للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَسَائِلُهُمْ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ كَالْمُحَقَّقِ انْتَهَى.

وَمَا قَالَهُ ابْنُ نَاجِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُتَحَرِّكِ وَالْحَامِلِ هُوَ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ تَعَالَى - أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ وَمِنْهُ مَسْأَلَةُ بَيْتِ الشَّعْرِ، أَوْ الْخِبَاءِ إذَا كَانَ فِي أَطْرَافِهِ نَجَاسَةٌ، أَوْ بَوْلُ حَيَوَانٍ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَكَانَ شَيْخُنَا ابْنُ عَرَفَةَ يَقُولُ إنْ كَانَ سَطْحُ رَأْسِ الْمُصَلِّي يُمَاسُّ الْخِبَاءَ فَهِيَ كَمَسْأَلَةِ الْعِمَامَةِ وَإِلَّا فَهُوَ كَالْبَيْتِ الْمَبْنِيِّ فَلَا يَضُرُّهُ.

(فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ وَمِنْهُ مَسْأَلَةُ السَّقْفِ إذَا كَانَتْ فِيهِ كُوَّةٌ تَقَابُلُ مِرْحَاضًا، أَوْ غَيْرَهُ مِنْ النَّجَاسَاتِ، أَوْ كَانَ فِي الْحَصِيرِ نَقْبٌ لَا تَصِلُ ثِيَابُ الْمُصَلِّي إلَى مَا تَحْتَهُ مِنْ النَّجَسِ لَكِنَّهُ يَسْتَقِرُّ الْمُصَلِّي عَلَى الْأَعْلَى فَكَانَ شَيْخُنَا ابْنُ عَرَفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: تَصِحُّ صَلَاةُ صَاحِبِ السَّقْفِ وَيُعِيدُ الثَّانِي فِي مَسْأَلَةِ الْحَصِيرِ لِشِدَّةِ الِاتِّصَالِ. وَكَانَ شَيْخُنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْغُبْرِينِيُّ يُفْتِي بِصِحَّةِ صَلَاةِ الْجَمِيعِ انْتَهَى.

وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ نَاجِي مَا يُؤَيِّدُ فَتْوَى الْغُبْرِينِيِّ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) قَالَ سَنَدٌ إذَا فَرَّقْنَا بَيْنَ طَرَفِ الْحَصِيرِ وَالْعِمَامَةِ، فَمَنْ صَلَّى وَمَعَهُ حَبْلٌ مَرْبُوطٌ بِطَرَفِهِ مَيْتَةٌ فَإِنْ كَانَ طَرَفُ الْحَبْلِ تَحْتَ قَدَمَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَالْبِسَاطِ، وَإِنْ كَانَ مَشْدُودًا فِي وَسَطِهِ، أَوْ مُمْسِكًا لَهُ بِيَدِهِ لَمْ يُجْزِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ.

(فَرْعٌ) قَالَ: فَلَوْ كَانَ الْحَبْلُ مَرْبُوطًا فِي دَنِّ خَمْرٍ وَالدَّنُّ طَاهِرٌ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الدَّنَّ مُتَّصِلٌ بِالنَّجَاسَةِ وَعَقْدُ الْحَبْلِ بِالدَّنِّ كَعَقْدِ الْحَبْلِ بِحَبْلِ آخَرَ مُتَّصِلٌ بِالنَّجَاسَةِ.

(فَرْعٌ) قَالَ: فَلَوْ كَانَ الْحَبْلُ مَرْبُوطًا فِي قَارِبٍ فِيهِ نَجَاسَةٌ، أَوْ جِرَارُ خَمْرٍ، أَوْ كَانَ الْقَارِبُ فِي مَاءٍ نَجِسٍ فَإِنْ كَانَ الرَّبْطُ فِي مَوْضِعٍ نَجِسٍ لَمْ يُجْزِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ طَاهِرٍ فَفِيهِ نَظَرٌ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لَا يُجْزِيهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَحَرَّكَ تَحَرَّكَ الْقَارِبُ مَعَهُ بِمَا فِيهِ مِنْ النَّجَاسَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ إنَّمَا يُعَدُّ مُمْسِكًا لِلْقَارِبِ وَالْقَارِبُ طَاهِرٌ وَالنَّجَاسَةُ جَاوَرَتْهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ رَبَطَهُ فِي رَأْسِ دَابَّةٍ وَاقِفَةٍ عَلَى نَجَسٍ إلَّا أَنَّهُ يُكَدِّرُ عَلَيْهِ طَرَفَ الْمِنْدِيلِ الْمُلْقَى إذَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ، أَوْ مَيْتَةٌ أَوْ غَيْرُهُمَا مِنْ النَّجَاسَاتِ وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي هَذَا الْفَرْعِ قَوْلَانِ قِيلَ: تَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يَزُولُ بِزَوَالِهِ، وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِهِ.

