للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا يَقُولُ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَابْنُ السِّينِيِّ بَابُ مَا يَقُولُ بَيْنَ ظَهْرَانِي وُضُوئِهِ وَذَكَرَهُمَا النَّوَوِيُّ فِي حِلْيَةِ الْأَبْرَارِ انْتَهَى. وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ: وَلَا يَنْفُضُ يَدَيْهِ قَبْلَ وُصُولِهِمَا إلَى وَجْهِهِ فَلَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ بِاتِّفَاقٍ وَلَا يَرُشُّهُ رَشًّا وَلَا يَلْطِمُهُ لَطْمًا وَلَا يَكُبُّ وَجْهَهُ فِي يَدَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جَهْلٌ، بَلْ يُفَرِّغُهُ تَفْرِيغًا حَالَ كَوْنِهِ غَاسِلًا لَهُ بِيَدَيْهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُدَلِّكُهُ بِهِمَا مَعَ الْمَاءِ أَوْ أَثَرِهِ مُتَّصِلًا بِهِ دَلْكًا وَسَطًا إذْ لَا يَلْزَمُهُ إزَالَةُ الْوَسَخِ الْخَفِيِّ بَلْ مَا ظَهَرَ وَحَالَ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْعُضْوِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ.

ص (فَيَغْسِلُ الْوَتَرَةَ وَأَسَارِيرَ جَبْهَتِهِ وَظَاهِرَ شَفَتَيْهِ) .

ش: الْوَتَرَةُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَهِيَ الْحَاجِزُ بَيْنَ ثُقْبَيْ الْأَنْفِ. وَالْأَسَارِيرُ جَمْعُ أَسِرَّةِ وَهِيَ خُطُوطُ الْجَبْهَةِ وَالْكَفِّ، الْوَاحِدُ سِرَرُ بِوَزْنِ عِنَبٍ وَقَالَ فِي الصِّحَاحِ جَمْعُ أَسْرَارٍ كَأَعْنَابٍ فَالْأَسَارِيرُ جَمْعُ الْجَمْعِ، وَفِي الْحَدِيثِ: تَبْرُقُ أَسَارِيرُ جَبْهَتِهِ وَفِي الْمُفْرَدِ لُغَةٌ أُخْرَى وَهِيَ سِرَارٌ وَجَمْعُهُ أَسِرَّةٌ كَزِمَامٍ وَأَزِمَّةٍ قَالَهُ الْفَاكِهَانِيُّ، وَقَالَ الْجُزُولِيُّ: هِيَ التَّكَاسِيرُ أَوْ الْعُطُوفُ أَوْ الطَّيَّاتُ أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ وَهَذِهِ الْمَوَاضِعُ دَاخِلَةٌ فِي تَحْدِيدِ الْوَجْهِ وَإِنَّمَا نَبَّهَ عَلَيْهَا لِآنِ الْمَاءَ يَنْبُو عَنْهَا، قَالَ الْجُزُولِيُّ فَيَلْزَمُ الْمُتَوَضِّئَ أَنْ يَتَحَفَّظَ عَلَيْهَا فَإِنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهَا كَانَ كَمَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ» فَنَبَّهَ عَلَى الْوَتَرَةِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ يَنْحَدِرُ مِنْ أَعْلَى الْأَنْفِ فَلَا يُصِيبُهَا، وَنَحْوُهُ قَوْلُ الرِّسَالَةِ: وَمَا تَحْتَ مَارِنِهِ مِنْ ظَاهِرِ أَنْفِهِ وَالْمَارِنُ طَرَفُ الْأَنْفِ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَقَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: مَا لَانَ مِنْ الْأَنْفِ، وَنَبَّهَ عَلَى الْأَسَارِيرِ لِاحْتِيَاجِهَا أَيْضًا إلَى إمْرَارِ الْيَدِ لِنُبُوِّ الْمَاءِ عَمَّا أَصَابَتْهَا: وَنَبَّهَ عَلَى ظَاهِرِ الشَّفَتَيْنِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُمَا مِنْ الْبَاطِنِ الَّذِي لَا يَجِبُ غَسْلُهُ كَدَاخِلِ الْفَمِ وَدَاخِلِ الْأَنْفِ، قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَغَسْلُ مَا بَيْنَ الْمَنْخَرَيْنِ وَظَاهِرِ الشَّفَتَيْنِ فَرْضٌ انْتَهَى. فَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْمُتَوَضِّئِ أَنْ لَا يَضُمَّ شَفَتَيْهِ فَمَنْ ضَمَّ شَفَتَيْهِ حِينَ غَسْلِ الْوَجْهِ فَقَدْ تَرَكَ لَمْعَةً مِنْ وَجْهِهِ، قَالَ الْجُزُولِيُّ: وَلَا يُطْبِقُ شَفَتَيْهِ خِيفَةَ أَنْ تَبْقَى هُنَاكَ لَمْعَةٌ وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى مَا غَار مِنْ الْأَجْفَانِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُتَحَفَّظُ عَلَيْهَا كَمَا قَالَ فِي الرِّسَالَةِ وَغَيْرِهَا، وَسَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: لَا جُرْحًا بَرَأَ.

