للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَوْضِعُ الْبُدَاءَةِ الْحَجَرُ، وَقَدْ بَدَأَ مِنْهُ، وَيُخَالِفُ الْقِبْلَةَ، فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَسْتَقْبِلَ غَيْرَهَا، وَلِأَنَّهُ فِي الْبَيْتِ أَيْضًا لَا يَسْتَقْبِلُ جَمِيعَهُ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا يَسْتَقْبِلُ بَعْضَهُ وَكَذَا يُجْزِئُهُ مِنْ الْحَجَرِ بَعْضُهُ انْتَهَى.

قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ مُعَلَّى، وَهَذَا مِنْ الْحَرَجِ الَّذِي لَا يَلْزَمُ وَالْمَذْهَبُ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ هَذَا التَّحْدِيدِ وَمُرَاعَاةِ هَذِهِ الْكَيْفِيَّاتِ وَالْمُرَاعَى أَنْ يَبْتَدِئَ مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَيَحْتَاطُ فِي ابْتِدَاءِ الشَّوْطِ الْأَوَّلِ بِحَيْثُ يَكُونُ ابْتِدَاؤُهُ مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ انْتَهَى.

وَقَدْ صَرَّحَ سَنَدٌ بِأَنَّ الْبُدَاءَةَ مِنْ الْحَجَرِ لَيْسَتْ شَرْطًا عِنْدَنَا بَلْ هِيَ مِمَّا يُجْبَرُ بِالدَّمِ بَلْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ بَدَأَ مِنْ بَيْنِ الْحَجَرِ وَالْبَابِ أَنَّهُ يَسِيرٌ وَيُجْزِئُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَا يُقَالُ: قَوْلُهُ: فِي الطِّرَازِ يَسْتَقْبِلُ الْحَجَرَ بِجَمِيعِهِ مُعَارِضٌ لِقَوْلِهِ: بَعْدُ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَأْتِيَ مِنْ يَمِينِ الْحَجَرِ وَيُحَاذِي يَسَارَهُ بِيَمِينِ الْحَجَرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ الْحَجَرَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ، وَتَكُونُ يَدُهُ الْيُسْرَى مُحَاذِيَةً لِيَمِينِ الْحَجَرِ ثُمَّ يُقَبِّلُهُ وَيَمْشِي عَلَى جِهَةِ يَدِهِ الْيُمْنَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ:) ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْحَاجِّ فِي الْمَدْخَلِ فِي ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ أَمْرًا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، بَلْ هُوَ مُشَوِّشٌ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ، وَيُوجِبُ لَهُمْ الْوَسْوَاسَ، وَرُبَّمَا حَصَلَ مِنْهُ إذَا فَعَلُوهُ تَشْوِيشٌ عَلَى الطَّائِفِينَ، وَنَصُّهُ: وَلْيُحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضَهُمْ، وَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ الْحَجَرَ فَيُقَبِّلَهُ ثُمَّ يَأْخُذَ فِي الطَّوَافِ، وَبَعْضُ الْحَجَرِ خَلْفَهُ، وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَسْتَكْمِلْ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ بَلْ سِتَّةً، فَإِذَا كَانَ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ وَجَبَ عَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ كَانَ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ بَطَلَ طَوَافُهُ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ مِنْ قَابِلٍ، وَهُوَ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ فَيَلْزَمُهُ فِي كُلِّ مَا يَقَعُ لَهُ مِمَّا يُخَالِفُ إحْرَامَهُ مَا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ التَّدَارُكُ، وَكَيْفِيَّةُ مَا يَفْعَلُهُ حَتَّى يَسْلَمَ مِمَّا ذُكِرَ وَهُوَ أَنْ يَمْشِيَ ثَلَاثَ خُطُوَاتٍ أَوْ نَحْوَهَا مِنْ نَاحِيَةِ الرُّكْنِ الْيَمَانِي ثُمَّ يَرُدَّ الْبَيْتَ عَلَى يَسَارِهِ ثُمَّ يَأْخُذَ فِي الطَّوَافِ فَيَكُونَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ إكْمَالِهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يَفْعَلُ فِي الشَّوْطِ الْأَخِيرِ يَمْشِي فِيهِ حَتَّى يَتْرُكَ الْحَجَرَ خَلْفَهُ بِخُطْوَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ لِكَيْ يُوقِنَ بِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ انْتَهَى.

