للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: قَالَ ابْنُ الْفَرَسِ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ: وَاخْتُلِفَ فِي الْمَذَاهِبِ إذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا وَأَنْ لَا أَفْعَلَ كَذَا لِقُرْبَةٍ مِنْ الْقُرَبِ، وَلَمْ يَأْتِ بِلَفْظِ النَّذْرِ هَلْ يَلْزَمُ أَمْ لَا.؟ فَعِنْدَنَا فِيهِ قَوْلَانِ وَالصَّحِيحُ لُزُومُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١] انْتَهَى.

. ص (وَنَذْرُ الْمُطْلَقِ)

ش: يُشِيرُ بِهِ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ النَّذْرُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: مُسْتَحَبٌّ وَهُوَ النَّذْرُ الْمُطْلَقُ الَّذِي يُوجِبُهُ الرَّجُلُ عَلَى نَفْسِهِ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا كَانَ وَمَضَى، انْتَهَى. وَقَالَ فِي التَّلْقِينِ: وَيَلْزَمُ بِإِطْلَاقِهِ، انْتَهَى. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ يَعْنِي إذَا قَالَ: عَلَيَّ نَذْرٌ وَلَمْ يُعَلِّقْهُ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ وَيَنْدُبُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِمَّا يُقْبَلُ أَنْ يَنْذُرَ، انْتَهَى. وَهَذَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِأَنَّ هَذَا نَذْرٌ مُبْهَمٌ، وَفِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَكُرِهَ الْمُكَرَّرُ)

ش: اُنْظُرْ قَوْلَهُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ فِي الصِّيَامِ: وَنَذْرُ يَوْمٍ مُكَرَّرٍ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ فِيهِ تَكْرَارًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

. ص (وَفِي كُرْهِ الْمُعَلَّقِ تَرَدُّدٌ)

ش: الْكَرَاهَةُ فِيهِ وَفِيمَا قَبْلَهُ مَعَ لُزُومِهَا قَالَ فِي التَّلْقِينِ: وَيَلْزَمُ عِنْدَ وُجُودِ شَرْطِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ شَرْطُهُ مُبَاحًا أَوْ مَحْظُورًا أَوْ طَاعَةً أَوْ مَعْصِيَةً كَانَ فِعْلًا لِلنَّاذِرِ أَوْ لِغَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادِ أَوْ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى، انْتَهَى. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَرَدَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَنَّهُ قَالَ: لَا تَنْذُرُوا فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يَرُدُّ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ شَيْئًا» قَالَ الْقُرْطُبِيُّ مَحِلُّ النَّهْيِ أَنْ يَقُولَ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ عِتْقٌ أَوْ صَدَقَةٌ وَنَحْوُهُ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا وَقَفَ فِعْلَ الْقُرْبَةِ عَلَى حُصُولِ غَرَضٍ عَاجِلٍ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَرَ بِتَمَحُّضِ نِيَّتِهِ التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، بَلْ سَلَكَ سَبِيلَ الْمُعَاوَضَةِ، وَهَذَا حَالُ الْبَخِيلِ الَّذِي لَا يُخْرِجُ مِنْ مَالِهِ إلَّا بِعِوَضٍ عَاجِلٍ أَكْثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ يَنْضَافُ إلَى هَذَا اعْتِقَادُ جَاهِلٍ يَظُنُّ أَنَّ النَّذْرَ يُوجِبُ حُصُولَ ذَلِكَ الْغَرَضِ أَوْ أَنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ لَهُ ذَلِكَ الْغَرَضَ لِأَجْلِ النَّذْرِ وَإِلَيْهِمَا الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يَرُدُّ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ شَيْئًا، فَالْأُولَى تُقَارِبُ الْكُفْرَ وَالثَّانِيَةُ خَطَأٌ صُرَاحٌ، وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَهَلْ النَّهْيُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّحْرِيمِ أَوْ عَلَى الْكَرَاهَةِ الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ الْكَرَاهَةُ.

(قُلْتُ) وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي التَّحْرِيمُ فِي حَقِّ مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>