للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَفْصِلُ وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ أَقْرَبُ وَأَوْلَى وَيُتْرَكُ الْعَمَلُ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ بِلَا ضَرُورَةٍ أَوْ يُجْعَلُ مِنْ بَابِ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْفِدْيَةُ الَّتِي بِلَا ضَرُورَةٍ عَلَى الْوَلِيِّ فَأَحْرَى الَّتِي لِضَرُورَةٍ فَتَأَمَّلْهُ.

وَالْفَرْقُ حِينَئِذٍ بَيْنَ زِيَادَةِ النَّفَقَةِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَالْفِدْيَةِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ أَنَّ الْوَلِيَّ كَانَ قَادِرًا عَلَى أَنْ يَصْحَبَهُ مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ فَلَمَّا أَدْخَلَهُ فِي الْإِحْرَامِ صَارَ كَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَلْزَمَهُ ذَلِكَ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) لَوْ أَصَابَ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ: يَفْصِلُ بِهِ كَزِيَادَةِ النَّفَقَةِ وَلَا تَأْثِيرَ لِكَوْنِهِ أَحْرَمَ بِهِ أَمْ لَا وَنَصُّهُ وَإِنْ أَصَابَ صَيْدًا قَبْلَ الْإِحْرَامِ فِي الْحَرَمِ كَانَ فِي مَالِ الْوَصِيِّ إذَا أَخْرَجَهُ تَعَدِّيًا وَإِنْ أَخْرَجَهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ كَانَ مَا أَصَابَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحْرِمْ لَكَانَ ذَلِكَ فِي مَالِهِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ الْإِحْرَامُ فِي ذَلِكَ شَيْئًا انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالتُّونُسِيُّ وَاللَّخْمِيُّ: وَجَزَاءُ صَيْدٍ بِالْحَرَمِ دُونَ إحْرَامِهِ جِنَايَةٌ إنْ خِيفَ، أَيْ فَيَكُونُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَإِلَّا فَعَلَى وَلِيِّهِ، وَقَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ لَمَّا ذَكَرَ حُكْمَ مَا إذَا لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ وَزَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا أَصَابَ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ كَانَ فِي مَالِ الَّذِي أَخْرَجَهُ وَلَيْسَ بِالْبَيْنِ؛ لِأَنَّهَا جَنَابَةٌ مِنْ الصَّبِيِّ كَمَا لَوْ قَتَلَ إنْسَانًا أَوْ دَابَّةً فِي سَفَرِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا فِي مَالِهِ انْتَهَى.

(قُلْت) وَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ هُوَ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي) لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ الْهَدْيِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الْهَدْي لَا يَكُونُ غَالِبًا إلَّا بِتَفْرِيطٍ مِنْ الْوَلِيِّ فَإِذَا فَرَّطَ فَذَلِكَ عَلَيْهِ وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكُلُّ شَيْءٍ وَجَبَ عَلَى الصَّبِيِّ مِنْ الدَّمِ فِي الْحَجِّ فَذَلِكَ عَلَى وَالِدِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: فِي الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةُ وَالْحَجُّ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ.

