للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتفرق الناس، وأقبل امرؤ القيس في جموع من اليمن إلى بني أسد، وتقصد لعلباء ولا يعلم الناس به.

فلما كانت الليلة التي يصبحهم فيها، بادر أن يخبروا، فسار مسرعاً، فجعل القطا ينفر من مواضعه، فيمر على علباء، وكان منكراً، فجعلت ابنته تقول: ما رأيت كالليلة ذات قطاً، فيقول لها علباء: لو تُرِكَ القطا لنامَ. فأرسلها مَثَلاً. ثم قال: ارتحلوا، فارتحلوا. وصبَحهم امرؤ القيس، فألفى بني كنانة في ديارهم، فأوقع بهم، وهو يظن أنهم بنو أسد. فلما عرفهم، كفّ عنهم، وقد قتل منهم جماعة. وقال في ذلك (١٧٧) :

(ألا يا لهفَ نفسي إثْرَ قومٍ ... هُمُ كانوا الشِّفاءَ فلم يُصابوا)

(وقاهُمْ جَدُّهُم ببني أَبِيِهم ... وبالأَشْقِيْنَ ما كانَ العِقابُ)

(وأَفْلَتَهُنَّ علباءٌ جَريضاً ... ولو أّدْرَكْنَهُ صَفِرَ الوِطابُ) (١٧٨)

ثم مضى إلى اليمن مُسْتَمدّاً، وأقبل بجموع من اليمن وربيعة وأنشأ يقول (١٧٩) :

(يا لهفَ نفسيِ إذ خَطِئْنَ كاهِلا ... )

(القاتلينَ الملكَ الحُلاحِلا ... )

(تالله لا يذهبُ شيخي باطِلا ... )

(يا خير شيخٍ حسباً ونائِلا ... )

(/ وخيرَهم قد عَلِموا شمائِلا ... ) ٢١٥ / ب

(يحملننا والأسلَ النواهِلا ... )

(نحنُ جلبنا القُرَّحَ القوافِلا ... )

(مستفرقاتٍ بالحَصَى جوافِلا ... ) (١٨٠) (٢٨٨)


(١٧٧) ديوانه ١٣٨. وفيه: يا لهف هند، وقد سلف الأولان في ١ / ١١٢.
(١٧٨) الجريض: الذي يغص بريقه عند الموت. وصفر الوطاب: أي هلك فخلا جسمه من روحه.
(١٧٩) ديوانه ١٣٤ و ٤١٨ مع خلاف في ترتيب الأبيات. والرواية: يا لهف هند. والحلاحل: السيد الشريف.
(١٨٠) القرح القوافل: يعني الخيل المسنة الضامرة. ومستفرمات بالحصى: يعني أنها تسرع في السير فتقرع الحصى بحوافرها فيصير إلى فروجها. والجوافل: السراع.

<<  <  ج: ص:  >  >>