للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: وخطب محمد بن الوليد بن عتبة إلى عمر بن عبد العزيز أخته فزوّجه وخطب فقال: الحمد لله ذي العزة والكبرياء، وصلى الله على محمد خاتم الأنبياء، وقد زوجتك على ما في كتاب الله جل وعز: إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.

وخطب عبد الله بن جعفر فقال: الحمد لله الذي ليس من دونه احتراز ولا لذاهب عنه مجاز، السميع المنيع ذي الجلال الرفيع، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في سلطانه ولا سمي له في برهانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم. أما بعد فإن لكل شيء سبباً مضت به الأقدار وأُحصيت فيه الآثار على وقوع أقضيته وحلول مدته، والصهر نسب شابك يجمع المختلف ويقرّب المؤتلف، وفلان بن فلان قد بذل لكم الموجود ووعدكم الوفاء المحمود فأجيبوه إلى ما رغب فيه تحمدوا العاقبة وتذخروا الأجر للآخرة.

وخطب أبو عبيدة خطبة نكاح بالبصرة وحضره أعرابي فقال: الحمد لله أكثر مما حمدتم، وربنا أعظم مما وصفتم، ندع الفصول ونتبع الأصول كفعل ذوي العقول، وقد سمعنا مقالتكم وشفّعنا خاطبكم وقبلنا ما بذلتم، والسلام عليكم.

وخطب أعرابيّ إلى قوم فقال: الحمد لله ولي الأنعام وصلى الله على محمد خير الأنام وعلى آله وسلم. أما بعد فإني إليكم معشر الأكفاء خاطبٌ، وفي سبب الألفة بيننا وبينكم راغب، ولكم عليّ فيمن خطبت أحسن ما يجب للصاحب على الصاحب، فأجيبوني جواب من يرى نفسه لرغبتي محلاً ولما دعتني الطلبة إليه أهلاً. فأجابه أعرابي آخر: أما بعد فقد توسلت بحرمة وذكرت حقاً وأملت مرجواً، فحبلك موصول، وعرضك مقبول، وقد أنكحنا وسلمنا والحمد لله على ذلك.

قال: وكان الحسن البصري يقول في خطبة النكاح بعد حمد الله والثناء عليه: أما بعد فإن الله عز وجل جمع بهذا النكاح الأرحام المنقطعة والأنساب المتفرقة وجعل ذلك في سنّة من دينه ومنهاج واضح من أمره، وقد تزوج فلان بن فلان بفلانة ابنة فلان وبذل لها من الصداق كذا وكذا، فاستخيروا الله وردوا خيراً.

قال: وحضر المأمون إملاكاً فسأله بعض من حضر أن يخطب فقال: الحمد لله والمصطفى رسول الله، عليه وعلى آله السلام، وخير ما عمل به كتاب الله، قال الله جل وعز: " وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسعٌ عليم "، ولو لم يكن النكاح آيةً منزلة وسنّة متبعة إلا لما جعل لله جل اسمه في ذلك من تأليف البعيد وإدناء الغريب لسارع إليه العاقل المصيب وبادر إليه المختار اللبيب، وفلان من قد عرفتموه في نسب لم تجهلوه يخطب إليكم فتاتكم فلانة ويبذل لها من الصداق كذا، فشفّعوا شافعنا وأنكحوا خاطبكم وقولوا خيراً تحمدوا عليه وتُؤجروا، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

[مساوئ الخطب]

قيل: واستعمل الوليد بن عبد الملك أعرابياً على بعض مدن الشام، فلما صعد المنبر قال: الحمد لله، أحمده وأستعينه، من يهد الله فليس بضال ومن يضلل فأبعده الله. أما بعد فوالله لقد ذكر لي أنكم تأتون الأندرين فتشربون من خمورها، وما الذي عرّضكم أخزاكم الله لما يشين أعراضكم؟ فإن كنتم لا بد فاعلين فليشرب الرجل قعباً أو قعبين أو ثلاثة إن كان طيباً. ولقد بلغني أنكم تأتون بالليل النساء اللواتي قد غاب أزواجهن، وإني أعطي الله عهداً أني لا أجد رجلاً يأتي امرأة ليلاً إلا قطعت ظهره بالسياط، فإذا قدم عليهن أزواجهن فأتوهن حلالاً، وأيما رجل أصاب في بيته رجلاً فليأخذ سلبه. فقال له كاتبه: أيهما يأخذ سلب صاحبه أيها الأمير؟ فقال: أيهما غلب. فكانت المرأة تقول لزوجها: قد أحل لنا الأمير الزناء.

وحكي عن جحا أن أباه قال له: دع ما أنت عليه من الجنون والمجون والخلاعة وترزن حتى أخطب لك بعض بنات أهل الثروة والشرف. فقال: نعم يا أبتاه، فتزيّن وتبخر وصار إلى مجمع الناس فقعد وهو صامت وقد حضر أشراف الناس وعظماؤهم، فقال له أبوه: تكلم يا بني، فقال: الحمد لله، أحمده وأستعينه وأشرك به حي على الصلاة حي على الفلاح. فقال أبوه: يا بني لا تقم الصلاة فإني على غير وضوء.

[محاسن الأمثال]

آتيه في البردين، يعني قبل أن يشتد الحر وبعدما يسكن، والمعنى فيه أيضاً: بالغداة والعشي، قال الشاعر:

يسرن الليل والبردين حتى ... إذا أظهرن رفّعن الظلالا

<<  <   >  >>