للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَحْوَالِ فِي حَقِّ أَكْثَرِ النَّاسِ، وَالرُّكُوبُ لَا يَتَأَتَّى فِي حَقِّ الْأَكْثَرِ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: الْمُرَادُ بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ الطُّمَأْنِينَةُ، وَلَوْ جَالِسًا انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوُقُوفِ الْقِيَامَ عَلَى الرِّجْلَيْنِ فَالرَّاكِبُ بِغَيْرِهِ يُسَمَّى وَاقِفًا بَلْ الْمُرَادُ الطُّمَأْنِينَةُ بِعَرَفَةَ سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا وَاقِفًا أَوْ جَالِسًا أَوْ مُضْطَجِعًا مَا عَدَا الْمُرُورَ مِنْ غَيْرِ طُمَأْنِينَةٍ فَهُوَ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ انْتَهَى.

وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَلَوْ مَرَّ إنْ نَوَاهُ أَشَارَ بِهِ إلَى الْخِلَافِ فِي إجْزَاءِ الْمُرُورِ بِعَرَفَةَ مِنْ غَيْرِ طُمَأْنِينَةٍ فَذَكَرَ أَنَّهُ يُجْزِئُ إذَا نَوَى بِهِ الْوُقُوفَ، وَيُرِيدُ إذَا عَرَّفَهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: بَعْدَ هَذَا إلَّا لِجَاهِلٍ، مَا ذَكَرَهُ مِنْ إجْزَاءِ الْمُرُورِ إذَا نَوَى بِهِ الْوُقُوفَ هَذَا أَحَدُ الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ وَعَزَاهُ فِي التَّوْضِيحِ لِابْنِ الْمَوَّازِ وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلشَّيْخِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَلِابْنِ مُحْرِزٍ، وَذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ سَنَدٍ أَنَّهُ شَهَرَ إجْزَاءَ الْمُرُورِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا، وَلَمْ يَنْوِ الْوُقُوفَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ سَنَدٍ، وَقِيلَ: يُجْزِئُ مُرُورُهُ إذَا عَرَفَهَا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْوُقُوفَ، وَإِنَّمَا يُجْزِئُ الْمُرُورَ إذَا عَرَفَهَا وَنَوَى الْوُقُوفَ، وَذَكَرَ اللَّهَ، وَقِيلَ: بِالْوَقْفِ ذَكَرَ هَذِهِ الْأَقْوَالَ الْأَرْبَعَةَ ابْنُ عَرَفَةَ (تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَإِذَا قِيلَ: إنَّ الْمُرُورَ يُجْزِئُ فَقَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: عَلَيْهِ دَمٌ، وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ

(الثَّانِي:) فُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ نَهَارًا، وَلَمْ يَقِفْ لَيْلًا لَمْ يُجْزِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ يُجْزِئُهُ، وَعَلَيْهِ دَمٌ، قَالَ الْجُزُولِيُّ فِي بَابِ جُمَلٍ مِنْ الْفَرَائِضِ: وَهِيَ قَوْلُهُ: عِنْدَنَا فِي الْمَذْهَبِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ وَقَفَ لَيْلًا يُجْزِيهِ، وَالْحَاصِلُ: أَنَّ زَمَنَ الْوُجُوبِ مُوَسَّعٌ، وَآخِرُهُ طُلُوعُ الْفَجْرِ، وَاخْتَلَفُوا فِي مَبْدَئِهِ، فَالْجُمْهُورُ أَنَّ مَبْدَأَهُ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَمَالِكٌ يَقُولُ: مِنْ الْغُرُوبِ وَوَافَقَ الْجُمْهُورَ مِنْ أَهْلِ مَذْهَبِنَا اللَّخْمِيُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ، وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ وَاسْتَقْرَأَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ مَسَائِلَ، وَلَيْسَ اسْتِقْرَاؤُهُ بِالْبَيِّنِ فَلِذَلِكَ لَمْ نَنْقُلْهُ هُنَا نِعْمَ الْحَقُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

مَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَيْهِ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَأَئِمَّةُ الْمَذْهَبِ أَعْلَمُ

بِالسُّنَّةِ، وَبِمَا وَرَدَ مِنْهَا، وَبِمَا هُوَ مِنْهَا مَعْمُولٌ بِهِ، وَجَرَى بِهِ عَمَلُ السَّلَفِ وَفَتَاوِيهِمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

، وَقَالَ الْجُزُولِيُّ فِي كِتَابِ الْحَجِّ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُومَ بِالنَّاسِ الْإِمَامُ الْمَالِكِيُّ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ غَيْرَ الْمَالِكِيِّ يُفْسِدُ عَلَى الْمَالِكِيِّينَ حَجَّهُمْ؛ لِأَنَّهُ يَنْفِرُ قَبْلَ الْغُرُوبِ، وَإِنْ كَانَ مَالِكِيًّا لَمْ يَنْفِرْ إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ (قُلْت:) هَذَا لَيْسَ بِلَازِمٍ؛ لِأَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى طَلَبِ الْوُقُوفِ فِي جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ (الثَّالِثُ:) لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حُكْمَ الْوُقُوفِ نَهَارًا، وَهُوَ وَاجِبٌ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فَمَنْ تَرَكَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَزِمَهُ دَمٌ وَمَحِلُّهُ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ، وَلَوْ وَقَفَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَدَفَعَ قَبْلَ الْغُرُوبِ ثُمَّ ذَكَرَ فَرَجَعَ وَوَقَفَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَجْزَأَهُ، وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ قَالَ سَنَدٌ: وَمَنْ دَفَعَ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَقَبْلَ الْإِمَامِ أَجْزَأَهُ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَدْفَعَ قَبْلَ الْإِمَامِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ (الرَّابِعُ:) قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: لَوْ دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ الْغُرُوبِ مَغْلُوبًا فَهَلْ يُجْزِيهِ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ: نَفْيُ الْإِجْزَاءِ أَصْلُ الْمَذْهَبِ، وَثُبُوتُهُ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ، وَنَقَلَهُ التَّادَلِيّ وَابْنُ فَرْحُونٍ وَالْقَوْلُ بِالْإِجْزَاءِ لِيَحْيَى بْنِ عُمَرَ فِي أَهْلِ الْمَوْسِمِ يَنْزِلُ بِهِمْ مَا نَزَلَ بِالنَّاسِ سَنَةَ الْغُلُوِّ مِنْ هُرُوبِهِمْ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ أَنْ يُتِمُّوا الْوُقُوفَ أَنَّهُ يُجْزِيهِمْ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْخَامِسُ:) مَنْ دَفَعَ قَبْلَ الْغُرُوبِ، وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ عَرَفَةَ حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ أَجْزَأَهُ، وَعَلَيْهِ هَدْيٌ قَالَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ وَصَاحِبُ الطِّرَازِ وَغَيْرُهُمْ قَالَ سَنَدٌ: قَالَ أَصْحَابُنَا: إنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ بِنِيَّتِهِ الِانْصِرَافُ قَبْلَ الْغُرُوبِ (قُلْت:) فَعَلَى هَذَا مَنْ دَفَعَ قَبْلَ الْغُرُوبِ مِنْ الْمَحِلِّ الَّذِي يَقِفُ فِيهِ النَّاسُ لِأَجْلِ الزَّحْمَةِ وَنِيَّتُهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ لِلسِّعَةِ وَيَقِفَ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(السَّادِسُ) إذَا دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ فَلْيَحْذَرْ أَنْ يُؤْذِيَ أَحَدًا قَالَ فِي الزَّاهِي: فَإِذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ

<<  <  ج: ص:  >  >>