للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ صِغَارَ السِّبَاعِ لَا تُقْتَلُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنْ قَتَلَهَا فَلَا جَزَاءَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ: وَلَا تُقْتَلُ صِغَارُ السِّبَاعِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَكِنَّهُ إنْ فَعَلَ فَلَا جَزَاءَ عَلَى الْمَشْهُورِ انْتَهَى فَيُحْمَلُ الْمَنْعُ عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ فِي الطِّرَازِ فَقَالَ: رَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ هَذَا مِمَّا يُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَا يَضُرُّ وَيُبَاحُ قَتْلُهُ، وَإِنَّمَا كُرِهَ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ لِعَدَمِ إذَايَتِهِ فِي حَقِّهِ، وَنَظِيرُهُ الْمُحَارِبُ يَجُوزُ قَتْلُهُ إذَا كَانَ كَبِيرًا، وَلَا يُقْتَلُ الصَّغِيرُ، ثُمَّ لَا ضَمَانَ فِي قَتْلِ كَبِيرٍ مِنْهُمْ وَلَا صَغِيرٍ اعْتِبَارًا بِالْمَرِيضِ مِنْ كِبَارِ السِّبَاعِ وَنَقَلَ الْفَاكِهَانِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ عَنْ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ أَنَّ قَتْلَ صِغَارِ السِّبَاعِ مَكْرُوهٌ، وَلَا جَزَاءَ فِيهِ انْتَهَى.

ص (وَالْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ وَإِنْ بِمَخْمَصَةٍ)

ش: لَمَّا ذَكَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ التَّعَرُّضَ لِلْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ بِأَيِّ وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ التَّعَرُّضِ يَحْرُمُ بِالْإِحْرَامِ، وَالْحَرَمُ شَرْعٌ يُبَيِّنُ مَا يَكُونُ مِنْ وُجُوهِ التَّعَرُّضِ مُوجِبًا لِلْجَزَاءِ، وَمَا لَا يَكُونُ مُوجِبًا لَهُ، فَقَالَ: وَالْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ أَيْ إنَّ الْجَزَاءَ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمُحْرِمِ بِسَبَبِ قَتْلِهِ لِلصَّيْدِ، وَهَذَا لَا أَشْكَالَ فِيهِ، وَذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَإِنْ بِمَخْمَصَةٍ، وَمَا بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ وَطَرْدُهُ مِنْ حَرَمٍ وَرَمْيٌ مِنْهُ، أَوْ لَهُ وَتَعْرِيضُهُ لِلتَّلَفِ.

ص (أَوْ قَصَّرَ فِي رَبْطِهِ)

ش: سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُحْرِمُ فِي الْحِلِّ وَالْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ.

ص (أَوْ أَرْسَلَ بِقُرْبِهِ، فَقُتِلَ خَارِجَهُ)

ش: اعْلَمْ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ يَجُوزُ الِاصْطِيَادُ قُرْبَ الْحَرَمِ أَمْ لَا قَالَ فِي الطِّرَازِ: قَالَ أَشْهَبُ: لَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْحَرَمِ وَرَوَى ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ: وَالِاصْطِيَادُ فِيهِ مُبَاحٌ إذَا سَلِمَ مِنْ الْقَتْلِ فِي الْحَرَمِ، وَفِي الْوَاضِحَةِ إنَّ مَا قُتِلَ مِنْ الصَّيْدِ قَرِيبًا مِنْ الْحَرَمِ يُسَكَّنُ بِسُكُونِهِ وَيَتَحَرَّكُ بِتَحْرِيكِهِ، فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ انْتَهَى. وَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ مُبَاحٌ مَعَ قَوْلِهِ فِي التَّوْضِيحِ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لَا جَزَاءَ فِيمَا صِيدَ قُرْبَ الْحَرَمِ قَالَ وَعَلَى الْمَشْهُورِ: فَهُوَ مَمْنُوعٌ ابْتِدَاءً إمَّا مَنْعًا، أَوْ كَرَاهَةً بِحَسَبِ فَهْمِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «كَالرَّاعِي حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ» انْتَهَى. .

وَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَمَنْ أَرْسَلَ عَلَى صَيْدٍ قُرْبَ الْحَرَمِ فَأَدْخَلَهُ الْحَرَمَ، وَقَتَلَهُ فِيهِ فَلَا خِلَافَ أَنَّ عَلَيْهِ الْجَزَاءَ، وَكَذَلِكَ إذَا أَدْخَلَهُ الْحَرَمَ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْهُ، وَقَتَلَهُ خَارِجَهُ فَإِنْ قَتَلَهُ بِقُرْبِ الْحَرَمِ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُ، فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ: وَيُؤْكَلُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: عَلَيْهِ الْجَزَاءُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى قَرِيبٍ مِنْ الْحَرَمِ، فَقَتَلَهُ بِهِ، أَوْ بَعْدَ إخْرَاجِهِ مِنْهُ وَدَاهُ، وَبِقُرْبِهِ قَوْلَانِ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الصُّورَةُ الْأَخِيرَةُ الَّتِي فِيهَا قَوْلَانِ لَكِنَّ الْقَوْلَ بِوُجُوبِ الْجَزَاءِ ضَعِيفٌ، وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، فَلَا يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّهُ أَدْخَلَهُ الْحَرَمَ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْهُ، وَقَتَلَهُ خَارِجَهُ، وَأَحْرَى إذَا قَتَلَهُ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَرْسَلَ بِقُرْبِهِ أَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَ عَلَى بُعْدٍ مِنْ الْحَرَمِ فَإِنَّهُ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَتَلَهُ فِي الْحَرَمِ، أَوْ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ أَرْسَلَ بَازَهُ، أَوْ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ فِي بُعْدٍ مِنْ الْحَرَمِ، فَقَتَلَ الصَّيْدَ فِي الْحَرَمِ، أَوْ أَدْخَلَهُ فِي الْحَرَمِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْهُ، فَقَتَلَهُ فِي الْحِلِّ، فَلَا يُؤْكَلُ وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُغَرَّرْ بِالْإِرْسَالِ انْتَهَى.

[تَنْبِيهَاتٌ أَرْسَلَهُ عَلَى بَعِيدٍ مِنْ الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ قُرْبَ الْحَرَمِ]

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) : قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَوْ أَرْسَلَهُ عَلَى بَعِيدٍ مِنْ الْحَرَمِ، فَقَتَلَهُ قُرْبَ الْحَرَمِ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُ، فَلَا جَزَاءَ وَفِي أَكْلِهِ قَوْلَانِ لِظَاهِرِهَا وَنَقْلِ اللَّخْمِيِّ انْتَهَى. بِالْمَعْنَى.

(الثَّانِي) : قَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ: لَوْ جَرَى الصَّيْدُ مِنْ الْحِلِّ، فَأَدْخَلَهُ الْحَرَمَ، ثُمَّ خَلَّى عَنْهُ حَتَّى خَرَجَ الصَّيْدُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْرِجَهُ، ثُمَّ اتَّبَعَهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُؤْكَلَ كَمِثْلِ الْعَصِيرِ يَصِيرُ خَمْرًا، ثُمَّ يَتَخَلَّلُ.

(الثَّالِثُ) : قَالَ سَنَدٌ: لَوْ أَرْسَلَهُ عَلَى صَيْدٍ قُرْبَ الْحَرَمِ، فَعَدَلَ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ فِي الْحَرَمِ، فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ كَمَا فِي السَّهْمِ، وَكَمَا لَوْ أَرْسَلَ عَلَى ذِئْبٍ فِي الْحَرَمِ، فَعَدَلَ إلَى ظَبْيٍ انْتَهَى.

(الرَّابِعُ) : قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَالْبُعْدُ مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الْكَلْبَ يُدْرِكُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، أَوْ يَرْجِعُ عَنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>