للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكَلَامِ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى كَالدَّمِ فِي السَّيْفِ، وَهَذَا لِأَنَّ غَيْرَ الْكِيمَخْتِ لَا يَسُدُّ مَسَدَهُ وَلَا يَقُومُ مَقَامَهُ فَاخْتَصَّتْ بِهِ الرُّخْصَةُ لِنَوْعِ حَاجَةٍ وَضَرُورَةٍ انْتَهَى.

وَعَلَى هَذَا فَلَا يُصَلَّى فِي الْكِيمَخْتِ بِمُقْتَضَى الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ أَعْنِي النَّجَاسَةَ فَإِنِّي لَمْ أَرَ مَنْ نَقَلَ فِيهِ قَوْلًا بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ فَلَا يَكُونُ مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ هُنَا مُخَالِفًا لِلْمَشْهُورِ، نَعَمْ نَقَصَ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ قَوْلَهُ: " وَتَرْكُهُ أَحَبُّ إلَيَّ " وَهِيَ الَّتِي تُفِيدُ الْحُكْمَ فِيهِ، وَقَدْ تَعَقَّبَ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ إسْقَاطَ ذَلِكَ وَارْتَكَبَهُ هُنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَمَنِيٍّ وَمَذْيٍ وَوَدْيٍ)

ش: الْمَنِيُّ بِفَتْحٍ الْمِيمِ وَكَسْرِ النُّونِ وَآخِرُهُ تَحْتِيَّةٌ مُشَدَّدَةٌ وَيَأْتِي تَعْرِيفُهُ فِي فَصْلِ الْغُسْلِ وَالْمَذْيُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ، وَبِكَسْرِ الذَّالِ مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا حَكَاهُ الْفَاكِهَانِيُّ مَاءٌ رَقِيقٌ يَخْرُجُ عِنْدَ ثَوْرَانِ الشَّهْوَةِ يَشْتَرِكُ فِيهِ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَمَذْيُهَا بَلَّةٌ تَعْلُو فَرْجَهَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ: الْمَذْيُ يَكُونُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ هُوَ فِي النِّسَاءِ أَكْثَرُ قَالَ وَإِذَا هَاجَتْ الْمَرْأَةُ خَرَجَ مِنْهَا انْتَهَى. وَفِي الصِّحَاحِ كُلُّ ذَكَرٍ يَمْذِي وَكُلُّ أُنْثَى تَمْذِي يُقَالُ: مَذَتْ الشَّاةُ أَيْ أَلْقَتْ بَيَاضًا مِنْ رَحِمِهَا انْتَهَى.

وَالْوَدْيُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ، وَبِكَسْرِ الدَّالِ مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ وَيُقَالُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ وَهُوَ شَاذٌّ وَذَكَرَ ابْنُ فَرْحُونٍ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ مَنْ قَالَ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ بِالْمُعْجَمَةِ فَهُوَ تَصْحِيفٌ وَضَبَطَهُ فِي الطِّرَازِ بِالْمُعْجَمَةِ وَقَالَ الْوَدْيُ بِالْمُهْمَلَةِ صِغَارُ النَّخْلِ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ خَاثِرٌ يَخْرُجُ بِأَثَرِ الْبَوْلِ، أَوْ حَمْلِ شَيْءٍ ثَقِيلٍ.

وَالْمَنِيُّ نَجِسٌ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا وَحَكَى ابْنُ فَرْحُونٍ فِيهِ الْخِلَافَ عَنْ صَاحِبِ الْإِرْشَادِ وَتَأَوَّلَهُ ابْنُ الْفُرَاتِ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْخِلَافُ هَلْ هُوَ نَجِسٌ لِأَصْلِهِ، أَوْ لِمَمَرِّهِ.