(فَرْعٌ) إذَا قُلْنَا فِي الْقَارِبِ لَا يُجْزِيهِ فَلَوْ كَانَ الْحَبْلُ مَشْدُودًا بِرَأْسِ دَابَّةٍ عَلَيْهَا رَحْلٌ نَجِسٌ فَيَظْهَرُ هُنَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ وَاقِفَةً عَلَى بَوْلِهَا أَوْ أَصَابَهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ لَهَا فِعْلٌ فَتُعَدُّ هِيَ الْحَامِلَةُ لِذَلِكَ بِخِلَافِ الْقَارِبِ فَإِنَّهُ آلَةٌ فَهُوَ فِي حُكْمِ عُودٍ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ مَرْبُوطٍ بِحَبْلٍ وَلِأَجْلِ هَذَا تُؤَثِّرُ النَّجَاسَةُ الَّتِي هُوَ عَائِمٌ فِيهَا، وَلَا تُؤَثِّرُ فِي الدَّابَّةِ النَّجَاسَةُ الَّتِي هِيَ وَاقِفَةٌ عَلَيْهَا انْتَهَى.

(قُلْتُ:) وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِ هَذَا الْأَخِيرِ تَرْجِيحُ الْبُطْلَانِ فِي مَسْأَلَةِ الْقَارِبِ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ سُنَّةٌ، أَوْ وَاجِبَةٌ إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ وَإِلَّا أَعَادَ الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ خِلَافُ شَرْطٍ عَدَمِيٍّ مَرْكَبٍ مِنْ إنْ الشَّرْطِيَّةِ، وَلَا النَّافِيَةِ وَفِعْلُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ مُخَرَّجٌ مِنْ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ عَلَى مَا قُلْنَا فِي بَيَانِ الْقَوْلَيْنِ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ فَيُقَالُ تَقْدِيرُهُ فَيُعِيدُ مَنْ صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ فِي ثَوْبِهِ، أَوْ بَدَنِهِ، أَوْ مَكَانِهِ ذَاكِرًا قَادِرًا أَبَدًا وَإِلَّا أَعَادَ الظُّهْرَيْنِ أَيْ، وَإِنْ صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ وَلَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لَهَا عِنْدَ الصَّلَاةِ إمَّا بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَصْلًا، أَوْ عَلِمَ بِهَا وَنَسِيَهَا، أَوْ صَلَّى بِهَا عَاجِزًا عَنْ إزَالَتِهَا فَإِنَّهُ يُعِيدُ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ وَهُوَ فِي الظُّهْرَيْنِ إلَى الِاصْفِرَارِ وَالْمُرَادُ بِالظُّهْرَيْنِ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّغْلِيبِ وَهُوَ وَاقِعٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فَيُغَلِّبُونَ الْأَخَفَّ كَالْعُمْرَيْنِ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَالْمُذَكَّرَ كَالْقَمَرَيْنِ فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَالْأَسْبَقَ كَالظُّهْرَيْنِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا.

وَفِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ مِنْ إعَادَةِ الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ قَالَهُ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ: يُعِيدُهُمَا إلَى الْمَغْرِبِ. وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ، وَقِيلَ: يُعِيدُ الْعَاجِزُ لِلْغُرُوبِ وَالنَّاسِي لِلِاصْفِرَارِ وَهَذَا الْقَوْلُ اخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ وَجَعَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ لَمَّا ذَكَرَ الْمُعِيدِينَ لِصَلَاتِهِمْ. وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ غَازِيٍّ فِي الْأَبْيَاتِ الَّتِي نَظَمَهَا فِي ذَلِكَ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>