للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَذَلِكَ أَنه قَالَ فِيمَا رُوِيَ عَن طَلْحَة، عَنهُ: " لَو أَن أهل هَذَا عدلوا النَّار عَن وَجه هَذِه الْبَهَائِم ". وَلم يقل: اعدلوا {وَلَا قَالَ: لَا تسموها فِي الْوَجْه.

وَأما الْأَخْبَار الْأُخَر الَّتِي ذَكرنَاهَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِأَنَّهُ نهى عَن الوسم فِي الْوَجْه، وَأَنه لعن من وسم فِي الْوَجْه، فقد بيّنت تَصْرِيح النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالنَّهْي عَن الوسم فِي الْوَجْه، فَغير جَائِز لأحد عرف نهي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الوسم فِي الْوَجْه، أَن يسم من بَهِيمَة من الْبَهَائِم وَجههَا.

فَإِن قَالَ لنا قَائِل: فَإِن كَانَ غير جَائِز وسمها فِي وجوهها، فَأَيْنَ الْموضع الْجَائِز وسمها مِنْهَا، إِن كَانَ ذَلِك جَائِزا؟ وَمَا الْبُرْهَان على أَن وسمها جَائِز؟ وَقد علمت أَن ذَلِك لَهَا تَعْذِيب؛ إِذْ كَانَ ذَلِك إحراقا لبَعض أَجْزَائِهَا بالنَّار؟

قيل: أما الدَّلِيل على أَن وسمها جَائِز، فالأخبار المتظاهرة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه، وَالتَّابِعِينَ لَهُم بِإِحْسَان، أَنهم وَسموا وأجازوا وسمها.

وَأما الْموضع الْجَائِز وسمها مِنْهَا، فَحَيْثُ شَاءَ مِنْهَا رَبهَا إِذا عدا بِهِ وَجههَا وَإِن كَانَ أحب الْأَمَاكِن إِلَيّ أَن يسم فِيهِ من الْإِبِل، والحمر، وَالْبِغَال، وَنَحْو ذَلِك: جاعرتاها، وَمن الْغنم آذانها.

فَإِن قَالَ: فاذكر لنا الْأَخْبَار الَّتِي ذكرت أَنَّهَا وَردت عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعَن أَصْحَابه، وَغَيرهم بِأَنَّهُم وَسموا} قيل:

٦٥٤ - حَدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي عدي، عَن ابْن عون، عَن مُحَمَّد، عَن أنس، قَالَ: " لما ولدت أم سليم، قَالَت: يَا أنس! أنظر هَذَا الْغُلَام، فَلَا تصيبن شَيْئا حَتَّى تغدوا بِهِ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يحنكه، قَالَ: فَغَدَوْت، فَإِذا هُوَ فِي الْحَائِط،

<<  <   >  >>