للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَخْمِيرِ الرَّأْسِ وَقَدَّمَ سَتْرَ ذَلِكَ الْجُزْءِ عَلَى كَشْفِ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ؛ لِأَنَّ الرَّأْسَ عَوْرَةٌ، وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ فَوْقَ حَقِّ الْإِحْرَامِ انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (إلَّا لِسَتْرٍ بِلَا غَرْزٍ وَرَبْطٍ)

ش: أَيْ لِقَصْدِ السَّتْرِ عَنْ الرِّجَالِ، وَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّتْرَ يَسْتَلْزِمُهُ، وَلِذَلِكَ جَعَلَ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَوْنَهُ لِلسَّتْرِ قَسِيمَ كَوْنِهِ لِحَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ وَكَذَا فِي كَلَامِ الْبَاجِيِّ، وَبِهَذَا اعْتَذَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ فَإِنْ فَعَلَتْهُ لِحَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ فَسِيَّانِ، فِيهِ الْفِدْيَةُ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَأَمَّا لِأَجْلِ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ، أَوْ لِغَيْرِ سَبَبٍ لَهَا ذَلِكَ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الطِّرَازِ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتُرَ وَجْهَهَا عَنْ الرِّجَالِ، فَإِنْ أَمْكَنَهَا بِشَيْءٍ فِي يَدَيْهَا كَالْمِرْوَحَةِ، وَشَبَهِهَا، فَحَسَنٌ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهَا، وَكَانَ لَهَا جِلْبَابٌ سَدَلَتْهُ عَلَى رَأْسِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ، فَلَهَا أَنْ تَنْصِبَ بَعْضَ ثَوْبِهَا تِجَاهَهَا بِيَدَيْهَا، وَلَهَا أَنْ تُلْقِيَ كُمَّهَا عَلَى رَأْسِهَا، وَتَسْدِلُ بَعْضَهُ عَلَى وَجْهِهَا، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ إلَّا خِمَارَهَا الَّذِي عَلَى رَأْسِهَا، فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ تَرْفَعْهُ عَلَى رَأْسِهَا فَتَسْدُلْهُ عَلَى وَجْهِهَا فَعَلَتْهُ، وَإِنْ رَفَعَتْ حِجْرَ خِمَارِهَا فَأَلْقَتْهُ عَلَى رَأْسِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ سَتْرَ الْوَجْهِ وَلُبْسَ الْمَخِيطِ إنَّمَا تَجِبُ فِيهِ الْفِدْيَةُ مَعَ الطُّولِ وَالِانْتِفَاعِ بِاللُّبْسِ مِنْ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ وَشِبْهِهِ مِمَّا وُضِعَ لَهُ ذَلِكَ اللِّبَاسُ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْهُ فِي شَيْءٍ، فَإِنْ عَقَدَتْ الْخِمَارَ عَلَى رَأْسِهَا نُظِرَ، فَإِنْ حَلَّتْهُ بِالْقُرْبِ، فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا، وَإِنْ تَرَكَتْهُ حَتَّى طَالَ افْتَدَتْ، وَإِنْ أَرْسَلَتْهُ عَلَى رَأْسِهَا، وَلَمْ تَعْقِدْهُ وَطَالَ كَانَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي سَتْرِ وَجْهِ الْمُحْرِمِ، وَيُخَالِفُ الْعَقْدُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَخِيطِ انْتَهَى.

[فَرْعٌ الْمَرْأَة الْمُحْرِمَة تَجَافِي رِدَائِهَا عَنْ وَجْهِهَا]

(فَرْعٌ) : وَلَا يَضُرُّهَا تَرْكُ مُجَافَاةِ رِدَائِهَا عَنْ وَجْهِهَا إذَا سَدَلَتْهُ عَلَيْهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَانْظُرْ مَا يَفْعَلُهُ النِّسَاءُ الْيَوْمَ مِنْ الْقُفَّةِ الْمَعْمُولَةِ مِنْ السَّعَفِ وَيَرْبِطْنَهَا عَلَى وُجُوهِهِنَّ، ثُمَّ يَسْدُلْنَ عَلَيْهَا الثَّوْبَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَيْهَا الْفِدْيَةَ إذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ، وَطَالَ وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: فِي الْمَرْأَةِ تَتَبَرْقَعُ، وَتُجَافِي الْبُرْقُعَ عَنْ وَجْهِهَا: إنَّ عَلَيْهَا الْفِدْيَةَ قَالَ فِي الطِّرَازِ: لِأَنَّ الْبُرْقُعَ مَخِيطٌ وُضِعَ لِلْوَجْهِ قَدْ عَقَدَتْهُ عَلَيْهِ، فَقَدْ تَمَّ لُبْسُهُ.

