للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَنْوِ بِهِ الْقُدُومَ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ أَوَّلَ طَوَافِهِ جَعَلُوهُ بِمَنْزِلَةِ طَوَافِ الْقُدُومِ، فَفَاتَ مَحِلُّ طَوَافِ الْقُدُومِ أَخَّرَ سَعْيَهُ إلَى ذَلِكَ، وَهَذَا تَكَلُّفٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) : قَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ فِي مَنْسَكِهِ الْكَبِيرِ فِي أَوْجُهِ الْإِحْرَامِ: لَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ أَحْرَمَ مُطْلَقًا فَوَجْهَانِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مُدْخِلًا لِلْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ، وَالثَّانِي: وَإِنْ صَرَفَهُ إلَى الْحَجِّ كَانَ كَذَلِكَ، وَإِنْ صَرَفَهُ إلَى الْعُمْرَةِ يَبْطُلُ الثَّانِي، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ يَصِيرُ قَارِنًا انْتَهَى.

ص (وَإِنْ نَسِيَ فَقِرَانٌ وَنَوَى الْحَجَّ وَبَرِئَ مِنْهُ فَقَطْ)

ش يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِنُسُكٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ إنْ نَسِيَ مَا أَحْرَمَ بِهِ، فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْقِرَانِ وَيُجَدِّدُ الْآنَ نِيَّةَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ احْتِيَاطًا، فَإِنَّ إحْرَامَهُ الْأَوَّلَ: وَإِنْ كَانَ حَجًّا أَوْ قِرَانًا لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ عُمْرَةً ارْتَدَفَ ذَلِكَ الْحَجُّ عَلَيْهَا، وَقَدْ صَارَ قَارِنًا، وَيُكْمِلُ حَجَّهُ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ حَجِّهِ الْأَوَّلِ أَتَى بِعُمْرَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ إحْرَامُهُ الْأَوَّلُ إنَّمَا هُوَ بِحَجَّةٍ فَقَطْ، فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ عُمْرَةَ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: وَبَرِيءَ مِنْهُ فَقَطْ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: إذَا أَحْرَمَ بِمُعَيَّنٍ ثُمَّ نَسِيَ مَا أَحْرَمَ بِهِ أَهُوَ عُمْرَةٌ أَوْ قِرَانٌ أَوْ إفْرَادٌ؟ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ عَلَى الْحَجِّ وَالْقِرَانِ أَيْ: يَحْتَاطُ بِأَنْ يَنْوِيَ الْحَجَّ؛ إذْ ذَاكَ وَيَطُوفَ وَيَسْعَى بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ قَارِنٌ وَيُهْدِيَ لِلْقِرَانِ وَيَأْتِيَ بِعُمْرَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَحْرَمَ أَوَّلًا بِإِفْرَادٍ انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ: وَيَطُوفُ وَيَسْعَى يَعْنِي إنْ لَمْ يَكُنْ طَافَ وَسَعَى، وَإِنْ كَانَ طَافَ وَسَعَى أَجْزَاهُ وَقَوْلُهُ: إذْ ذَاكَ أَيْ: وَقْتَ شَكِّهِ، وَإِطْلَاقُهُ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ سَنَدٌ مِنْ أَنَّهُ وَقَعَ شَكُّهُ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ فَلِيَمُرَّ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ حَتَّى إذَا فَرَغَ مِنْ سَعْيِهِ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، مَا قَالَهُ سَنَدٌ هُوَ: الظَّاهِرُ ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ عَجَّلَ فَنَوَى الْحَجَّ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ جَرَى عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي إرْدَافِ الْحَجِّ فِيهِمَا، وَنَصُّ كَلَامِهِ: وَلَوْ نَوَى شَيْئًا وَنَسِيَهُ فَهَذَا قَارِنٌ، وَلَا بُدَّ، وَقَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْوَجْهُ عِنْدِي: أَنْ يَنْوِيَ إحْرَامًا بِالْحَجِّ، فَإِنْ كَانَ إحْرَامُهُ الْأَوَّلُ بِالْحَجِّ لَمْ يَضُرَّهُ، وَإِنْ كَانَ بِالْعُمْرَةِ، وَلَمْ يَطُفْ بَعْدُ فَهُوَ قَارِنٌ، وَيَصِحُّ الْحَجُّ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ السَّعْيِ، فَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ، فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ إنْ كَانَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَيَصِحُّ حَجُّهُ أَيْضًا، وَهُوَ أَصْلَحُ، وَمَنْ يَبْقَى عَلَى إحْرَامِهِ، وَلَعَلَّهُ بِعُمْرَةٍ، فَلَا يَصِحُّ لَهُ بِهِ حَجٌّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُهْدِيَ احْتِيَاطًا لِخَوْفِ تَأْخِيرِ الْحِلَاقِ، وَإِنْ وَقَعَ شَكُّهُ بَعْدَ سَعْيِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، فَلَيْسَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ حَتَّى إذَا فَرَغَ مِنْ سَعْيِهِ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، وَإِنْ عَجَّلَ، فَنَوَى الْحَجَّ، هَلْ يُجْزِئُهُ ذَلِكَ يُخَرَّجُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي إرْدَافِ الْحَجِّ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ أَوْ السَّعْيِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ مَا كَانَ إحْرَامَهُ، فَإِنْ قَدَّرْنَاهُ عُمْرَةً وَصَحَّحْنَا الْإِرْدَافَ، فَقَدْ صَحَّ حَجُّهُ، وَإِنْ لَمْ نُصَحِّحْ الْإِرْدَافَ لَمْ يَصِحَّ حَجُّهُ، فَلِهَذَا قُلْنَا يُجَدِّدُ نِيَّةَ الْحَجِّ بَعْدَ السَّعْيِ لِيَكُونَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ صِحَّةِ حَجِّهِ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يُجْزِئْ بِحَجَّةٍ، وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ لِكَوْنِهِ عَلَى غَيْرِ يَقِينٍ مِنْ إحْرَامِهِ انْتَهَى.

