَلِكَ أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَّمَا أَنا بشر مثلكُمْ، وَإِنَّمَا هُوَ ظن ظننته، وَالظَّن يخطيء ويصيب ". وَكَانَ قيله ذَلِك فِي أَمر من أَمر المعاش {

وَفِيه - أَيْضا - الْإِبَانَة عَن خطأ قَول من يَقُول: إِن الْأَنْبِيَاء، قد كَانَت علمت كل مَا بالخلق إِلَيْهِ الْحَاجة فِي أَمر الدّين وَالدُّنْيَا؛ وَذَلِكَ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ أخبر بِأَمْر الْقَوْم الَّذين كَانُوا يُلَقِّحُونَ النّخل، قَالَ: مَا أَظن ذَلِك يُغني شَيْئا، فَلَمَّا تركُوا التلقيح، وَحَال نَخْلهمْ، فَبَلغهُ ذَلِك، قَالَ: إِنَّمَا هُوَ ظن ظننته، إِن كَانَ يُغني شَيْئا فليصنعوه، فَأخْبر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن قَوْله ذَلِك كَانَ ظنا ظَنّه، لَا يَقِين علم مِنْهُ بِهِ. وَأَن حكمه - فِيمَا لم يكن خَبرا مِنْهُ عَن الله تَعَالَى ذكره - حكم سَائِر الْبشر فِي أَنه لَا يعلم من الْأُمُور إِلَّا مَا علمه الله تبَارك وَتَعَالَى}

(" القَوْل فِي الْبَيَان عَمَّا فِي هَذَا الْخَبَر من الْغَرِيب ")

وَالَّذِي فِيهِ من ذَلِك قَول طَلْحَة: " فَتَرَكُوهُ فأزلوا عَنْهَا ": وَيَعْنِي بقوله: فأزلوا عَنْهَا: فأزلوا عَن تَركهَا من التلقيح: فَترك ذكر التّرْك

<<  <   >  >>