ص (بِتَخْلِيلِ شَعْرٍ تَظْهَرُ الْبَشَرَةُ تَحْتَهُ)

ش: لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِ اللِّحْيَةِ خَشِيَ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَخْلِيلُهَا مُطْلَقًا فَنَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ بِتَخْلِيلِ شَعْرٍ إلَخْ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ يَجِبُ غَسْلُ مَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ وَمَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ وَالذَّقَنِ وَغَسْلُ ظَاهِرِ اللِّحْيَةِ مَعَ تَخْلِيلِ الشَّعْرِ الَّذِي تَظْهَرُ الْبَشَرَةُ تَحْتَهُ وَالْبَشَرَةُ الْجِلْدُ وَالْمُرَادُ ظُهُورُهَا عِنْدَ التَّخَاطُبِ قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالْمُرَادُ بِالتَّخْلِيلِ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَخْلِيلُ الْكَثِيفِ وَهُوَ مَا لَا تَظْهَرُ الْبَشَرَةُ تَحْتَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَذَكَرَ الشَّعْرَ لِيَعُمَّ شَعْرَ اللِّحْيَةِ وَغَيْرِهَا كَالشَّارِبِ وَالْعَنْفَقَةِ وَالْحَاجِبِ وَالْهُدْبِ.

قَالَ فِي التَّلْقِينِ: فَإِنْ كَانَ عَلَى الْوَجْهِ شَعْرٌ لَزِمَ إمْرَارُ الْيَدِ عَلَيْهِ ثُمَّ يَنْظُرُ فَمَا كَانَ كَثِيفًا قَدْ سَتَرَ الْبَشَرَةَ سَتْرًا لَا تَتَبَيَّنُ مَعَهُ انْتَقَلَ الْفَرْضُ إلَيْهِ وَسَقَطَ فَرْضُ إيصَالِ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ وَإِنْ كَانَ خَفِيفًا تَتَبَيَّنُ مَعَهُ الْبَشَرَةُ لَزِمَ إمْرَارُ الْمَاءِ عَلَيْهِ وَعَلَى الْبَشَرَةِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ عَلَى خَدٍّ أَوْ شَفَةٍ أَوْ حَاجِبٍ أَوْ عِذَارٍ أَوْ عَنْفَقَةٍ وَيَلْزَمُ فِيمَا انْسَدَلَ عَنْ الْبَشَرَةِ كَلُزُومِهِ فِيمَا تَحْتَ الْبَشَرَةِ انْتَهَى. وَالْهُدْبُ بِضَمِّ الْهَاءِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَقَدْ تَضُمُّ الشَّعْرَ النَّابِتَ عَلَى أَجْفَانِ الْعَيْنِ وَاحِدُهُ هُدْبَةٌ وَكَذَلِكَ هُدْبَةُ الثَّوْبِ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي آدَابِ الْكِتَابَةِ فِي بَابِ مَا يَضَعُهُ النَّاسُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ: مِنْ ذَلِكَ أَشْفَارُ الْعَيْنِ يَذْهَبُ النَّاسُ إلَى أَنَّهَا الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى حَرْفِ الْعَيْنِ وَذَلِكَ غَلَطٌ إنَّمَا الْأَشْفَارُ حَرْفُ الْعَيْنِ الَّذِي يَنْبُتُ عَلَيْهَا الشَّعْرُ، وَالشَّعْرُ هُوَ الْهُدْبُ وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ الْفُصَحَاءِ سَمَّى الشَّعْرَ شَفْرًا فَإِنَّمَا سَمَّاهُ بِمَنْبَتِهِ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَيَجِبُ تَخْلِيلُ خَفِيفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>