للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَبَضَهَا فَاخْتَارَ الرَّدَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَتِمَّ فِيهَا وَإِنْ أَحَبَّ الْبَائِعُ أَنْ يَسْتَبْرِئَ الَّتِي غَابَ عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي وَكَانَ الْخِيَارُ لَهُ خَاصَّةً فَذَلِكَ حَسَنٌ إذْ لَوْ وَطِئَ الْمُبْتَاعُ لَكَانَ بِذَلِكَ مُخْتَارًا وَإِنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْ ذَلِكَ كَمَا اُسْتُحِبَّ اسْتِبْرَاءُ الَّتِي غَابَ عَلَيْهَا الْغَاصِبُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَى الْبَائِعِ: هُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ الْخِيَارُ أَوْ لِلْمُبْتَاعِ وَقَوْلُهُ فَتَوَاضَعَاهَا سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُوَاضَعَةُ عَلَى يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ أَوْ أَمِينٍ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا كَالْمُودَعَةِ انْتَهَى وَقَالَ اللَّخْمِيُّ.

وَإِذَا بِيعَتْ جَارِيَةٌ عَلَى خِيَارِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي ثُمَّ رَدَّهَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ جَرَتْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُودَعَةِ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ اسْتِبْرَاءٌ وَإِنْ اسْتَبْرَأَهَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ: الْقِيَاسُ أَنَّ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءَ قَالَ الشَّيْخُ وَهَذَا بَيِّنٌ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَمَانَةَ الْمُشْتَرِي فَيَحْسُنُ الِاسْتِبْرَاءُ وَلَا يَجِبُ اهـ. فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْهَا أَنَّ اسْتِحْسَانَ الِاسْتِبْرَاءِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ وَظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ عَنْ أَبِي الْفَرَجِ وُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ وَكَذَلِكَ أَيْضًا ظَاهِرُ اسْتِحْسَانِهِ هُوَ الْإِطْلَاقُ وَعَلَى هَذَا الْإِطْلَاقِ حَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ قَالَ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ: يَعْنِي وَيُسْتَحْسَنُ الِاسْتِبْرَاءُ إذَا غَابَ عَلَى الْأَمَةِ مُشْتَرٍ بِخِيَارٍ يُرِيدُ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِلْبَائِعِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ فَإِذَا رُدَّتْ إلَى سَيِّدِهَا اُسْتُحْسِنَ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا اهـ. وَنَحْوُهُ لِلْبَاسِطِيِّ وَالْأَقْفَهْسِيِّ وَزَادَ أَوَّلَهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُفْهَمَ هَذَا الْإِطْلَاقُ مِنْ قَوْلِ الشَّيْخِ فِي التَّوْضِيحِ خَلِيلٍ وَالْأَقْرَبُ حَمْلُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْوُجُوبِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي اهـ.

وَفِي اخْتِصَارِ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَنْ بَاعَ جَارِيَةً عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ لَهُ وَلِلْمُشْتَرِي وَكَانَتْ رَفِيعَةً فَتَوَاضَعَاهَا أَوْ كَانَتْ مِنْ الْوَخْشِ فَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ رَدَّهَا الَّذِي كَانَ الْخِيَارُ لَهُ فَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَتِمَّ فِيهَا وَإِذَا أَحَبَّ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا إذَا كَانَتْ مِنْ الْوَخْشِ وَكَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبَضَهَا لِنَفْسِهِ وَغَابَ عَلَيْهَا فَهُوَ حَسَنٌ اهـ.

مِنْ الْمَغْرِبِيِّ وَاخْتَصَرَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ الْمُدَوَّنَةَ مِثْلَ اخْتِصَارِ الْبَرَاذِعِيِّ الْمُتَقَدِّمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ، وَقَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ مَنْهِيًّا؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَارًا بِوَطْئِهَا ذَلِكَ فَأَوَّلَ، وَطْئِهِ يَكُونُ فِيهِ غَيْرُ أَمَتِهِ، وَقَوْلُهُ كَمَا اُسْتُحِبَّ اسْتِبْرَاءُ الَّتِي غَابَ عَلَيْهَا اُسْتُحِبَّ لِلْوُجُوبِ، وَالْجَامِعُ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْغَاصِبِ، وَمَسْأَلَةِ الْخِيَارِ أَنَّ الْغَاصِبَ وَالْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ كُلُّ وَاحِدٍ مَنْهِيٌّ عَنْ الْوَطْءِ اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (، وَتَتَوَاضَعُ الْعِلِّيَّةُ)

ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْمُوَاضَعَةُ جَعْلُ الْأَمَةِ مُدَّةَ اسْتِبْرَائِهَا فِي حَوْزٍ مَقْبُولٍ خَبَرُهُ عَلَى حَيْضَتِهَا اهـ.

قُلْت كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُوَاضَعَةَ إنَّمَا هِيَ فِيمَنْ تَحِيضُ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ الْبَيَانِ، وَلَا يُرَخَّصُ فِي تَرْكِهَا لِلْمُسَافِرِ وَالْمُجْتَازِ، وَهِيَ أَنْ تُوضَعَ الْجَارِيَةُ عِنْدَ امْرَأَةٍ أَوْ رَجُلٍ لَهُ أَهْلٌ حَتَّى تُعْرَفَ بَرَاءَةُ رَحِمِهَا مِنْ الْحَمْلِ بِحَيْضَةٍ إنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ، وَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ إنْ كَانَتْ يَائِسَةً مِنْ الْمَحِيضِ لِكِبَرٍ أَوْ صِغَرٍ مِمَّنْ تُوطَأُ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا أُمِنَ مِنْهَا الْحَمْلُ أَوْ لَمْ يُؤْمَنْ، وَقَدْ قِيلَ إذَا أُمِنَ مِنْهَا الْحَمْلُ فَلَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا اهـ. ثُمَّ قَالَ: وَالضَّمَانُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ، وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَلَذَّذَ بِشَيْءٍ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ، وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدْ أَوْجَبَهَا لِغَيْرِهِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي أَيْضًا مِنْ أَجْلِ أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ اشْتَرَاهَا فِي أَوَّلِ دَمِهَا أَوْ عِظَمِهِ كَانَ ذَلِكَ بَرَاءَةَ رَحِمِهَا، وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا مُوَاضَعَةٌ اهـ. وَقَالَ بَعْدَ هَذَا فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ أَمَّا الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا فَلَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا، وَلَا اسْتِبْرَاءَ، وَإِنَّمَا اُخْتُلِفَ فِي الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا، وَيُؤْمَنُ الْحَمْلُ مِنْهَا فَمَذْهَبُ مَالِكٍ، وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ وُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ فِيهَا، وَالْمُوَاضَعَةُ إنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَثْمَانِ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يَسْتَبِينُ بِأَقَلَّ مِنْهَا، وَقِيلَ شَهْرَانِ، وَقِيلَ شَهْرٌ وَنِصْفٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>