للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبُعْدِ لَمْ يَسْقُطْ، فَإِنَّهُ خِلَافُ الْمَذْهَبِ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (مَا لَمْ يَخَفْ فَوْتًا فَالدَّمُ)

ش: مَا هَذِهِ ظَرْفِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ: وَإِلَّا رَجَعَ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ، وَهُوَ مُرِيدٌ لِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ، فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالرُّجُوعِ لِلْمِيقَاتِ لِيُحْرِمَ مِنْهُ مَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَ الرُّفْقَةِ أَوْ فَوْتَ الْحَجِّ، فَإِنَّهُ إنْ خَافَ ذَلِكَ أَحْرَمَ مِنْ مَحِلِّهِ، وَعَلَيْهِ دَمٌ لِمُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ.

ص (كَرَاجِعٍ بَعْدَ إحْرَامِهِ)

ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ، وَهُوَ مُرِيدٌ لِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ ثُمَّ أَحْرَمَ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهِ الْمِيقَاتَ، فَإِنَّ الدَّمَ لَازِمٌ لَهُ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِرُجُوعِهِ إلَى الْمِيقَاتِ بَعْدَ إحْرَامِهِ، وَهَذَا هُوَ: الْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: يَسْقُطُ الدَّمُ بِرُجُوعِهِ، وَلَهُ نَظَائِرُ.

ص (وَلَوْ أَفْسَدَ لَا فَاتَ)

ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ أَفْسَدَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ دَمُ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ إلَّا بِالْإِفْسَادِ أَمَّا لَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ فَاتَهُ الْحَجُّ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ دَمُ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ، وَهَذَا إذَا تَحَلَّلَ مِنْ إحْرَامِهِ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ، أَمَّا لَوْ بَقِيَ عَلَيْهِ إلَى قَابِلٍ لَمْ يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِفْسَادِ وَالْفَوَاتِ: أَنَّهُ فِي الْإِفْسَادِ مُسْتَمِرٌّ عَلَى إحْرَامِهِ بِخِلَافِ الْفَوَاتِ، فَإِنَّ الْحَجَّ الَّذِي قَصْدَهُ لَمْ يَحْصُلْ، وَالْعُمْرَةُ لَمْ يَقْصِدْهَا، فَأَشْبَهَ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُرِيدٍ لِلنُّسُكَيْنِ، وَإِتْمَامُهُ لِإِحْرَامِهِ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ كَإِنْشَائِهِ الْعُمْرَةَ حِينَئِذٍ، وَلَمْ يَحْصُلْ فِيهَا تَعَدٍّ يَجِبُ بِهِ الدَّمُ عَنْ أَشْهَبَ: أَنَّ الدَّمَ لَا يَسْقُطُ بِالْفَوَاتِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَدْ يَتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْفَسَادِ قَوْلًا بِسُقُوطِ الدَّمِ بِالْفَسَادِ، وَلَا أَعْلَمُ.

فِي لُزُومِ الدَّمِ خِلَافًا، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي سُقُوطِ الدَّمِ بِالْفَوَاتِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ)

ش: تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ، وَذَكَرَ ابْنُ غَازِيٍّ أَنَّهُ احْتَجَّ لِلْقَوْلِ بِانْعِقَادِهِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ لِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ قَالَ: إنَّهُ مُحْرِمٌ يَوْمَ أَنْ كَلَّمَ فُلَانًا فَهُوَ يَوْمَ يُكَلِّمُهُ مُحْرِمٌ، قَالَ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: لَمْ أَرَ لِمُتَقَدِّمٍ فِي انْعِقَادِهِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ - نَصًّا - قُصُورٌ (قُلْتُ:) ظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّ الْمَذْهَبَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ انْعِقَادُ الْإِحْرَامِ يَوْمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، وَأَنَّهُ يَكُونُ مُحْرِمًا مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ إحْرَامٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ وَالرَّجْرَاجِيُّ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ هَذَا قَوْلَ سَحْنُونٍ، وَأَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُحْرِمًا بِذَلِكَ حَتَّى يُنْشِئَ الْإِحْرَامَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَاسْتَشْكَلَ اللَّخْمِيُّ قَوْلَ سَحْنُونٍ، وَقَالَ: وَهُوَ حَقِيقٌ بِالْإِشْكَالِ، فَإِنَّ الْإِحْرَامَ عِبَادَةٌ تُفْتَقَرُ إلَيَّ نِيَّةٍ، وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ فِي بَابِ النَّذْرِ.

ص (وَإِنْ خَالَفَهَا لَفْظُهُ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَا نَوَاهُ، وَلَا يُعْتَبَرُ مَا تَلَفَّظَ بِهِ إذَا خَالَفَ النِّيَّةَ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَلَوْ اخْتَلَفَ عَقْدُهُ وَنُطْقُهُ فَالْعَقْدُ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: كَمَا لَوْ نَوَى الْإِفْرَادَ بِلَفْظِ الْقِرَانِ أَوْ بِالْعَكْسِ وَالْأَصَحُّ: اعْتِبَارُ نِيَّتِهِ، وَلَيْسَ فِي الْمَذْهَبِ مَنْ صَرَّحَ بِالْعَمَلِ عَلَى مَا تَلَفَّظَ بِهِ كَمَا تُعْطِيهِ عِبَارَتُهُ، وَانْظُرْ بَقِيَّةَ الْكَلَامِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ فِي حَاشِيَتِي عَلَى الْمَنَاسِكِ (فَرْعٌ) : لَوْ كَانَ فِي نَفْسِهِ الْحَجُّ مُفْرِدًا فَسَهَا حِينَئِذٍ فَقَرَنَ ثُمَّ رَجَعَ إلَى ذِكْرِ مَا فِي نَفْسِهِ فَلَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ بَعْدَ مَا وَقَعَ الْقِرَانُ نَقَلَهُ سَنَدٌ، وَهُوَ وَاضِحٌ، فَإِنَّ هَذَا وَقَّتَ الْإِحْرَامَ بِنِيَّةِ الْقِرَانِ، وَلَفَظَ بِالْقِرَانِ يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ، فَإِنَّ ذَلِكَ نِيَّتُهُ مِثْلُ الْإِفْرَادِ، وَإِنَّمَا سَبَقَ لَفْظُهُ إلَى الْقِرَانِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَلَا دَمَ، وَإِنْ بِجِمَاعٍ)

ش: قَوْلُهُ: وَلَا دَمَ مِنْ تَتِمَّةِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَهِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>