للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالصَّدَاقُ لَا يَصْلُحُ كَوْنُ الْمَرَضِ مَانِعًا مِنْهُ؛ لِأَنَّ قُصَارَاهُ الْمَوْتُ وَالْمَوْتُ مُوجِبٌ لِلصَّدَاقِ لَا مَانِعٌ مِنْهُ (قُلْت) يَمْنَعُ إرْثَهُ نِصْفَهُ أَوْ رُبْعَهُ وَظَاهِرُ مُتَقَدِّمِ لَفْظِهَا أَنَّ الْمَهْرَ كَالنَّفَقَةِ وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ: الْمَهْرُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَوْجَبُ مِنْ النَّفَقَةِ اهـ. وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ قُلْت يَمْنَعُ إرْثَهُ " بَلْ الَّذِي يَمْنَعُ الْإِرْثَ الْمَوْتُ أَوْ مَا هُوَ فَإِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ لِي وَقَدْ جَزَمَ فِي التَّوْضِيحِ بِالِاحْتِمَالِ الثَّانِي فَقَالَ: يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَكُونُ الِامْتِنَاعُ مِنْ دَفْعِ الصَّدَاقِ لِمَرَضِهَا وَلَوْ بَلَغَتْ حَدَّ السِّيَاقِ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْهَا لِقَوْلِهِ " أَوْجَبُ " وَهُوَ فِي آخِرِ النِّكَاحِ الثَّانِي.

[فَرْعٌ الزَّوْجُ الْمَرِيضُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى جِمَاعٍ]

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ مَالِكٌ: الزَّوْجُ الْمَرِيضُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى جِمَاعٍ كَصَحِيحٍ اهـ. وَقَوْلُهُ وَالسَّفَرُ قَالَ الْبِسَاطِيُّ: وَلَوْ مَكَّنَتْ مِنْ الدُّخُولِ وَالْوَطْءِ بَعْدَهُ فَلَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا مِنْ السَّفَرِ ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَكَلَامِهِمْ أَنَّ السَّفَرَ كَالْوَطْءِ وَالدُّخُولِ أَعْنِي لَهَا التَّعَلُّقَ بِهِ قَبْلَ الْوَطْءِ لَا بَعْدَهُ كَهُمَا وَهُوَ يُخَالِفُ مَا قَرَّرْت بِهِ كَلَامَهُ.

