للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ فِي النَّوَادِرِ وَمِنْ الْعُتْبِيَّةِ وَكِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ مَالِكٌ مَنْ أَحْرَمَ فِي ثَوْبٍ فِيهِ لُمْعَةٌ مِنْ الزَّعْفَرَانِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلْيَغْسِلْهُ إذَا ذَكَرَ انْتَهَى، وَذَكَرَهُ فِي الطِّرَازِ، وَقَالَ بَعْدَهُ، وَهُوَ بَيِّنٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ تَطَيُّبًا، وَالزَّعْفَرَانُ مَا مُنِعَ لِعَيْنِهِ، وَإِنَّمَا مُنِعَ التَّطَيُّبُ بِهِ، وَلِهَذَا إذَا تَنَاوَلَ طَعَامًا طُبِخَ بِهِ، فَاسْتُهْلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ انْتَهَى.

، وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُمَا وَقَبِلُوهُ كُلُّهُمْ، وَقَيَّدَ ابْنُ رَاشِدٍ ذَلِكَ بِمَا إذَا غَسَلَ اللُّمْعَةَ، وَقَالَهُ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ، وَعَزَاهَا ابْنُ عَرَفَةَ لِسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهَا فِيهِ وَنَصُّهَا وَسُئِلَ عَنْ الَّذِي يُحْرِمُ فِي الثَّوْبِ فِيهِ اللُّمْعَةُ مِنْ الزَّعْفَرَانِ قَالَ: أَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اللُّمْعَةَ تَبْقَى فِيهِ بَعْدَ غَسْلِهِ فَاسْتَخَفَّ ذَلِكَ، وَلَا يَسْتَخِفُّ اللُّمْعَةَ مَنّهُ دُونَ الْغَسْلِ؛ لِأَنَّهُ طِيبٌ، وَلَا بِجَمِيعِهِ بَعْدَ الْغَسْلِ إلَّا أَنْ يُغَيَّرَ بِالْمِشْقِ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الشَّيْخُ رَوَى مُحَمَّدٌ إنْ أَحْرَمَ بِثَوْبٍ فِيهِ لُمْعَةُ زَعْفَرَانٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلْيَغْسِلْهُ إذَا ذَكَرَهُ، فَقَبِلَهُ الشَّيْخُ وَسَمِعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: يُرِيدُ بَعْدَ غَسْلِهَا وَلَا يُسْتَخَفُّ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ طِيبٌ انْتَهَى.

(قُلْت) : مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى إلَّا أَنَّهُ يَرُدُّ قَوْلَ مَالِكٍ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَلْيَغْسِلْهُ إذَا ذَكَرَهُ، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ أَحْرَمَ فِيهِ قَبْلَ غَسْلِهِ، وَكَأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اسْتَخَفَّ ذَلِكَ لِيَسَارَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِاللُّمْعَةِ الشَّيْءُ الْيَسِيرُ أَمَّا لَوْ كَانَ ذَلِكَ كَثِيرًا، فَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَأَنَّهُ إنْ أَحْرَمَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهُ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ الثَّوْبِ إذَا كَانَ غَيْرَ جَدِيدٍ هَلْ يُحْرِمُ فِيهِ وَلَا يَغْسِلُهُ]

(فَرْعٌ) : قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الثَّوْبِ إذَا كَانَ غَيْرَ جَدِيدٍ هَلْ يُحْرِمُ فِيهِ وَلَا يَغْسِلُهُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ عِنْدِي ثَوْبٌ قَدْ أَحْرَمْت فِيهِ حِجَجًا مَا غَسَلْتُهُ، وَلَمْ أَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا قَالَ فِي الطِّرَازِ: وَهَذَا بَيِّنٌ فَإِنَّ الثَّوْبَ لَا يُشْرَعُ غَسْلُهُ لِلْعِبَادَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَا يُوجِبُ غَسْلَهُ بِدَلِيلِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ، نَعَمْ إنْ كَانَ نَجِسًا غُسِلَ مِنْ النَّجَسِ، أَوْ دَنِسًا غُسِلَ مِنْ الدَّنَسِ؛ لِأَنَّ الْبَيَاضَ مُسْتَحَبٌّ، وَغَسْلُهُ مِنْ الدَّنَسِ عَمَلٌ فِي تَبْيِيضِهِ، وَزَعَمَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ الْجَدِيدَ أَفْضَلُ، فَيُقَالُ رُبَّ غَسِيلٍ أَفْضَلُ مِنْ جَدِيدٍ، فَلَا وَجْهَ لِمُرَاعَاةِ الْجِدَّةِ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: قَالَ فِي الْكِتَابِ: لَيْسَ بِالثَّوْبِ الدَّنِسِ بَأْسٌ، فَيُحْرِمُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ غَسْلٍ انْتَهَى. وَلَمْ أَرَ هَذَا اللَّفْظَ، وَلَفْظُ التَّهْذِيبِ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُحْرِمَ فِي ثَوْبٍ غَيْرِ جَدِيدٍ، وَإِنْ لَمْ يَغْسِلْهُ انْتَهَى.

