للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَضْغُوطَ صَرَفَهُ فِي مَصَالِحِهِ فَلَا يَصِلُ حِينَئِذٍ إلَى مَتَاعِهِ إلَّا بِدَفْعِ الثَّمَنِ.

وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْمُبْتَاعُ بِأَنَّ مَا اشْتَرَاهُ لِلْمَضْغُوطِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ قِيلَ لِمُطَرِّفٍ أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ عِنْدَنَا مِنْ غَيْرِ كَبْلٍ يَقِفُونَ لِبَيْعِ مَتَاعِهِمْ فَإِذَا أَمْسَوْا رُدُّوا إلَى السِّجْنِ قَدْ وُكِّلَ بِهِمْ حُرَّاسٌ أَوْ أُخِذَ عَلَيْهِمْ حَمِيلٌ، وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ أَوْ يَعْلَمُ، وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِي كَبْلٍ، وَعَذَابٍ، وَمِنْهُمْ هَارِبٌ قَدْ أُخِذَ مَتَاعُهُ يُبَاعُ قَدْ أَمَرَ بَعْضَ أَهْلِهِ بِبَيْعِهِ قَالَ كُلُّ هَذَا سَوَاءٌ، وَهُوَ إكْرَاهٌ لَا يُبَالَى بِعِلْمِ الْمُبْتَاعِ أَوْ جَهْلِهِ إلَّا أَنَّ مَنْ عَلِمَ مَأْثُومٌ، وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ: قَالُوا: وَسَوَاءٌ كَانَ عِنْدَهُ عَيْنٌ فَتَرَكَهَا وَبَاعَ خَشْيَةَ أَنْ يُزَادَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَلَفْظُهُ، وَسَوَاءٌ أَخْرَجَ الْمَضْغُوطَ لِلْبَيْعِ مَكْبُولًا أَوْ مُوَكَّلًا بِهِ حُرَّاسٌ أَوْ أُخِذَ عَلَيْهِ حَمِيلٌ أَوْ كَانَ مُسَرَّحًا دُونَ حَمِيلٍ إلَّا أَنَّهُ إنْ هَرَبَ خَالَفَهُ الظَّالِمُ إلَى مَنْزِلِهِ بِالْأَخْذِ وَالْمَعَرَّةِ فِي أَهْلِهِ كَانَ لَهُ مَالُ عَيْنٍ غَيْرُ مَا بَاعَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَلِيَ الْبَيْعَ أَوْ، وَكَّلَ عَلَيْهِ انْتَهَى. وَقَالَ قَبْلَهُ، وَيَتْبَعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ الظَّالِمَ دَفَعَهُ لَهُ هُوَ أَوْ الْبَائِعُ انْتَهَى.

[فروع مَا أَحْدَثَ الْمُبْتَاعُ فِي الْمَبِيعِ مِنْ عِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ]

(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) : قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَمَنْ كَانَ عَالِمًا بِحَالِ الْمَضْغُوطِ فَاشْتَرَى شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ كَالْغَاصِبِ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَيَشْتَرِي فِي السُّوقِ فَلَا يَضْمَنُ الدُّورَ، وَالْحَيَوَانَ، وَيَضْمَنُ مَا انْتَفَعَ بِهِ بِأَكْلٍ أَوْ لُبْسٍ، وَالْغَلَّةُ لَهُ وَأَمَّا الظَّالِمُ فَلَا غَلَّةَ لَهُ، وَهُوَ ضَامِنٌ لَهَا انْتَهَى. (الثَّانِي) : قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَكُلُّ مَا أَحْدَثَ الْمُبْتَاعُ فِي الْمَبِيعِ مِنْ عِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ فَلَا يَلْزَمُ الْمَضْغُوطَ، وَلَهُ أَخْذُ رَقِيقِهِ مِنْ الْمُبْتَاعِ سَوَاءٌ عَلِمَ بِحَالِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ انْتَهَى وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْقَفَ الْمُبْتَاعُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ الْمَضْغُوطَ، وَقَالَهُ فِي الشَّامِلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.:

[قَبَضَ الثَّمَنَ وَكِيلُ الظَّالِمِ مِنْ الْمُشْتَرِي]

الثَّالِثُ قَالَ فِيهِ أَيْضًا عَنْ مُطَرِّفٍ: وَلَوْ قَبَضَ الثَّمَنَ، وَكِيلُ الظَّالِمِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَلِلْمُبْتَاعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْوَكِيلِ إنْ شَاءَ أَوْ عَلَى الظَّالِمِ إذَا أَثْبَتَ لَهُ أَنَّهُ أَدَّى الْمَالَ إلَيْهِ، وَأَنَّهُ أَوْصَى الْوَكِيلَ فَقَبَضَهُ، وَكِلَاهُمَا مَأْخُوذٌ بِهِ وَلَا يُبَرِّئُ الْوَكِيلَ خَوْفُهُ مِنْهُ أَوْ إكْرَاهُهُ إيَّاهُ انْتَهَى.

