للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَرَاهِمَ وَعَجَزَتْ دِرْهَمًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ بِهِ مَا أَحَبَّ مِنْ طَعَامٍ أَوْ إدَامٍ أَوْ عَرَضٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مُعَجَّلًا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا وَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ بِبَعْضِ دِينَارِهِ بَعْدَ الْمُصَارَفَةِ مَا أَحَبَّ قَبْلَ قَبْضِ الدَّرَاهِمِ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا إذَا كَانَ ذَلِكَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ مِمَّا صَارَفَهُ بِهِ وَأَدْنَى مِنْهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ الثَّوْبَ مُعَجَّلًا بِدِينَارٍ إلَى شَهْرٍ وَالدِّينَارُ بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا إلَى شَهْرَيْنِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا وَقَعَ بِالدَّرَاهِمِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى قُبْحِ كَلَامِهِمَا إذَا صَحَّ الْعَمَلُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَا يُنْظَرُ إلَى حُسْنِ كَلَامِهِمْ إذَا قَبُحَ الْعَمَلُ بَيْنَهُمَا

ص (أَوْ غَلَبَةٌ)

ش: سَوَاءٌ غُلِبَا مَعًا عَلَى التَّأْخِيرِ كَمَا لَوْ غَشِيَهُمَا لَيْلٌ أَوْ حَالَ بَيْنَهُمَا سَيْلٌ أَوْ غُلِبَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا بِهُرُوبِ صَاحِبِهِ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ قَاصِدًا هُرُوبَهُ فُسِخَ الْعَقْدُ، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ: إنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ وَهُوَ لِمَالِكٍ فِي مَسْأَلَةِ الْقِلَادَةِ الْوَاقِعَةِ فِي رَسْمِ حَلَفَ لَيَرْفَعَنَّ أَمْرًا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّرْفِ وَذَكَرَهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَرَجَّحَ ابْنُ يُونُسَ هَذَا الْقَوْلَ وَقَالَ: الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْبَيْعِ وَقَعَ عَلَى الصِّحَّةِ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْمُبْتَاعُ بِالتَّأْخِيرِ فَسْخَ الْبَيْعِ فَوَجَبَ أَنْ يُحَرِّمَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ ذَرِيعَةٌ إلَى حَلِّ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ فَلَا يُرِيدُ أَحَدٌ اسْتَغْلَى شَيْئًا أَوْ نَدِمَ فِي شِرَائِهِ إلَّا جَرَّ ذَلِكَ لِيَفْسَخَهُ فَوَجَبَ أَنْ يُحَرَّمَ ذَلِكَ كَمَنْعِ الْقَاتِلِ الْمِيرَاثَ وَمَنْعِ الْمُتَزَوِّجَيْنِ فِي الْعِدَّةِ أَنْ يَتَنَاكَحَا أَبَدًا اهـ.

وَقَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ: وَإِنْ كَانَ التَّفَرُّقُ لِهُرُوبِ أَحَدِهِمَا فَهَلْ يَبْطُلُ بِهِ الْعَقْدُ وَيَبُوءُ بِإِثْمِهِ أَوْ يُلْزَمُهُ حُكْمَ الْعَقْدِ إذَا ظُفِرَ بِهِ يَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَأْخِيرِ ثَمَنِ السَّلَمِ بِهُرُوبِ أَحَدِهِمَا فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ فِي قَوْلٍ وَيَثْبُتُ فِي قَوْلٍ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِثُبُوتِهِ لَا يَكُونُ الْعَقْدُ ثَابِتًا حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَثْبُتُ مَعَ فَقْدِ شَرْطِ ثُبُوتِهِ لَكِنْ يَلْزَمُ إذَا ظَفَرَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ وُضِعَ عَلَى مَا عُقِدَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ فَيَكُونُ قَدْ عُدِمَ الْعَقْدُ الَّذِي أَفْسَدَهُ بِعَقْدٍ جَدِيدِ يَقَعُ التَّقَابُضُ فِيهِ مُتَّصِلًا بِهِ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَثْبُتُ فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ أَحَدَ الْعِوَضَيْنِ، فَلَا كَلَامَ وَإِنْ قَبَضَ أَحَدَهُمَا فَإِنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ كَالدَّنَانِيرِ الْمَسْكُوكَةِ فَإِنْ كَانَ الصَّرْفُ بَيْنَهُمَا بِالسِّعْرِ الْوَاقِعِ الْآنَ رَدَّهُ مِثْلُ مَا أَخَذَ وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْحَظُّ فِي فَسْخِ الْعَقْدِ لِغَيْرِ الْهَارِبِ رَدَّ الْمِثْلَ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ الْحَظُّ فِي الْفَسْخِ لَهُ بِالْهُرُوبِ خَرَجَ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يُلْزَمُ ضَمَانَ الثَّمَنِ الَّذِي لَزِمَهُ يَوْمَ الْعَقْدِ وَالثَّانِي إنَّمَا يَلْزَمُهُ رَدُّ مَا أَخَذَ وَقَدْ بَاءَ بِإِثْمِ مَا صَنَعَ وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ كَالْمَصُوغِ خَرَجَ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ بَانَ بِهِ وَالْآخَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ الثَّمَنُ الَّذِي رَضِيَ بِهِ اهـ. بِاخْتِصَارٍ.

وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَصُوغِ إنَّمَا هُوَ إذَا تَلِفَ أَمَّا إنْ كَانَ قَائِمًا فَيُرَدُّ إلَى رَبِّهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ التَّأْخِيرَ عَلَيْهِ مُؤَثِّرٌ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، فَإِنَّهُ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى مَسْأَلَةِ الْقِلَادَةِ تَأَوَّلَهَا عَلَى أَنَّ الذَّهَبَ الَّذِي كَانَ فِيهَا يَسِيرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (أَوْ عَقْدٌ وَوَكَّلَ فِي الْقَبْضِ)

ش: يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَعْقِدَ الصَّرْفَ ثُمَّ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فِي قَبْضِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَبَضَ الْوَكِيلُ بِحَضْرَةِ الْعَاقِدِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ عَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَفْسُدُ زَادَ ابْنُ بَشِيرٍ وَلَكِنَّهُ قَالَ: يُكْرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ وَكَّلَ عَلَى قَبْضِ مَا عَقَدَهُ بِحَضْرَتِهِ فَطَرِيقَانِ: ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ عَنْ الْمَذْهَبِ لَا يَفْسُدُ زَادَ ابْنُ بَشِيرٍ وَيُكْرَهُ الْمَازِرِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا خَيْرَ فِيهِ أَشْهَبُ لَا يُفْسَخُ إنْ وَقَعَ ابْنُ وَهْبٍ لَا بَأْسَ بِهِ فَأَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ اشْتِرَاطَ كَوْنِ الْعَاقِدِ الْقَابِضَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: هَذِهِ الْأَقْوَالُ مَعْزُوَّةٌ لِقَائِلِهَا إنَّمَا ذَكَرَهَا الْبَاجِيُّ فِي الْحَوَالَةِ اهـ. وَعَزَا ابْنُ رُشْدٍ بَعْضَ مَا ذَكَرَهُ لِلْمُدَوَّنَةِ وَلَفْظُهُ فِي رَسْمِ طَلْقِ ابْنِ حَبِيبٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الصَّرْفِ وَنَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا صَرَفَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَذْهَبَ وَيُوَكِّلَ مَنْ يَقْبِضُ لَهُ وَإِنَّمَا يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ إذَا قَبَضَ الْوَكِيلُ بِحَضْرَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهُ قُلْت: وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ صَاحِبُ الطِّرَازِ إلَّا الْكَرَاهَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>