للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ يُخَاطَبُ بِهَا الْكَافِرُ، وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَلَكِنْ مِنْ شَرْطِهَا الْإِسْلَامُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَا إشْكَالَ فِي عَدَمِ صِحَّتِهَا مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ وَشَرْطَهَا الْإِسْلَامُ انْتَهَى.

[فَرْعٌ حُكْم الْأُضْحِيَّة إذَا أسلم بَعْد الْفَجْر مِنْ يَوْم الْفِطْر]

(فَرْعٌ) : قَالَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ أَحْسَنُ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَالْأُضْحِيَّةُ عَلَيْهِ أَبْيَنُ فِي الْوُجُوبِ انْتَهَى. وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِحُرٍّ احْتَرَزَ بِهِ مِنْ الرَّقِيقِ سَوَاءٌ كَانَ قِنًّا أَمْ فِيهِ شَائِبَةُ رِقٍّ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ، وَاسْتَحْسَنَ مَالِكٌ التَّضْحِيَةَ لَهُمْ إذَا أَذِنَ لَهُمْ السَّيِّدُ، وَقَوْلُهُ غَيْرِ حَاجٍّ احْتَرَزَ بِهِ مِنْ الْحَاجِّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ مِنًى أَوْ مُزْدَلِفَةَ أَوْ عَرَفَةَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَانْظُرْ قَوْلَهُ بِمِنًى هَلْ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْحَاجِّ الَّذِي فِي غَيْرِ مِنًى، فَإِنَّهَا تُسَنُّ لَهُ وَقَالَهُ الْبِسَاطِيُّ، وَلَمْ يَعْزُهُ، وَهُوَ أَيْضًا ظَاهِرُ قَوْلِ الْقُرْطُبِيِّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْحَجِّ الْمُسَافِرُ مُخَاطَبٌ بِالْأُضْحِيَّةِ وَاسْتَثْنَى مَالِكٌ مِنْ الْمُسَافِرِينَ الْحَاجَّ بِمِنًى انْتَهَى. وَنَحْوُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ لِلْجَلَّابِ وَغَيْرِهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَأْمُورُ بِهَا الشَّيْخُ رَوَى مُحَمَّدٌ لَا يَنْبَغِي لِحُرٍّ قَدَرَ عَلَيْهَا تَرْكُهَا إلَّا لِحَاجٍّ بِمِنًى (قُلْت) : لَفْظُهَا لَيْسَ عَلَى حَاجٍّ، وَإِنْ كَانَ مِنْ سَاكِنِي مِنًى أَبْيَنُ لِإِيهَامِ مَفْهُومِ الْأَوَّلِ انْتَهَى.

ص (وَإِنْ يَتِيمًا)

ش: ابْنُ حَبِيبٍ يَلْزَمُ مَنْ فِي يَدِهِ مَالُ الصَّغِيرِ مِنْ وَصِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ مِنْهُ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ كَمَا يُقْبَلُ فِي النَّفَقَةِ سَوَاءً. انْتَهَى مِنْ التَّوْضِيحِ

ص (لِجَذَعِ ضَأْنٍ وَثَنِيِّ مَعْزٍ وَبَقَرٍ وَإِبِلٍ ذِي سَنَةٍ وَثَلَاثٍ وَخَمْسٍ)

ش: الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ ذِي سَنَةٍ رَاجِعٌ إلَى الضَّأْنِ وَالْمَعَزِ، فَإِنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ الْجَذَعَ مِنْ الضَّأْنِ ابْنُ سَنَةٍ، وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ بَهْرَامُ فِي الْكَبِيرِ وَنَصُّهُ، وَلَعَلَّ قَوْلَ الشَّيْخِ ذِي سَنَةٍ رَاجِعٌ إلَيْهِمَا مَعًا، وَهُوَ الظَّاهِرُ انْتَهَى. وَعَلَى هَذَا فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الثَّنِيِّ مِنْ الْمَعْزِ وَالْجَذَعِ مِنْ الضَّأْنِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: لَعَلَّ مُرَادَ مَنْ قَالَ الثَّنِيُّ مَا دَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ الدُّخُولُ الْبَيِّنُ، وَيُرَجِّحُ هَذَا أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا مُحَمَّدٍ نَصَّ فِي الرِّسَالَةِ عَلَى أَنَّ الْجَذَعَ مِنْ الضَّأْنِ ابْنُ سَنَةٍ مَعَ أَنَّهُ قَالَ: إنَّ الثَّنِيَّ مِنْ الْمَعَزِ مَا أَوْفَى سَنَةً، وَدَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ.

[فَرْعٌ فِي التَّضْحِيَةَ بِالْخُنْثَى]

(فَرْعٌ) : اُنْظُرْ التَّضْحِيَةَ بِالْخُنْثَى لَمْ أَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِيهِ فِي الْمَذْهَبِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْخُنْثَى، وَأَنَّهُ نَوْعَانِ: الْأَوَّلُ: مَنْ لَهُ ذَكَرُ الرَّجُلِ وَفَرْجُ النِّسَاءِ وَالثَّانِي مَنْ لَيْسَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَإِنَّمَا لَهُ خَرْقٌ يَخْرُجُ مِنْهُ الْبَوْلُ، وَغَيْرُهُ قَالَ: وَقَدْ وَقَعَ هَذَا الْخُنْثَى فِي الْبَقَرِ، فَجَاءَنِي جَمَاعَةٌ أَثِقُ بِهِمْ يَوْمَ عَرَفَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ قَالُوا: إنَّ عِنْدَهُمْ بَقَرَةٌ هِيَ خُنْثَى لَيْسَ لَهَا فَرْجُ الْأُنْثَى، وَلَا ذَكَرُ الثَّوْرِ، وَإِنَّمَا لَهَا خَرْقٌ عِنْدَ ضَرْعِهَا يَجْرِي مِنْهُ الْبَوْلُ وَسَأَلُوا عَنْ جَوَازِ التَّضْحِيَةِ بِهِ فَقُلْتُ: لَهُمْ يُجْزِئُ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى وَكِلَاهُمَا مُجْزِئٌ لَيْسَ فِيهِ مَا يُنْقِصُ اللَّحْمَ، وَأَفْتَيْتُهُمْ فِيهِ قَالَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ خُنْثَى إلَّا الْآدَمِيُّ وَالْإِبِلُ قَالَ النَّوَوِيُّ: قُلْت، وَيَكُونُ فِي الْبَقَرِ كَمَا حَكَيْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.

(قُلْت) : وَمَا قَالَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَابِلٌ لِلْبَحْثِ، فَقَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا عَيْبٌ يُوجِبُ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَمْنَعَ الْإِجْزَاءَ، وَانْظُرْ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَفَائِتُ جُزْءٍ غَيْرِ خُصْيَةٍ هَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْإِجْزَاءُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ص (بِلَا شِرْكٍ إلَّا فِي الْأَجْرِ، وَإِنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>