للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٣٢٧)

(ألم تعلمي أَنَّا نَبَشُّ إذا دَنَتْ ... بأهلِكِ منَّا نِيَّةٌ وحمولُ)

(كما بَشَّ بالإبصارِ أعمى أصابَهُ ... من اللهِ جُلَّى نعمةٍ وفُضولُ) (٩٥)

فمعناه: نسرّ ونفرح. ويقال: قد تَبَشْبَشَ فلان بفلان: إذا سرَّ به وانبسط إليه.

من ذلك الحديث الذي يروى عن النبي: (لا يُوطِنُ المساجدَ للصلاةِ والذِّكرِ رجلٌ إلا تبشبشَ الله به من حين يخرج من منزله كما يتبشبشُ أهلُ البيتِ بغائبهم إذا قَدِم عليهم) (٩٦) .

والأصل في تَبَشْبش: تَبَشَّشَ. فاستثقلوا الجمع بين ثلاث شينات، فأبدلوا من الثانية باء. وهو مأخوذ من البشاشة، وهي الانبساط والسرور، قال الشاعر: (٨٨ / أ) /

(وقد أسمعُ القولَ الذي كاد كلّما ... تُذَكرنيهِ النفسُ قلبيَ يَصْدَعُ)

(فأبدي لمن أبداه مني بشاشةً ... كأني مسرورٌ بما منه أَسمعُ)

(وما ذاكَ عن عُجْبٍ بهِ غيرَ أَنني ... أرى أن تركَ الشرِّ للشرِّ أقطعُ) (٩٧)

وهو بمنزلة قولهم: قد تَمَلْمَلَ الرجل على فراشه، معناه: قد تملَّلَ. من المَلّة، أي كأنه على مَلَّة. والمَلّة: موضع الخبز (٩٨) من الرماد والنار.

وكذلك قولهم: قد حَثْحَثْت الرجل، الأصل فيه: حثّثته، فاستثقلوا الجمع بين ثلاث ثاءات، فأبدلوا من الثانية حاء.

وكذلك قولهم: قد كَفْكَفْت فلاناً عن كذا وكذا (٩٩) ، الأصل [فيه] : قد كَفَّفْت. قال الشاعر (١٠٠) : (٣٢٨)

(ألم ترني سكَّنْت إِليِّ لإِلِّكم ... وكَفْكَفْت عنكم أكلبي وهي عُقَّرُ)


(٩٥) بلا عزو في الأضداد: ٢٣٨. وهما من أبيات لذي الرمة في ملحقات ديوانه: ١٨٩٩.
(٩٦) الفائق ١ / ١٠٩.
(٩٧) الأبيات بلا عزو في بهجة المجالس ٦٠٤.
(٩٨) سائر النسخ: الخبزة.
(٩٩) ساقط من سائر النسخ. وينظر اللسان (كفف) .
(١٠٠) أبو زبيد الطائي، شعره: ٦٧. وينظر غريب الحديث: ٣ / ٣٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>