للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أبي الدرداء - أحسبه وقع (١٨٢) الشك في الحديث - قال: (ما طلعتِ الشمسُ قَطُّ إلاّ وبجنبتيها ملكان يناديان وإنهما ليُسمِعان مَنْ على الأرض، إلاّ الثقلين: يا أيُّها الناس هلموا إلى ربكم، فإنّ ما قلَّ وكفى خيرٌ حما كَثُرَ وألهى، وما غَرِبتِ الشمس قط إلا وبجنبتيها ملكان يناديان، [و] إنهما ليسمعان من على الأرض، إلا الثقلين: اللهم عَجَّلْ / لُمنفِقٍ خَلفاً، وعجَّل لِمُمْسِكٍ ٢٢٨ / ب تلفاً) (١٨٣) .

قال الله عز وجل: {وأخرجتِ الأرضُ أثقالَها} (١٨٤) ، فمعناه: ما (٣٣٣) فيها من كنوز الذهب والفضة، وخرج الموتى بعد ذلك، ومن أشراط الساعة أن تلقي الأرض أفلاذ كبدها، أي: ما فيها من الكنوز، فشُبّه ذلك بقطع الكبد، إذ كانت الكبد يشتمل عليها البطن.

وواحد الأثقال: ثِقل، وثَقل، وواحد الأفلاذ: فِلْذ، وفلذ. والفلذ: قطعة من الكبد. يقال: أطعمني فِلْذاً، وفِلْذةً، وحُزَّةً من الكبد، وحِذْيةً من اللحم، وهي قطعة صغيرة، وفِلْعة من السنام، وشطبة وسائغة بمنزلة الحِذْية من اللحم.

وكانت العرب تقول للفارس الشجاع: ثِقْلٌ على الأرض، فإذا قُتل أو مات، سقط بذلك عنها ثِقْل. قال الشمردل بن شريك (١٨٥) يرثي أخاه أُبَيّاً:

(وحَلَّتْ به أثقالَها الأرضُ وانتهى ... لمثواه منها وهو عفٌّ شمائلُهْ)

وقالت الخنساء (١٨٦) ترثي أخاها صخراً:

(أَبَعْدَ ابن عمروِ من آلِ الشريْدِ ... حَلَّت به الأرضُ أثقالَها)

أي: لما كان شجاعاً سقط بموته عنها ثقل. ويقال: معناه: زيَّنت به موتاها، من الحِلية، والحُلي.


(١٨٢) من ل، وفي الأصل: دفعه.
(١٨٣) غريب الحديث ١ / ٢١٧.
(١٨٤) الزلزلة ٢.
(١٨٥) شعره: ٣٠٥ وعجزه فيه: بمثواه منها وهو عف مأكله.
(١٨٦) ديوانها ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>