للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالرِّوَايَاتِ وَلَوْ كَانَ الْمُحَكِّمُ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا تَجُوزُ وَصِيَّتُهُ اهـ. فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِنِكَاحِ التَّحْكِيمِ إنَّمَا هُوَ النِّكَاحُ الَّذِي صَرَفَ الْحُكْمَ فِي قَدْرِ صَدَاقِهِ لِحُكْمِ حَاكِمٍ، إمَّا أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ أَوْ غَيْرُهُمَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ النِّكَاحَ الَّذِي جَعَلَ إمْضَاءَهُ أَوْ رَدَّهُ إلَى أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ النِّكَاحُ عَلَى خِيَارٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ فَاسِدٌ فَقَالَ الْمُصَنِّفُ لَمَّا ذَكَرَ نِكَاحَ السِّرِّ ثُمَّ ذَكَرَ مَا يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ عَلَى خِيَارٍ لِأَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرِهِ.

(تَنْبِيهٌ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ " عَقَدَ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ " تَفْسِيرٌ لِنِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَلِنِكَاحِ التَّحْكِيمِ؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ النَّوْعَيْنِ وَفَسَّرَهُمَا بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ عَدَمُ ذِكْرِ الْمَهْرِ أَيْ: عَدَمُ تَسْمِيَةِ قَدْرِهِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ النَّوْعَيْنِ فَصْلٌ يَمْتَازُ بِهِ فَيَمْتَازُ نِكَاحُ التَّفْوِيضِ عَنْ نِكَاحِ التَّحْكِيمِ بِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ الْمَهْرُ وَلَا صُرِفَ الْحُكْمُ فِيهِ لِحَاكِمٍ وَنِكَاحُ التَّحْكِيمِ بِأَنَّهُ صُرِفَ الْحُكْمُ فِيهِ لِحَاكِمٍ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَائِدَةٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِيهَا أَرَأَيْت إنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى حُكْمِهِ أَوْ حُكْمِهَا أَوْ حُكْمِ فُلَانٍ قَالَ: كُنْت أَكْرَهُهُ حَتَّى سَمِعْت مَنْ أَثِقُ بِهِ يَذْكُرُهُ عَنْ مَالِكٍ فَأَخَذْت بِهِ وَتَرَكْت رَأْيِي فِيهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنْ قُلْت رُجُوعُ ابْنِ الْقَاسِمِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مُقَلِّدٌ لِمَالِكٍ كَتَقْلِيدِهِ مَنْ دُونَهُ.

(قُلْت) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَجَابَ أَوَّلًا عَلَى قَوَاعِدِ مَالِكٍ فَلَمَّا وَجَدَ نَصَّهُ رَجَعَ إلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ مُقَلِّدٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُنَافِي التَّصْرِيحَ بِنَقِيضِهِ فَيَقُولُ الْجَارِي عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ كَذَا وَالصَّحِيحُ عِنْدِي كَذَا لِنَصِّ حَدِيثٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَدِلَّةِ الظَّاهِرَةِ إلَّا أَنَّ التَّقْلِيدَ مَعْلُومٌ مِنْ غَالِبِ حَالِ أَهْلِ الْعَصْرِ بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ وَحَالُ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعْلُومَةٌ بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ أَلَا تَرَى إلَى كَثْرَةِ مُخَالَفَتِهِ لِمَالِكٍ وَإِغْلَاظِهِ الْقَوْلَ عَلَيْهِ فَيَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي يَبْعُدُ صُدُورُهَا مِنْ مُقَلِّدٍ.

(قُلْت) ظَاهِرُهُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ عِنْدَهُ مُجْتَهِدٌ مُطْلَقًا وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ بِضَاعَتَهُ مِنْ الْحَدِيثِ مُزْجَاةٌ وَالْأَظْهَرُ مَا قَالَهُ ابْنُ التِّلِمْسَانِيِّ فِي شَرْحِ الْمَعَالِمِ أَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ فَقَطْ كَابْنِ سُرَيْجٍ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي غَالِبِ حَالِ أَهْلِ الْعَصْرِ أَنَّ عَصْرَهُ لَمْ يَخْلُ مِنْ مُجْتَهِدٍ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (بِلَا هِبَةٍ)

ش: يَعْنِي أَنَّ مِنْ شَرْطِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ أَنْ لَا يَكُونَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ فَإِنْ عُقِدَ النِّكَاحُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ مَعَ عَدَمِ تَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ فَذَلِكَ كَالتَّصْرِيحِ بِإِسْقَاطِ الْمَهْرِ قَالَهُ ابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَيْسَ الْمَوْهُوبَةُ إذَا لَمْ يُسَمُّوا مَعَهَا صَدَاقًا كَالتَّفْوِيضِ وَكَأَنَّهُ قَالَ فِي الْهِبَةِ قَدْ زَوَّجْتُكهَا بِلَا صَدَاقٍ فَلَا يَصْلُحُ وَلَا يُقَرُّ هَذَا النِّكَاحُ مَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ كَانَ قَالَ يُفْسَخُ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا ابْنُ الْمَوَّازِ وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ؛ لِأَنَّ فَسَادَهُ فِي الْبُضْعِ أَشْهَبُ وَيَكُونُ لَهَا إذَا فُسِخَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَقَالَ أَصْبَغُ: بَلْ صَدَاقُ الْمِثْلِ ابْنُ رُشْدٍ وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ لِحَقِّ اللَّهِ وَالزَّائِدُ قَدْ وُهِبَتْهُ انْتَهَى.

ص (وَفُسِخَ إنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا قَبْلَهُ وَصُحِّحَ أَنَّهُ زِنًا)

ش: اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ غَيْرُ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ الْأُولَى قَصَدَ فِيهَا الْوَلِيُّ النِّكَاحَ

<<  <  ج: ص:  >  >>