(الثَّالِثُ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ: وَإِذَا أَفْسَدَ حَجَّهُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْهَدْيِ انْتَهَى. وَذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَأَصْلُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَقَالَ فِي الطِّرَازِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَ الْمَوَّازِيَّةِ وَخِلَافَ الشَّافِعِيَّةِ فِيهِ، أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا فَإِنْ أَعْطَيْنَا وَطْأَهُ حُكْمَ الْجِمَاعِ فِي نَقْضِ الطَّهَارَةِ لَمْ يَبْعُدْ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَإِنْ لَمْ نُعْطِهِ حُكْمَ الْغُسْلِ وَالْحَدَثِ فَلَا قَضَاءَ فِيهِ انْتَهَى. وَانْظُرْ هَلْ يَصِحُّ مِنْهُ الْقَضَاءُ فِي حَالِ صِبَاهُ؟ لِلشَّافِعِيَّةِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ وَذَكَرَ ابْنُ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيُّ فِي مَنْسَكِهِ الْكَبِيرِ عَنْ الْمَالِكِيَّةِ مَا يَقْتَضِي صِحَّةَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ فِي الْكَلَامِ عَلَى جِمَاعِ الصَّبِيِّ وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: إنَّ حَجَّهُ يَفْسُدُ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْهَدْيُ وَأَنَّهُ إذَا بَلَغَ فِي أَثْنَاءِ الْقَضَاءِ فَلَا يَقَعُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ انْتَهَى. وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا لِأَصْحَابِنَا وَالظَّاهِرُ مِنْ إطْلَاقِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَقِيَاسًا عَلَى الْعَبْدِ الصِّحَّةُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَشَرْطُ وُجُوبِهِ كَوُقُوعِهِ فَرْضًا حُرِّيَّةٌ وَتَكْلِيفٌ وَقْتُ إحْرَامِهِ بِلَا نِيَّةِ نَفْلٍ) ش شُرُوطُ الْحَجِّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ، وَشَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ، وَشَرْطٌ فِي وُقُوعِهِ فَرْضًا، فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا شَرْطَ الصِّحَّةِ وَهُوَ الْإِسْلَامُ فَقَطْ وَذَكَرَ هُنَا شُرُوطَ وُجُوبِهِ وَشُرُوطَ وُقُوعِهِ فَرْضًا، فَقَالَ: وَشَرْطُ وُجُوبِهِ فَرْضًا إلَى آخِرِهِ

يَعْنِي أَنَّ شُرُوطَ وُجُوبِ الْحَجِّ الْحُرِّيَّةُ وَالتَّكْلِيفُ أَيْ كَوْنُ الشَّخْصِ مُكَلَّفًا وَهُوَ الْعَاقِلُ الْبَالِغُ، وَشَرْطُ وُقُوعِهِ فَرْضًا الْحُرِّيَّةُ وَالتَّكْلِيفُ وَخُلُوُّهُ عَنْ نِيَّةِ النَّفْلِ فَيَكُونُ شُرُوطُ وُجُوبِهِ ثَلَاثَةً: الْحُرِّيَّةُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ، وَشُرُوطُ وُقُوعِهِ فَرْضًا أَرْبَعَةً: هَذِهِ الثَّلَاثَةُ وَخُلُوُّهُ عَنْ نِيَّةِ النَّفْلِ فَلَا يَجِبُ الْحَجُّ عَلَى عَبْدٍ وَلَا عَلَى مَنْ فِيهِ شَائِبَةُ رِقٍّ مِنْ مُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَمُعْتَقٍ بَعْضُهُ، وَلَوْ كَانَ أَكْثَرُهُ وَلَا عَلَى مَنْ لَيْسَ بِبَالِغٍ وَلَا عَلَى مَجْنُونٍ وَيَصِحُّ مِنْ جَمِيعِهِمْ إذَا كَانُوا مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِمْ وَلَا يَقَعُ فَرْضًا مِمَّنْ ذَكَرْنَا وَلَوْ نَوَوْا الْفَرْضَ وَقَوْلُهُ وَقْتَ إحْرَامِهِ رَاجِعٌ إلَى الْأَخِيرِ، يَعْنِي أَنَّ الْحُرِّيَّةَ وَالتَّكْلِيفَ إنَّمَا يُعْتَبَرَانِ فِي وُقُوعِهِ فَرْضًا وَقْتَ الْإِحْرَامِ بِهِ فَمَنْ كَانَ وَقْتَ الْإِحْرَامِ حُرًّا مُكَلَّفًا صَحَّ إحْرَامُهُ بِالْفَرْضِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ حُرًّا أَوْ مُكَلَّفًا وَقْتَ الْإِحْرَامِ الَّذِي أَذِنَ فِيهِ السَّيِّدُ أَوْ الْوَلِيُّ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ الْفَرْضُ، وَلَوْ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>