(قُلْت) نَظَرْت فِي مَعْنَى كَلَامِهِمْ فَوَجَدْته يُعْطِي أَنَّ لَهَا الْمَنْعَ مِنْ السَّفَرِ وَإِنْ دَخَلَ وَوَطِىءَ اهـ وَمَا قَالَهُ يُخَالِفُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْهُ وَنَصُّهُ: وَأَمَّا امْتِنَاعُهَا مِنْ السَّفَرِ مَعَهُ قَبْلَ قَبْضِ صَدَاقِهَا فَإِنَّمَا يَكُونُ لَهَا ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ اهـ. فَجَعَلَ الدُّخُولَ مُسْقِطًا حَقَّهَا مِنْ السَّفَرِ فَأَحْرَى الْوَطْءُ، وَقَالَ فِي أَوَاخِرِ إرْخَاءِ السُّتُورِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَظْعَنَ بِزَوْجَتِهِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ وَإِنْ كَرِهَتْ وَيُنْفِقَ عَلَيْهَا وَإِنْ قَالَتْ حَتَّى آخُذَ صَدَاقِي فَإِنْ كَانَ بَنَى بِهَا فَلَهَا الْخُرُوجُ وَتُتْبِعُهُ بِهِ دَيْنًا. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ فِي عَدَمِهِ وَأَمَّا إنْ كَانَ مُوسِرًا فَلَيْسَ لَهُ الْخُرُوجُ بِهَا حَتَّى تَأْخُذَ صَدَاقَهَا وَقَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ اهـ. قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي التَّهْذِيبِ بَعْدَ ذِكْرِهِ كَلَامَ أَبِي عِمْرَانَ: وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا مِنْ أَهْلِ بَلَدِنَا: إنْ كَانَ يَخْرُجُ بِهَا إلَى بَلَدٍ تَجْرِي فِيهِ الْأَحْكَامُ وَيُوصَلُ فِيهِ إلَى الْحُقُوقِ فَيَخْرُجُ بِهَا قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهَا صَدَاقَهَا وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ بِهَا إلَى بَلَدٍ لَا تَجْرِي فِيهِ الْأَحْكَامُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فَلَهَا أَنْ لَا تَخْرُجَ مَعَهُ حَتَّى يَدْفَعَ إلَيْهَا صَدَاقَهَا انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ الْمَشَذَّالِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ: قَوْلُهُ فِي إرْخَاءِ السُّتُورِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ لِلزَّوْجِ أَنْ يَظْعَنَ بِزَوْجَتِهِ مِنْ بَلَدٍ إلَى آخَرَ مَعْنَاهُ الْحُرُّ لَا الْعَبْدُ وَلَوْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ أَمَةً ابْنُ رُشْدٍ لِلْحُرِّ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُحْسِنٍ وَلَا مَأْمُونٍ عَلَيْهَا وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَصَرَّحَ بِهِ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ النِّكَاحِ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يُوجِبُ الْخُرُوجَ بِهَا حَتَّى يُعْلَمَ خِلَافُهُ وَهُوَ مُقْتَضَى مَا فِي سُتُورِهَا أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى حُسْنِ الْعِشْرَةِ اهـ. وَفِي رَسْمِ الْجَوَابِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ طَلَاقِ السُّنَّةِ وَسَأَلْته عَنْ الْعَبْدِ يُرِيدُ أَنْ يَظْعَنَ بِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَظْعَنَ بِزَوْجَتِهِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْقَرِيبُ الَّذِي لَا يُخَافُ عَلَيْهَا فِيهِ ضَرُورَةً فَأَمَّا الْأَسْفَارُ وَالْبُلْدَانُ وَالْعَبْدُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ أَرَأَيْت لَوْ ظَعَنَ بِهَا فِي أَرْضِ غُرْبَةٍ ثُمَّ بَاعَهُ سَيِّدُهُ مِمَّنْ يَظْعَنُ بِهِ كَيْفَ كَانَتْ تَكُونُ إنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى النُّهُوضِ وَالرُّجُوعِ وَلَا يَحْمِلُهَا سَيِّدُهُ مَعَهُ وَيَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ وَتَبْقَى تَسْتَطْعِمُ وَلَا أَعْلَمُهُ إلَى قَوْلِ مَالِكٍ ابْنُ رُشْدٍ قَدْ بَيَّنَ وَجْهَ قَوْلِهِ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ وَلِلْحُرِّ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُحْسِنٍ إلَيْهَا وَلَا مَأْمُونٍ عَلَيْهَا عَلَى مَا مَضَى فِي رَسْمِ الطَّلَاقِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ النِّكَاحِ وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ.

، وَقَوْلُهُ إلَى تَسْلِيمِ مَا حَلَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ: يُكْرَهُ الدُّخُولُ قَبْلَ تَقْدِيمِ رُبْعِ دِينَارٍ اهـ. وَكَلَامُ الْبِسَاطِيِّ يُفْهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لَهَا أَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْ الدُّخُولِ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَ رُبْعَ دِينَارٍ اهـ. وَقَالَ فِي رَسْمِ اسْتَأْذَنَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ: وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنْ الزَّوْجِ حَتَّى يُقَدِّمَ لَهَا رُبْعَ دِينَارٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ حَالًّا وَلَوْ رَضِيَتْ لَهُ بِالدُّخُولِ بِلَا شَيْءٍ فَلَهَا أَنْ تَمْنَعَهُ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ حَقٌّ لِلَّهِ فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِإِذْنِهَا وَهَذَا مَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَا يُكْرَهُ لَهُ وَطْؤُهَا ثَانِيَةً قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهَا رُبْعَ دِينَارٍ وَلَا لَهَا أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>