للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمِيمِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَقَدْ تُفْتَحُ، وَهُوَ الطِّينُ الْأَحْمَرُ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ صِبْغَهَا إنَّمَا يَثْبُتُ إذَا خُلِطَ بِزَيْتٍ وَيُقَالُ لِلثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ بِهَا مُمَشَّقٌ قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ، وَأَمَّا الْمُغْرَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ فَقَالَ فِي الْقَامُوسِ إنَّهُ لَوْنٌ لَيْسَ بِنَاصِعِ الْحُمْرَةِ، أَوْ شُقْرَةٌ بِكُدْرَةِ انْتَهَى وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ فِي الِاسْتِذْكَارِ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ لُبْسُ ثَوْبٍ صُبِغَ بِوَرْسٍ، أَوْ زَعْفَرَانٍ وَالْوَرْسُ نَبْتٌ بِالْيَمَنِ وَصِبْغُهُ بَيْنَ الصُّفْرَةِ وَالْحُمْرَةِ فَإِنْ غُسِلَ حَتَّى ذَهَبَ مِنْهُ رِيحُ الزَّعْفَرَانِ فَلَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَتَهُ مَا بَقِيَ مِنْ لَوْنِهِ شَيْءٌ انْتَهَى، وَأَمَّا الْمَصْبُوغُ بِالْعُصْفُرِ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ مُفْدَمٍ وَمُوَرَّدٍ فَالْمُفْدَمُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ هُوَ الْقَوِيُّ الصِّبْغِ الْمُشَبَّعِ الَّذِي رُدَّ فِي الْعُصْفُرِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِلرِّجَالِ وَالْمَشْهُورُ وُجُوبُ الْفِدْيَةِ فِيهِ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ سُقُوطَهَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَهُوَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَكْرُوهٌ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَالْمَشْهُورُ أَيْضًا أَنَّهُ مَمْنُوعٌ فِي حَقِّهَا وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ تَلْبَسَ الْمُحْرِمَةُ الْمُعَصْفَرَ الْمُفْدَمَ مَا لَمْ يَنْتَفِضْ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْهُ انْتَهَى وَاسْتَظْهَرَ صَاحِبُ الطِّرَازِ الْقَوْلَ بِسُقُوطِ الْفِدْيَةِ فِي الْمُعَصْفَرِ الْمُفْدَمِ عَنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ قَالَ: لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ طِيبًا وَسَيَأْتِي لَفْظُهُ.

(قُلْت) : وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا لَبِسَتْ الْمُفْدَمَ لَزِمَتْهَا الْفِدْيَةُ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَأَكْرَهُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ أَنْ يُحْرِمُوا فِي الثَّوْبِ الْمُعَصْفَرِ الْمُفْدَمِ لِانْتِفَاضِهِ انْتَهَى فَسَوَّى بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ: النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ فِيمَا يُنْهَى عَنْهُ فِي الْإِحْرَامِ فِي الْمُوَرَّسِ وَالْمُعَصْفَرِ وَالْمُفْدَمِ وَالْمُزَعْفَرِ سَوَاءٌ انْتَهَى.

وَأَمَّا الْمُوَرَّدُ فَفَسَّرَهُ التُّونُسِيُّ بِالْمُعَصْفَرِ الْمُفْدَمِ إذَا غُسِلَ وَفَسَّرَهُ اللَّخْمِيُّ وَالْبَاجِيُّ بِالْمُعَصْفَرِ غَيْرِ الْمُفْدَمِ، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ غُسِلَ الْمُفْدَمُ جَازَ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُوَرَّدًا، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ الْبَاجِيِّ أَنَّهُ الْمَصْبُوغُ بِالْعُصْفُرِ صَبْغًا غَيْرَ قَوِيٍّ قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ يَعْنِي فِي تَفْسِيرِ الْمُوَرَّدِ قَالَ: وَقَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: قَالَ الْقَاضِي مُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ: هُوَ الَّذِي صُبِغَ بِالْوَرْدِ انْتَهَى. .

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ فِي تَفْسِيرِ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالتُّونُسِيِّ وَالْبَاجِيِّ وَفِي تَفْسِيرِ الْبَلُّوطِيِّ بِمَا صُبِغَ بِوَرْدٍ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ طِيبٌ كَالْوَرْسِ انْتَهَى. وَالْبَلُّوطِيُّ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ هُوَ الْقَاضِي مُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ (قُلْت) : وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ إنَّ الْمَصْبُوغَ بِالْوَرْدِ كَالْمَصْبُوغِ بِالْوَرْسِ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْوَرْسَ مِنْ الطِّيبِ الْمُؤَنَّثِ، وَالْوَرْدُ مِنْ الطِّيبِ الْمُذَكَّرِ، وَالظَّاهِرُ أَنْ يَفْصِلَ فِيهِ كَمَا فَصَلَ فِي الْمَصْبُوغِ بِالْعُصْفُرِ بَيْنَ الْمُفْدَمِ وَغَيْرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي) : وَقَوْلُنَا إذَا كَانَ لَوْنُ صِبْغِهِ يُشْبِهُ لَوْنَ الْمَصْبُوغِ بِالطِّيبِ احْتَرَزْنَا بِهِ عَمَّا يَكُونُ صِبَاغُهُ لَا يُشْبِهُ لَوْنَ الْمَصْبُوغِ بِالطِّيبِ، فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ الْإِحْرَامُ فِيهِ، وَلَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْبَيَاضَ أَفْضَلُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ، فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ فَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَذَكَرَ صَاحِبُ الطِّرَازِ هَذَا الْحَدِيثَ بِلَفْظِ خَيْرُ ثِيَابِكُمْ الْبِيضُ أَلْبِسُوهَا أَحْيَاءَكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يُسْتَحَبُّ لِلْمُحْرِمِ لِبَاسُ الْبَيَاضِ، وَهُوَ فِي الْمَصْبُوغِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: جَائِزٌ: إذَا كَانَ أَزْرَقَ، أَوْ أَخْضَرَ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَمَمْنُوعٌ: إذَا كَانَ بِالْوَرْسِ وَالزَّعْفَرَانِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ طِيبٌ، فَإِنْ فَعَلَ افْتَدَى، وَيَجُوزُ إذَا كَانَ مُعَصْفَرًا غَيْرَ مُفْدَمٍ، وَكُرِهَ الْمُفْدَمُ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَفِضُ، وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا فِدْيَةَ فِيهِ، وَلَمْ يَرَهُ مِنْ الطِّيبِ الْمُؤَنَّثِ انْتَهَى. وَكَانَ الْقِسْمُ الثَّالِثِ مِنْ الْمَصْبُوغِ فِي كَلَامِهِ هُوَ الْمَصْبُوغَ بِالْعُصْفُرِ الْمُفْدَمِ، فَجَعَلَهُ مَكْرُوهًا.

وَلَمْ يَرَ فِيهِ فِدْيَةً كَمَا تَقَدَّمَ فِي رِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَعَلَى هَذَا مَشَى صَاحِبُ الطِّرَازِ، فَإِنَّهُ قَالَ: الْبَيَاضُ أَفْضَلُ فِي صِفَةِ الثِّيَابِ لِلْحَدِيثِ، وَذَكَرَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَالْمَصْبُوغُ

<<  <  ج: ص:  >  >>