للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨١٢ - وقولهم: أنا مؤمن بوَحْي الله عز وجل

(١) (٣٥٣)

قال أبو بكر: الوحي: ما يوحيه الله تعالى إلى أنبيائه. سُمي: وَحْياً، لأن المَلَك ستره عن جميع الخلق، وخص به النبي المبعوث إليه. قال الله تعالى: {يُوحِي بعضُهم إلى بعض زُخرفَ القول غُروراً} (٢) ، فمعناه: يُسر بعضهم إلى بعض. فهذا أصل الحرف.

ثم يكون " الوحي " بمعنى " الإلهام " كقوله عز وجل: {وأوحى ربُّك إلى النَحْل} (٣) ، أراد: ألهمها. وكقوله: {يومئذٍ تُحدِّثُ أخبارها بأنَّ ربَّكَ أَوْحَى لها} (٤) . أراد: ألهمها. وكقول علقمة بن عبدة (٥) :

(يوحي إليها بإنقاضٍ ونَقْنَقَةٍ ... كما تَراطَنُ في أفدانها الرومُ)

ويكون " الوحي " بمعنى " الأمر "، كقوله عز وجل: {وإذْ أوحيتُ إلى الحواريينَ} (٦) ، أراد: أمرتهم.

ويكون بمعنى " الاشارة "، كقوله عز وجل: {فأوحى إليهم أنْ سَبِّحوا بُكْرَةً وعَشِيّاً} (٧) ، أراد: أشار إليهم.

ويكون بمعنى " الكتابة " كقول جرير (٨) :

(عَرَفْتُ الدارَ بعدَ بِلَى الخيام ... سُقيتِ نَجِيَّ مرتجزٍ ركامِ)

(كأنّ أخا اليهودِ يَخطُّ وَحْياً ... بكافٍ في منازِلها ولامِ)

أراد: يخط كتاباً. وقال الآخر:


(١) اللسان (وحي) .
(٢) الأنعام ١١٢.
(٣) النحل ٦٨.
(٤) الزلزلة ٥.
(٥) ديوانه ٦٢. وتراطن الروم: ما لا يفهم من كلامهم، والأفدان جمع فدن وهو القصر.
(٦) المائدة ١١١.
(٧) مريم ١١.
(٨) ديوانه ١٩٧. وفيه: نجاء. وكذا في ك. وجاء في شرحه: (عمارة كان يقول: نجي، والنجي والنجاء والنجو واحد وهو الغيث. والمرتجز: الراعد. والركام: المتراكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>