للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُدَوَّنَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي آخَرِ كِتَابِ الصَّرْفِ عَلَى نَصِّ مَا ذَكَرَهُ، وَقَالَ فِيهَا أَيْضًا فِي كِتَابِ الرُّهُونِ: وَمَنْ أَسْلَفْتَهُ فُلُوسًا فَأَخَذْت فِيهَا رَهْنًا فَعَسَرَتْ الْفُلُوسُ فَلَيْسَ لَكَ عَلَيْهِ إلَّا مِثْلُ فُلُوسِكَ وَيَأْخُذُ رَهْنَهُ، وَإِنْ بِعْتَهُ سِلْعَةً بِفُلُوسٍ إلَى أَجَلٍ فَإِنَّمَا لَكَ نَقْدُ الْفُلُوسِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَلَا يُلْتَفَتُ لِكَسَادِهَا، وَكَذَلِكَ إنْ أَقْرَضْتَهُ دِرْهَمَ فُلُوسٍ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ مِائَةُ فَلْسٍ بِدِرْهَمٍ، ثُمَّ صَارَ مِائَتَا فَلْسٍ بِدِرْهَمٍ فَإِنَّمَا يَرُدُّ إلَيْكَ مَا أَخَذَ لَا غَيْرُ ذَلِكَ اهـ.

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قُطِعَ التَّعَامُلُ بِهَا إنْ جَعَلَ الْإِمَامُ سِكَّةً أُخْرَى ابْنُ يُونُسَ: وَلَوْ قُطِعَتْ وَلَمْ تُوجَدْ لَكَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهَا فِي ذِمَّتِهِ إلَى يَوْمِ تَحَاكُمِهِ فِيهَا وَيَقْضِي عَلَيْهِ فِيهَا وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَتَهَا يَوْمَ دَفَعَهَا إلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ فَسَدَتْ فَوَجَدَهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إلَّا مِثْلُهَا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَئِذٍ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ: وَلَوْ قُطِعَتْ وَلَمْ تُوجَدْ كَانَ قِيمَتُهَا يَوْمَ انْقَطَعَتْ إنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا، وَإِنْ كَانَتْ إلَى أَجَلٍ فَانْقَطَعَتْ قَبْلَ الْأَجَل كَانَ لَهُ قِيمَتُهَا يَوْمَ يَحِلُّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَنْظُرْ إلَى قِيمَتِهَا يَوْمَ انْقَطَعَتْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ تَوَجَّهَ لَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ طَلَبٌ، وَإِنْ أَخَّرَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ أَجَلًا ثَانِيًا كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ حُلُولِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ بِالْقِيمَةِ وَجَبَ التَّأْخِيرُ. الشَّيْخُ فَانْظُرْ عَلَى هَذَا إذَا وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ بِسِكَّةٍ قَدِيمَةٍ فَلَمْ تُوجَدْ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ يُونُسَ يَكُونُ عَلَى الشَّفِيعِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْحُكْمِ بِالشُّفْعَةِ وَعَلَى قَوْلِ اللَّخْمِيِّ يَوْمَ انْقَطَعَتْ، وَقَوْلُ ابْنِ يُونُسَ أَصْوَبُ، وَكَذَلِكَ الْمَشْهُورُ عَلَى هَذَا وَقَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّمَا لَكَ عَلَيْهِ نَقْدُ الْفُلُوسِ يَعْنِي سِكَّةَ الْفُلُوسِ اهـ. وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ مَسْأَلَةَ الرُّهُونِ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ فَقَالَ: وَمِنْ الرُّهُون: وَمَنْ اسْتَقْرَضْتَهُ دَرَاهِمَ فُلُوسٍ، وَهُوَ يَوْمَ قَبْضِهَا مِائَةٌ بِدِرْهَمٍ، ثُمَّ صَارَتْ مِائَتَيْنِ لَمْ تُرَدَّ إلَيْهِ إلَّا عِدَّةُ مَا قُبِضَتْ وَشَرْطُكُمَا غَيْرُ ذَلِكَ بَاطِلٌ انْتَهَى. فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: " أَوْ عَدِمَتْ " فَالْقِيمَةُ وَقْتَ اجْتِمَاعِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَالْعَدَمُ هَذَا اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ مُحْرِزٍ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ، وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ ابْنِ يُونُسَ إنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْحُكْمِ وَاخْتَارَهُ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ وَأَبُو حَفْصٍ.

وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ: هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَسَيَأْتِي كَلَامُهُ وَالْعَجَبُ مِنْ الشَّيْخِ ابْنِ عَرَفَةَ فَإِنَّهُ لَمْ يَعْزِ هَذَا إلَّا لِنَقْلِ ابْنِ بَشِيرٍ وَعَزَاهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ لِبَعْضِ الشُّيُوخِ

[فَرْعٌ لَوْ كَانَتْ السِّكَّةُ أَوَّلًا بِغَيْرِ مِيزَانٍ ثُمَّ حَدَثَ الْمِيزَانُ]

(فَرْعٌ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ: وَكَذَا لَوْ كَانَتْ السِّكَّةُ أَوَّلًا بِغَيْرِ مِيزَانٍ، ثُمَّ حَدَثَ الْمِيزَانُ فَلَهُ الْمُتَعَارَفُ مِنْ تِلْكَ السِّكَّةِ قَبْلَ حُدُوثِ الْمِيزَانِ فَإِنْ جَهِلَ مِقْدَارَ ذَلِكَ كَانَ كَمَسْأَلَةِ آخِرِ كِتَابِ الصُّلْحِ فِيمَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ نَسِيَا مَبْلَغَهَا جَازَ أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى مَا شَاءَا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ فَإِنْ أَبَيَا أَعْرَضَ عَنْهُمَا الْحَاكِمُ حَتَّى يَصْطَلِحَا اهـ. وَمَسْأَلَةُ الصُّلْحِ فِي بَابِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ إذَا أَقْرَضَهُ دَرَاهِمَ فَلَمْ يَجِدْهَا بِالْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ بِهِ الْآنَ أَصْلًا]

(فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ حَكَى ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ إذَا أَقْرَضَهُ دَرَاهِمَ فَلَمْ يَجِدْهَا بِالْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ بِهِ الْآنَ أَصْلًا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا بِمَوْضِعِ مَا أَقْرَضَهُ إيَّاهَا يَوْمَ الْحُكْمِ لَا يَوْمَ دَفْعِهَا إلَيْهِ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ لَهُ حِينَئِذٍ فَإِذَا فُقِدَتْ وَجَبَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ يُقْضَى بِهَا، ثُمَّ قَالَ وَنَزَلَتْ مَسْأَلَةٌ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى، وَهِيَ مَنْ تَسَلَّفَ دَرَاهِمَ فُلُوسًا أَوْ نُقْرَةً بِالْبِلَادِ الْمَشْرِقِيَّةِ، ثُمَّ جَاءَ مَعَ الْمُقْرِضِ إلَى بَلَدِ الْمَغْرِبِ، وَوَقَعَ الْحُكْمُ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا فِي بَلَدِهَا يَوْمَ الْحُكْمِ، وَهَذَا نَحْوُ مَا تَقَدَّمَ لِابْنِ يُونُسَ وَأَبِي حَفْصٍ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فِي الرُّهُونِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ: يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا فِي بَلَدِهَا يَوْمَ فُقِدَتْ وَقُطِعَتْ وَيَكُونُ حِينَئِذٍ قِيمَتُهَا يَوْمَ خُرُوجِهِ مِنْ الْبَلَدِ الَّتِي هِيَ جَارِيَةٌ فِيهِ إذْ هُوَ وَقْتُ فَقْدِهَا وَقَطْعِهَا انْتَهَى.

(فَرْعٌ) ثُمَّ قَالَ: وَقَعَتْ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى، وَهُوَ أَنَّهُ بَعْدَ الْوُصُولِ حَالَتْ السِّكَّةُ وَالْفُلُوسُ فِي تِلْكَ الْبِلَادِ، وَوَقَعَتْ الْفَتْوَى بِأَنَّهُ يُعْطَى قِيمَةَ الْفُلُوسِ أَوْ الدَّرَاهِمِ الْمُقْرَضَةِ فِي تِلْكَ الْبَلَدِ يَوْمَ الْحُكْمِ ذَهَبًا.

[فَرْعٌ وَكَّلَ عَلَى قَبْضِ أَثْمَانِ مُسْتَغَلَّاتِ ضَيْعَتِهِ وَفِي الْبَلَدِ سِكَكٌ مُخْتَلِفَةٌ]

(فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الْوَكَالَاتِ: سُئِلَ السُّيُورِيُّ عَمَّنْ وَكَّلَ عَلَى قَبْضِ أَثْمَانِ مُسْتَغَلَّاتِ ضَيْعَتِهِ، ثُمَّ كَتَبَ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ أَنْ ادْفَعْ لِابْنَةِ أَخِي

<<  <  ج: ص:  >  >>