(قُلْتُ:) ، وَهَذَا غَيْرُ لَازِمٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا ابْتَدَأَ مِنْ أَيِّ نَاحِيَةٍ مِنْ الْحَجَرِ أَجْزَأَهُ إذَا تَمَّ الشَّوْطُ السَّابِعُ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي ابْتَدَأَ مِنْهُ بَلْ لَوْ ابْتَدَأَ مِنْ بَيْنِ الرُّكْنِ وَالْبَابِ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ إذَا أَتَمَّ إلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ مُرَادُ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ أَنَّهُ إذَا ابْتَدَأَ مِنْ وَسَطِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ أَوْ مِنْ جَانِبِهِ الَّذِي يَلِي الْبَيْتَ ثُمَّ أَتَمَّ الطَّوَافَ إلَى طَرَفِهِ الَّذِي يَلِي الرُّكْنَ الْيَمَانِي فَمَا قَالَهُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الطَّوَافِ صَحِيحٌ وَلَكِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهِ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى جِهَةِ الرُّكْنِ الْيَمَانِي بِثَلَاثِ خُطُوَاتِ أَوْ نَحْوِهَا وَلِأَنَّ ذَلِكَ رُبَّمَا آذَى الطَّائِفِينَ وَشَوَّشَ عَلَيْهِمْ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ مَا يَفْعَلُهُ فِي ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ، وَقَالَ ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: يَنْبَغِي أَنْ يَحْتَاطَ عِنْدَ ابْتِدَائِهِ الطَّوَافَ بِأَنْ يَقِفَ قَبْلَ الرُّكْنِ بِقَلِيلٍ بِأَنْ يَكُونَ الْحَجَرُ عَنْ يَمِينِ مَوْقِفِهِ لِيَسْتَوْعِبَ جُمْلَتَهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَسْتَوْعِبْ الْحَجَرَ لَمْ يُعْتَدَّ بِذَلِكَ الشَّوْطِ الْأَوَّلِ فَلْيَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ، فَإِنَّ كَثِيرًا مَا يَقَعُ فِيهِ الْجَاهِلُ انْتَهَى.

(قُلْتُ:) إنْ أَرَادَ أَنَّ هَذَا هُوَ الْأَوْلَى فَظَاهِرٌ لَكِنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَسْتَوْعِبْ الْحَجَرَ لَمْ يَعْتَدَّ بِذَلِكَ الشَّوْطِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِمَا تَقَدَّمَ

(الرَّابِعُ) قَالَ سَنَدٌ: إطْلَاقُ الْأَطْوَافِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَجَوَّزَ مَالِكٌ الْأَشْوَاطَ وَكَرِهَ الشَّافِعِيُّ الْأَشْوَاطَ وَالْأَدْوَارَ، وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ الرَّمَلِ انْتَهَى.

يَعْنِي إطْلَاقَ الْأَشْوَاطِ، وَنَقَلَ ابْنُ فَرْحُونٍ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ شَوْطٌ أَوْ دُورٌ، وَإِنَّمَا يُقَالُ: طَوَافٌ انْتَهَى.

، وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ أَنَّ الْأَدْوَارَ لَا تُكْرَهُ أَيْضًا، فَإِنَّهُ قَالَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ أَيْضًا: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِكَ أَطَافَ بِهِ وَدَارَ بِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ فَرْحُونٍ كَلَامَ صَاحِبِ الطِّرَازِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (بِالطُّهْرَيْنِ وَالسِّتْرِ)

ش: الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الطُّهْرَيْنِ وَالسِّتْرُ لِلْعَبْدِ يُشِيرُ بِذَلِكَ إلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ فَأَمَّا اشْتِرَاطُ طَهَارَةِ الْحَدَثِ فِي الطَّوَافِ فَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>