(فَرْعٌ) : قَالَ فِي الطِّرَازِ فَإِنْ كَانَ ثَوْبُهُ نَجِسًا غَسَلَهُ فَإِنْ لَمْ يَغْسِلْهُ، وَأَحْرَمَ بِهِ صَحَّ إحْرَامُهُ وِفَاقًا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ يَصِحُّ مَعَ الْحَدَثِ وَالْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ، فَلَا تُنَافِيهِ النَّجَاسَةُ حَتَّى قَالَ أَصْحَابُنَا: لَوْ كَانَ فِي بَدَنِهِ، أَوْ ثَوْبِهِ طِيبٌ وَأَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ، وَلَمْ يَجِدْ مَا يُزِيلُ بِهِ الطِّيبَ، فَأَزَالَهُ بِبَوْلِهِ، ثُمَّ أَحْرَمَ صَحَّ إحْرَامُهُ، وَتَخَلَّصَ مِنْ فِدْيَةِ الطِّيبِ انْتَهَى.

(فَرْعٌ) : قَالَ فِي الطِّرَازِ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ: وَإِنْ شَكَّ أَنَّ عَلَى ثَوْبَيْهِ نَجَاسَةً، فَهَذَا مِنْ بَابِ الْوَسْوَاسِ قَالَ: وَأَحَبُّ إلَيَّ غَسْلُهُمَا كَانَا جَدِيدَيْنِ، أَوْ غَسِيلَيْنِ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ فِي النَّوَادِرِ بِلَفْظِ: وَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِمَا نَجَاسَةٌ، فَهَذَا مِنْ بَابِ الْوَسْوَاسِ، فَأَحَبُّ إلَيَّ غَسْلُهُمَا كَانَا جَدِيدَيْنِ، أَوْ غَسِيلَيْنِ انْتَهَى.

(قُلْت) : فَانْظُرْ كَيْفَ جَعَلَ ذَلِكَ مِنْ الْوَسْوَسَةِ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِغَسْلِهِمَا وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ إذَا كَانَ لِشَكِّهِ وَجْهٌ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَجْهٌ فَالْأَوْلَى تَرْكُ الْغَسْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ التَّحَرِّي فِي ثَوْبَيْ إحْرَامِهِ حِلَّ مِلْكِهِمْ وخلوصية أَصْلِهِمَا]

(فَرْعٌ) : قَالَ فِي الطِّرَازِ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَحَرَّى فِي ثَوْبَيْ إحْرَامِهِ حِلَّ مِلْكِهِمَا وَخُلُوصِيَّةَ أَصْلِهِمَا، وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ يُحْرِمُ فِي ثَوْبٍ حِجَجًا، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُهُ لِلْإِحْرَامِ، وَيُعِدُّهُ لَهُ إذْ لَوْ امْتَهَنَهُ لَمَا أَقَامَ حِجَجًا لَا يَغْسِلُهُ قَالَ مَالِكٌ: فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَمَنْ ابْتَاعَ ثَوْبَيْنِ مِنْ أَسْوَدَ فَخَافَ أَنْ يَكُونَا مَسْرُوقَيْنِ فَلَا يُحْرِمُ فِيهِمَا إنْ شَكَّ قِيلَ فَإِنْ بَاعَهُمَا، وَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِمَا قَالَ: قَدْ أَصَابَ وَاَلَّذِي قَالَهُ مِنْ بَابِ الْوَرَعِ وَالْفَضِيلَةِ لَا مِنْ بَابِ الْوُجُوبِ انْتَهَى.

وَنَقَلَ فِي النَّوَادِرِ كَلَامَ الْمَوَّازِيَّةِ (قُلْت) : وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَحْتَاطَ فِي هَذَا الْبَابِ، وَيَتْرُكَهُمَا إذَا حَصَلَتْ لَهُ رِيبَةٌ، وَإِنْ ضَعُفَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>