وَالْمَشْهُورُ: أَنَّ الْإِرْدَافَ يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ وَبِالْكَرَاهَةِ بَعْدَ الطَّوَافِ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ، أَمَّا بَعْدَ الرُّكُوعِ وَأَثْنَاءَ السَّعْيِ، فَلَا يَصِحُّ الْإِرْدَافُ وَقَوْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ: وَيَطُوفُ وَيَسْعَى بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ قَارِنٌ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ شَكُّهُ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ وَنَوَى الْحَجَّ أَنْ يُكْمِلَ طَوَافَهُ وَيَسْعَى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

، وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَرْدَفَ فِي الْحَرَمِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ عَلَى يَقِينٍ مِمَّا أَحْرَمَ بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ إحْرَامُهُ الْأَوَّلُ قِرَانًا أَوْ إفْرَادًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

، أَمَّا لَوْ وَقَعَ شَكُّهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ أَوْ فِي أَثْنَاءِ السَّعْيِ وَنَوَى الْحَجَّ لَمْ يَصِحَّ وَيُعِيدُ النِّيَّةَ بَعْدَ السَّعْيِ كَمَا قَالَ سَنَدٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (كَشَكِّهِ أَفْرَدَ أَوْ تَمَتَّعَ)

ش: هَذَا التَّشْبِيهُ لِهَذَا الْفَرْعِ بِمَا قَبْلَهُ فِي الْأَخْذِ بِالْأَحْوَطِ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَشَكِّهِ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ بِعُمْرَةٍ وَتَبِعَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عِبَارَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِنَحْوِ مَا ذَكَرْنَا، وَفُهِمَ مِنْ تَشْبِيهِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَنْوِي الْحَجَّ هُنَا أَيْضًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ إحْرَامُهُ الْأَوَّلُ: عُمْرَةً، وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>