ص (وَإِلَّا فَفِدْيَةٌ)

ش: وَإِنْ سَتَرَتْ وَجْهَهَا لِلسَّتْرِ لَكِنْ بِغَرْزٍ، أَوْ رَبْطٍ، فَعَلَيْهَا الْفِدْيَةُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ رَفَعَتْهُ مِنْ أَسْفَلِ وَجْهِهَا افْتَدَتْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ حَتَّى تَعْقِدَهُ بِخِلَافِ السَّدْلِ انْتَهَى، وَأَمَّا سَتْرُ وَجْهِهَا لِغَيْرِ السَّتْرِ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ فِي ذَلِكَ الْفِدْيَةَ مِنْ حُكْمِهِ لَهُ بِالْمَنْعِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِالْفِدْيَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْغَرْزِ وَالرَّبْطِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْتَفَدْ الْمَنْعُ فِيهَا إلَّا مِنْ الْمَفْهُومِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَعَلَى الرَّجُلِ مُحِيطٌ بِعُضْوٍ وَإِنْ بِنَسْجٍ، أَوْ زَرٍّ، أَوْ عَقْدٍ)

ش: مُحِيطٌ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ لِيَتَعَلَّقَ بِهِ قَوْلُهُ بِعُضْوٍ، ثُمَّ بَالَغَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ بِنَسْجٍ فَدَخَلَ الْمَخِيطُ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: وَالتَّجَرُّدُ مِنْ الْمَخِيطِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْمُعْجَمَةِ وَاجِبٌ، وَكَذَلِكَ الْمُحِيطُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ شَرْطُ إحْرَامِ الرِّجَالِ لَا النِّسَاءِ، فَلَا يَدَعْ عَلَيْهِ مَا يُمْسِكُ بِنَفْسِهِ بِخِيَاطَةٍ، أَوْ إحَاطَةٍ لَا إزْرَارٍ دُونَ عَقْدٍ، وَلَا زَرٍّ بَلْ يُخَالِفُ طَرَفَيْهِ، وَيَأْتِي بِكُلِّ نَاحِيَةٍ لِمُقَابِلِهَا فَيَلُفُّهُ عَلَيْهَا انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَمَمْنُوعُ الْإِحْرَامِ غَيْرُ مُفْسِدِهِ التَّطَيُّبُ وَإِزَالَةُ الشَّعَثِ وَلُبْسُ الرَّجُلِ الْمَخِيطَ الْكَثِيفَ كَالْقَمِيصِ وَالْجُبَّةِ وَالْبُرْنُسِ وَالْقَلَنْسُوَةِ، وَالْبَاجِيُّ إلَّا الْمَخِيطَ عَلَى صُورَةِ النَّسْجِ كَمِئْزَرٍ وَرِدَاءٍ مُرْفَقَيْنِ انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِهِ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: إجَازَةُ التَّخَلُّلِ بِعُودٍ وَمَنَعَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ انْتَهَى، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا التَّخَلُّلُ وَالْعَقْدُ وَالْمُزَرَّرُ كَالْخِيَاطَةِ (قُلْت) : وَلِهَذَا قَالَ الْمُلَبَّدُ وَالْمَنْسُوجُ عَلَى صُورَةِ الْمَخِيطِ الْمَمْنُوعِ مِثْلُهُ، وَلُبْسُ الْمَخِيطِ الْمَمْنُوعِ مَمْنُوعٌ، وَلُبْسُ الْجَائِزِ جَائِزٌ، وَنَقْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إجَازَةَ التَّخَلُّلِ عَنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَمْ أَجِدْهُ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ انْتَهَى. وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِي نُسْخَتِي مِنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (كَخَاتَمٍ)

ش: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَفِي الْخَاتَمِ قَوْلَانِ فَحَمَلَهُمَا فِي التَّوْضِيحِ عَلَى الْجَوَازِ وَالْمَنْعِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ: الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ مَنْعُهُ؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالْإِحَاطَةِ بِالْأُصْبُعِ الْمُحِيطِ وَفِي مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ لَا بَأْسَ بِهِ وَحَكَى

<<  <  ج: ص:  >  >>