للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨١٥ - وقولهم: قد مَنَّ فلانٌ على فلان

(٢٦)

قال أبو بكر: يحتمل تأويلين: أحدهما:

أَحْسَنَ إليه غير مُعْتَدٍّ بالإحسان. يقال: قد لَحِقَت فلاناً من فلانٍ مِنَّةٌ: إذا (٣٥٦) لحقته منه نعمةٌ، باستنقاذ أو ما أشبهه.

ويقال: منَّ عليه: إذا عظم الإحسان، وفخر به، وأبدأ في ذكره وأعاد، حتى أفسده ونغَّصه على المحسن إليه.

والأول مستحسن، والآخر مُسْتَسْمجٌ.

فمن المعنى الأول، قولهم في أسماء الله عز وجل: الحنّان المنّان (٢٧) ، أي: الذي ينعم غير فاخر بالإنعام، ولا معجب من جهته. ومن المعنى الثاني المذموم قول الشاعر (٢٨) :

(أَلبانُ إبْل تعلَّة بن مُسافر ... ما دَام يملكها عليّ حَرامُ)

(وطعامُ عمران بن أوفى مثلُهُ ... ما دام يسلكُ في البطون طعامُ)

(إنّ الذين يسوغُ في أحلاقِهم ... زادٌ يُمَنُّ عليهم للئامُ) ٢٣٥ / ب

/ أراد: يفخر عليهم به (٢٩) ، ويجعل عظيماً. وأنشدنا أبو العباس:

(وطعامُ حَجْناءَ بن أوفى مِثلُهُ...... ...... ... )

وأنشدنيه أبي - رحمه الله - قال: أنشدنا أبو عِكرمة: وطعام عمران بن أوفى.

وقال الله تبارك وتعالى: {أجرٌ غيرُ ممنونٍ} (٣٠) ، أراد: لا يمن الله عليهم به، فاخراً ومعظماً، كما يفعل ذلك بخلاء المنعمين. قال الشاعر:

(أَفْسَدْتَ بالمنِّ ما قدَّمْتَ من حَسَنٍ ... ليس الكريم إذا أسدى بمنَّانِ) (٣١)


(٢٧) اشتقاق أسماء الله ٢٨١.
(٢٨) أنشدنا بلا عزو أيضاً في المذكر والمؤنث ٢٦٢. وهي لبعض الأعراب في البيان والتبيين ٣ / ٣٠٦، وهي مع رابع في الكامل ٥٥ لرجل من بني تميم، وبلا عزو في أمالي ابن الشجري ١ / ٣٢٩.
(٢٩) من ك، ل، وفي الأصل: به عليه.
(٣٠) التين ٦.
(٣١) لم أقف عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>