(قُلْتُ) وَلَيْسَ ذَلِكَ بِظَاهِرِ وَنَصُّ كَلَامِهِ فِي الْإِرْشَادِ وَالْمَشْهُورُ نَجَاسَةُ مَنِيِّهِ يَعْنِي الْآدَمِيَّ وَقَالَ فِي عُمْدَتِهِ وَفِي الْمَنِيِّ قَوْلَانِ، وَأَمَّا الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ هَلْ هُوَ نَجِسٌ لِأَصْلِهِ أَوْ لِمَمَرِّهِ عَلَى مَحِلِّ الْبَوْلِ فَمَعْلُومٌ ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَعَلَيْهِمَا مَنِيُّ الْمُبَاحِ وَالْمَكْرُوهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ نَجِسًا وَعَلَى الثَّانِي لَا يَكُونُ نَجِسًا مِنْ الْمُبَاحِ الَّذِي لَا يَأْكُلُ النَّجَاسَةَ؛ لِأَنَّ بَوْلَهُ طَاهِرٌ وَلَا مِنْ الْمَكْرُوهِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ بَوْلَهُ تَابِعٌ، وَهَذَا يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ الْعِرَاقِيِّينَ قَالَ فِي الْإِرْشَادِ وَالْأَرْوَاثُ وَالْأَبْوَالُ وَالْمَنِيُّ تَوَابِعُ يَعْنِي اللُّحُومَ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْحُكْمُ بِنَجَاسَتِهِ مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ وَبِهِ فَسَّرَ الْبِسَاطِيُّ كَلَامَهُ وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ قَالَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ نَجَاسَتُهُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى ذَلِكَ فِي شُرُوحِهِ الثَّلَاثَةِ وَلَا فِي شَامِلِهِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذِهِ مِنْ كُتُبِهِ.

وَأَمَّا الْمَذْيُ وَالْوَدْيُ فَبِنَقْلِ شَاسٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى نَجَاسَتِهِمَا، فَقَالَ ابْنُ هَارُونَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ الْآدَمِيِّ وَالْمُحَرَّمِ، وَأَمَّا الْمُبَاحُ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّا إنْ أَجْرَيْنَا ذَلِكَ مُجْرَى بَوْلِهِ فَهُوَ طَاهِرٌ، أَوْ مُجْرَى مَنِيِّهِ فَفِيهِ الْخِلَافُ قَالَ ابْنُ نَاجِي نَخْتَارُ أَنَّهُ قِسْمٌ ثَالِثٌ، وَكَذَلِكَ وَافَقَ عَلَى نَجَاسَتِهِ مَنْ خَالَفَ فِي الْمَنِيِّ انْتَهَى. فَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُ الْحُكْمِ بِالنَّجَاسَةِ فِيهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ غَيْرَ الْآدَمِيِّ لَهُ مَذْيٌ وَوَدْيٌ وَتَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ الْإِمَامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) قَالَ الْبِسَاطِيُّ وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ فَضَلَاتِ الْأَنْبِيَاءِ وَقَالَ ابْنُ الْفُرَاتِ وَقَدْ اتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى نَجَاسَةِ مَنِيِّ الْآدَمِيِّ مَا عَدَا الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَغَسْلُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَشْرِيعٌ وَفِي التَّوْضِيحِ لَا دَلَالَةَ فِي مَنِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِادِّعَاءِ أَنَّهُ مِنْهُ طَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ نَجِسًا، وَفِي الْأَبِيِّ مَا يَقْتَضِي تَسْلِيمَ أَنَّ مَنِيَّهُ وَفَضَلَاتِهِ طَاهِرَةٌ، وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ بِطَهَارَةِ مَنِيِّ الْآدَمِيِّ وَاخْتَلَفُوا فِي غَيْرِهِ وَلَهُمْ قَوْلَانِ فِي جَوَازِ أَكْلِهِ حَكَاهُمَا النَّوَوِيُّ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَأَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَهُمْ حُرْمَةُ أَكْلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَقَيْحٍ وَصَدِيدٍ)

ش: الْقَيْحُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ، وَكَسْرُ الْقَافِ لَحْنٌ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>