[وَجَدَ الْمَضْغُوطُ مَتَاعَهُ قَدْ فَاتَ]

(الرَّابِعُ) : قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَوْ وَجَدَ الْمَضْغُوطُ مَتَاعَهُ قَدْ فَاتَ فَلَهُ أَخْذُ الْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ مَا بِيعَ بِهِ إنْ شَاءَ عَلَى الْوَكِيلِ وَإِنْ شَاءَ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ: مِثْلَ ذَلِكَ مُطَرِّفٌ، وَلَا قَوْلَ لِلْوَكِيلِ إنْ قَالَ: كُنْتُ مُكْرَهًا عَلَى الْقَبْضِ، وَخِفْتُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِي إنْ لَمْ أَفْعَلْ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ» انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ جَمِيعَهُ وَزَادَ بَعْدَ هَذَا الْفَرْعِ، وَكَذَا كُلُّ مَا أَمَرَ بِفِعْلِهِ ظُلْمًا مِنْ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ جَلْدٍ أَوْ أَخْذِ مَالٍ، وَهُوَ يَخَافُ إنْ لَمْ يَفْعَلْهُ نَزَلَ بِهِ مِثْلُ ذَلِكَ فَلَا يَفْعَلُهُ فَإِنْ فَعَلَهُ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ وَالْغُرْمُ قُلْت: هَذَا وَنَحْوُهُ مِنْ نُصُوصِ الْمَذْهَبِ يُبَيِّنُ لَكَ حَالَ بَعْضِ الْقُضَاةِ فِي تَقْدِيمِهِمْ مَنْ يَعْرِفُونَ جُرْحَتَهُ شَرْعًا لِلشَّهَادَةِ بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ، وَالْفُرُوجِ، وَيَعْتَذِرُونَ بِالْخَوْفِ مِنْ مُوَلِّيهِمْ الْقَضَاءَ مَعَ أَنَّهُمْ فِيمَا رَأَيْتُ لَا يَخَافُونَ مِنْهُ إلَّا عُزْلَتَهُ عَنْ الْقَضَاءِ، وَلِلَّهِ دُرُّ الشَّيْخِ أَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى الصُّوفِيِّ صَالِحِ بِجَايَةَ رُوِيَ عَنْهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ اللَّهُمَّ الْعَنْ الشِّيعَةَ، وَمُغَيِّرِي الشَّرِيعَةِ انْتَهَى.

[أَعْطَى الْمَضْغُوطُ حَمِيلًا فَتَغَيَّبَ فَأُخِذَ الْمَالُ مِنْ الْحَمِيلِ]

(الْخَامِسُ) : قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَوْ أَعْطَى الْمَضْغُوطُ حَمِيلًا فَتَغَيَّبَ فَأُخِذَ الْمَالُ مِنْ الْحَمِيلِ لَمْ يَرْجِعْ الْحَمِيلُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَوْ ضُغِطَ الْحَمِيلُ فِي مِلْكٍ لِبَيْعِ شَيْءٍ فَبَيْعُهُ بَيْعُ مَضْغُوطٍ انْتَهَى. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخَذَ الْمَضْغُوطُ مَا أَضْغَطَ فِيهِ مِنْ رَجُلٍ سَلَفًا فَقَالَ أَصْبَغُ: يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَسْلَفَهُ؛ لِأَنَّ السَّلَفَ مَعْرُوفٌ قَالَ فَضْلٌ: فَعَلَى أَصْلِهِ فَيَرْجِعُ الْحَمِيلُ؛ لِأَنَّ الْحَمَّالَةَ مَعْرُوفٌ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ: وَنَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْوَدِيعَةِ عَلَى ابْنِ دَحُونٍ يَلْزَمُهُ رَدُّ مَا تَسَلَّفَ، وَلَمْ يَحْكِ خِلَافَهُ.

[بَيْعُ قَرِيبِ الْمَضْغُوطِ لِفِكَاكِهِ مِنْ عَذَابٍ كَزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ وَقَرِيبِهِ]

(السَّادِسُ) : قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَبَيْعُ قَرِيبِ الْمَضْغُوطِ لِفِكَاكِهِ مِنْ عَذَابٍ كَزَوْجَتِهِ، وَوَلَدِهِ وَقَرِيبِهِ لَازِمٌ انْتَهَى يُرِيدُ بَيْعَهُ مَتَاعَ نَفْسِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ، وَغَيْرِهِ، وَقَالَ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يُضْغَطُوا، وَلَوْ لَمْ يَبِيعُوا مَتَاعَهُمْ لَمْ يَطْلُبُوا انْتَهَى. وَهَذَا فِي غَيْرِ الْأَبِ، وَأَمَّا الْأَبُ إذَا عُذِّبَ وَلَدُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ: إنَّهُ مِنْ الْإِكْرَاهِ، وَنَصُّهُ، وَسُئِلَ ابْنُ الْبَرَاءِ عَمَّنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>