للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسْتَحَبُّ اعْتِكَافُ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ لِأَجْلِ طَلَبِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ الَّتِي يَغْلِبُ كَوْنُهَا فِيهِ وَنَحْوُ هَذَا لِابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: أَمَّا كَوْنُ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ أَفْضَلُ فَذَلِكَ لِمُوَاظَبَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الِاعْتِكَافِ فِيهِ فِي أَكْثَرِ الْأَمْرِ وَأَمَّا طَلَبُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَإِنَّمَا هُوَ بِالِانْجِرَارِ أَلَا تَرَى أَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَخْتَصُّ بِاللَّيْلِ لَكِنَّ حَدِيثَ: «الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ» يَشْهَدُ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: اُخْتُلِفَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، الْأَوَّلُ: إنَّهَا فِي لَيْلَةٍ بِعَيْنِهَا لَا تَنْتَقِلُ إلَّا أَنَّهَا غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فَقِيلَ: إنَّهَا مُبْهَمَةٌ فِي الْعَامِ كُلِّهِ وَقِيلَ: فِي رَمَضَانَ كُلِّهِ، وَقِيلَ: فِي الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ وَالْأَخِيرِ وَقِيلَ: فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ فَقَطْ، الثَّانِي: إنَّهَا فِي لَيْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَا تَنْتَقِلُ مَعْرُوفَةٍ وَاخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فَقِيلَ: إحْدَى وَعِشْرِينَ، وَقِيلَ: ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، وَقِيلَ: سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: إنَّهَا لَيْسَتْ فِي لَيْلَةٍ بِعَيْنِهَا وَإِنَّمَا تَنْتَقِلُ فِي الْأَعْوَامِ وَلَيْسَتْ مُخْتَصَّةً بِالْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَالْغَالِبُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ.

وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ أَصَحُّ الْأَقَاوِيلِ، انْتَهَى.

(مَسْأَلَةٌ) تَتَعَلَّقُ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ قَالَ الْمَشَذَّالِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمُدَوَّنَةِ ((قُلْتُ)) وَهَهُنَا مَسْأَلَةٌ تَتَعَلَّقُ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ قَالَ تَقِيُّ الدِّينِ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ وَقِيلَ: فِي السَّنَةِ قَالُوا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ فِي رَمَضَانَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيْهَا السَّنَةُ؛ لِأَنَّ كَوْنَهَا مَخْصُوصَةً بِرَمَضَانَ مَظْنُونٌ وَصِحَّةُ النِّكَاحِ مَعْلُومَةٌ فَلَا تَزَالُ إلَّا بِيَقِينٍ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا إذَا دَلَّتْ الْأَحَادِيثُ عَلَى اخْتِصَاصِهَا بِالْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ كَانَ إزَالَةُ النِّكَاحِ بِمُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ وَهُوَ الْأَحَادِيثُ وَالْأَحْكَامُ الْمُقْتَضِيَةُ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ يَجُوزُ بِنَاؤُهَا عَلَى الْأَحَادِيثِ وَيَرْتَفِعُ بِهَا النِّكَاحُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي رَفْعِ النِّكَاحِ وَأَحْكَامِهِ اسْتِنَادُهُ إلَى التَّوَاتُرِ أَوْ قُطِعَ اتِّفَاقًا الْمَشَذَّالِيُّ وَمَا ذَكَرَهُ تَقِيُّ الدِّينِ إنَّمَا يَصِحُّ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ.

وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَلَا إلَى تَفْصِيلٍ بَلْ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ مُطْلَقًا الْوَانُّوغِيُّ وَعَلَى أَنَّهَا ارْتَفَعَتْ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ الْمَشَذَّالِيُّ ذَكَرَ صَاحِبُ الِاسْتِغْنَاءِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ مُحْرِزٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ وَمُحَالٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ إخْبَارَهَا أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا. وَظَاهِرُ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ لَازِمٌ. الْبُرْزُلِيُّ عَنْ شَيْخِهِ الْإِمَامِ أَنَّهُ كَقَوْلِهِ إنْ شَاءَ الْحَجَرُ وَفِي النَّوَادِرِ تَقْيِيدُ الطَّلَاقِ بِالْمَاضِي كَطَلَاقِهِ فَهُوَ كَظَاهِرِ ابْنِ الْحَاجِبِ، انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَإِنْ أَخَّرَهُ بَطَلَ)

ش: قَالَ فِي شَرْحِ أَوَّلِ مَسْأَلَةٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ: وَإِذَا طَهُرَتْ الْحَائِضُ فِي بَعْضِ يَوْمِهَا فَرَجَعَتْ إلَى الْمَسْجِدِ فَلَا تُمْسِكُ عَنْ الْأَكْلِ بَقِيَّةَ يَوْمِهَا وَلَا تَعْتَدُّ بِهِ فِي اعْتِكَافِهَا إلَّا أَنْ تَطْهُرَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَتَنْوِيَ صِيَامَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَتَدْخُلَ مُعْتَكَفَهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، انْتَهَى.

ص (وَإِنْ اشْتَرَطَ سُقُوطَ الْقَضَاءِ لَمْ يُعِدْهُ)

ش: وَيَصِحُّ الِاعْتِكَافُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ: يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَالِاعْتِكَافُ وَقِيلَ: إنْ اشْتَرَطَهُ مِنْ قَبْلِ الدُّخُولِ بَطَلَ الشَّرْطُ وَالِاعْتِكَافُ وَإِنْ اشْتَرَطَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ بَطَلَ الشَّرْطُ وَصَحَّ الِاعْتِكَافُ قَالَهُ الْجُزُولِيُّ وَالشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ عِنْدَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا يُسْقِطُهُ الِاشْتِرَاطُ وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ أَنَّهُ قَالَ: إنْ اشْتَرَطَ فِي الِاعْتِكَافِ مَا يُغَيِّرُ سُنَّةً فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ الِاعْتِكَافُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَعْرُوفُ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَشَرْطُ مُنَافِيهِ لَغْوٌ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ الْبَغْدَادِيِّينَ لَوْ نَذَرَهُ كَذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا بِدُخُولِهِ فَيَبْطُلُ شَرْطُهُ، انْتَهَى. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَحُكِيَ لَنَا عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ: أَنَّهُ شَرَطَ فِي الِاعْتِكَافِ مَا لَا يَجُوزُ فِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ الِاعْتِكَافُ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الْبَغْدَادِيِّينَ: إنْ دَخَلَ فِي الِاعْتِكَافِ بِهَذَا الشَّرْطِ لَزِمَهُ الْمُضِيُّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَخْرُجْ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَإِنْ خَرَجَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ اُنْتُقِضَ اعْتِكَافُهُ وَلَزِمَهُ أَنْ يَقْضِيَهُ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ لَمْ يَلْزَمْهُ اُنْظُرْ النُّكَتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>