للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الصَّفَا، وَأَنَّهُ يَحْسِبُ ذَلِكَ شَوْطًا، وَيَحْسِبُ الْعَوْدَ شَوْطًا آخَرَ.

ص (وَصِحَّتُهُ بِتَقَدُّمِ طَوَافٍ وَنَوَى فَرِيضَتَهُ، وَإِلَّا فَدَمٌ)

ش يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ السَّعْيِ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ طَوَافٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَذَلِكَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَالْمَذْهَبُ شَرْطُ كَوْنِهِ بَعْدَ طَوَافٍ انْتَهَى.

، فَلَوْ سَعَى مِنْ غَيْرِ طَوَافٍ لَمْ يَجْزِهِ ذَلِكَ السَّعْيُ بِلَا خِلَافٍ وَقَوْلُهُ: وَنَوَى فَرْضِيَّتَهُ، وَإِلَّا فَدَمٌ يَعْنِي، وَيَجِبُ فِي الطَّوَافِ الَّذِي سَعَى بَعْدَهُ أَنْ يَكُونَ فَرْضًا، فَإِنْ أَوْقَعَ السَّعْيَ بَعْدَ طَوَافٍ لَيْسَ بِفَرْضٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ: ثُمَّ اُخْتُلِفَ، هَلْ يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَعَ أَحَدِ الطَّوَافَيْنِ إمَّا طَوَافَ الْقُدُومِ، وَإِمَّا طَوَافَ الْإِفَاضَةِ، وَيَكْفِي فِيهِ أَيُّ طَوَافٍ كَانَ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ، وَفِي شَرْطِ وُجُوبِهِ قَوْلَانِ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَهَا انْتَهَى.

وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ السَّعْيِ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ طَوَافٌ وَاخْتُلِفَ، هَلْ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا أَوْ يَكْفِيَ أَيُّ طَوَافٍ كَانَ لِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا طَافَ حَاجٌّ أَوَّلَ دُخُولِهِ مَكَّةَ لَا يَنْوِي بِهِ تَطَوُّعًا، وَلَا فَرِيضَةً لَمْ يُجْزِهِ سَعْيُهُ إلَّا بَعْدَ طَوَافٍ يَنْوِي بِهِ طَوَافَ الْفَرِيضَةِ، فَإِنْ لَمْ يَتَبَاعَدْ رَجَعَ فَطَافَ وَسَعَى، وَإِنْ فَرَغَ مِنْ حَجِّهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ وَتَبَاعَدَ وَجَامَعَ النِّسَاءَ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ دَمٌ، وَالدَّمُ فِي هَذَا خَفِيفٌ انْتَهَى.

فَتَخْفِيفُهُ لِلدَّمِ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: إلَى الِاشْتِرَاطِ يَرْجِعُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْمَذْهَبِ انْتَهَى.

، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الِاشْتِرَاطَ لَلَزِمَهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ عَلَى أَنَّ سَنَدًا اعْتَرَضَ عَلَى الْبَرَاذِعِيُّ قَوْلَهُ: وَلَمْ يَنْوِ فَرْضًا، وَلَا تَطَوُّعًا لَمْ يُجْزِهِ، وَقَالَ: إنَّمَا قَالَ فِي الْكِتَابِ: وَلَمْ يَنْوِ حَجًّا ثُمَّ سَعَى فَلَا أُحِبُّ لَهُ سَعْيَهُ إلَّا بَعْدَ طَوَافٍ يَنْوِي بِهِ الْفَرْضَ، فَإِنْ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ أَوْ جَامَعَ رَأَيْتُهُ مُجْزِيًا عَنْهُ، وَعَلَيْهِ دَمٌ انْتَهَى كَلَامُ التَّوْضِيحِ يَعْنِي أَنَّ سَنَدًا اعْتَرَضَ عَلَى الْبَرَاذِعِيُّ فِي قَوْلِهِ: لَمْ يُجْزِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الطِّرَازِ: لَوْ لَمْ يَكُنْ مُجْزِيًا لَوَجَبَ أَنْ يَرْجِعَ لَهُ مِنْ بَلَدِهِ، كَمَا لَوْ طَافَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَسَعَى، وَلَمْ يُعِدْ سَعْيُهُ حَتَّى رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ وَأَجَابَ الْعَوْفِيُّ عَنْ الْبَرَاذِعِيّ بِأَنَّ الْإِجْزَاءَ مَعْنَاهُ الِاكْتِفَاءُ، وَهُوَ لَا يَكْتَفِي بِمَا فَعَلَهُ قَرِيبًا كَانَ أَوْ بَعِيدًا فَفِي الْقُرْبِ يُعِيدُهُ، وَفِي الْبُعْدِ يَجْبُرُهُ بِالدَّمِ قَالَ: وَإِنَّمَا الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْبَرَاذِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي الْأُمِّ لَمْ يَنْوِ بِطَوَافِهِ لِحَجِّهِ، وَبَدَّلَهَا هُوَ بِقَوْلِهِ: فَرِيضَةً، وَلَا تَطَوُّعًا، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ إنَّمَا تُطْلَقُ عَلَى الْعَابِثِ أَوْ الذَّاهِلِ ثُمَّ قَالَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يَنْتَصِرَ لَهُ بِأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ نِيَّتَهُ حِينَ الطَّوَافِ أَنَّهُ تَطَوُّعٌ، وَلَا قُدُومَ فَلَا يَكْتَفِي بِهِ، وَإِنْ تَبَاعَدَ أَجْزَأَهُ إذْ لَمْ يَخْلُ عَنْ نِيَّةِ التَّقَرُّبِ بِهِ، وَقَرِينَتُهُ حَالَ الْحَاجِّ لَا سِيَّمَا مِنْ الْبِلَادِ الْبَعِيدَةِ أَنَّهُ إنَّمَا يَطُوفُ تَقَرُّبًا بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَأَقَلُّ دَرَجَاتِ هَذِهِ النِّيَّةِ التَّطَوُّعُ فَلِهَذَا سَاغَ أَنْ يَكْتَفِيَ بِهِ انْتَهَى.

يَعْنِي مَعَ الْبُعْدِ (قُلْتُ:) ، وَاَلَّذِي رَأَيْتُهُ فِي الْأُمِّ، كَمَا قَالَ الْبَرَاذِعِيُّ وَنَصُّهَا: قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ مَكَّةَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ أَوَّلَ مَا دَخَلَ مَكَّةَ لَا يَنْوِي بِطَوَافِهِ هَذَا فَرِيضَةً، وَلَا تَطَوُّعًا ثُمَّ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟ قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يُجْزِيَهُ سَعْيُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إلَّا بَعْدَ طَوَافٍ يَنْوِيَ بِهِ طَوَافَ الْفَرِيضَةِ الَّذِي دَخَلَ بِهِ، فَإِنْ فَرَغَ مِنْ حَجِّهِ، وَرَجَعَ إلَى بَلَدِهِ وَتَبَاعَدَ، وَجَامَعَ النِّسَاءَ رَأَيْتُ ذَلِكَ مُجْزِيًا عَنْهُ وَرَأَيْتُ عَلَيْهِ الدَّمَ، وَالدَّمُ فِي هَذَا خَفِيفٌ عِنْدِي، قَالَ: وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتَبَاعَدْ رَأَيْتُ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ انْتَهَى.

وَهَكَذَا نَقَلَهُ يُونُسُ، وَنَقَلَ الْعَوْفِيُّ عَنْ الْأُمِّ مِثْلَ مَا قَالَ سَنَدٌ وَاخْتِصَارُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلَعَلَّ نُسَخَ الْأُمِّ مُخْتَلِفَةٌ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

فَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَنَوَى فَرِيضَتَهُ، وَإِلَّا فَدَمٌ الطَّوَافُ الَّذِي يَقَعَ بَعْدَهُ السَّعْيُ يَجِبُ أَنْ يَنْوِيَ فَرْضِيَّتَهُ بِأَنْ يَكُونَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ أَوْ طَوَافَ الْقُدُومِ بِالْحَجِّ أَوْ طَوَافَ الْعُمْرَةِ، فَإِنْ أَوْقَعَهُ بَعْدَ طَوَافٍ لَا يَنْوِي فَرْضِيَّتَهُ كَطَوَافِ الْوَدَاعِ أَوْ طَوَافِ تَطَوُّعٍ، كَمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ وَطَافَ وَسَعَى، فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهِ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>