للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ مُسْتَغَلَّاتِي خَمْسَةَ دَنَانِيرَ وَفِي الْبَلَدِ سِكَكٌ مُخْتَلِفَةٌ وَوَقْتُ الْكَتْبِ وَالْوُصُولِ سِكَّةٌ وَاحِدَةٌ وَابْتِدَاءُ الْوَكَالَةِ سِكَّةٌ أُخْرَى، فَقَالَ الْوَكِيلُ: لَمْ يَفْضُلْ لِي شَيْءٌ إلَّا مِنْ السِّكَّةِ عِنْدَ سَفَرِهِ وَطَلَبَ أَخُو الْغَائِبِ لِابْنَتِهِ سِكَّةَ يَوْمِ الْكَتْبِ وَالْوُصُولِ فَأَجَابَ إنَّمَا لَهُ سِكَّةُ يَوْمِ الْكَتْبِ فَتُصْرَفُ تِلْكَ السِّكَّةُ الْأُولَى عَلَى سِكَّةِ يَوْمِ الْكَتْبِ وَيُقْضَى.

(قُلْت) لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ يَوْمَ عَقْدِ الْهِبَةِ وَانْظُرْ لَوْ لَمْ تَزَلْ مُخْتَلِفَةً مُنْذُ الْوَكَالَةِ إلَى يَوْمِ الْكَتْبِ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِالْغَالِبَةِ وَلَوْ اسْتَوَى الصَّرْفُ بِهَا فَإِنْ كَانَ الْوَاهِبُ قَرِيبًا كَتَبَ إلَيْهِ لِيَتَعَرَّفَ مَا عِنْدَهُ، وَإِنْ بَعُدَ فَتَجْرِي عَلَى مَسْأَلَةِ النِّكَاحِ وَالزَّكَاةِ أَنَّ لَهُ الْوَسَطَ وَقِيلَ: يَقْضِي عَلَى عَدَدِ السِّكَكِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ كَأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي الزَّكَاةِ اهـ.

[فَرْعٌ اُسْتُشْعِرَ بِقَطْعِ السِّكَّةِ وَحَصَلَ مِنْهَا شَيْءٌ عِنْدَ أَحَدٍ هَلْ يسارع فِي إخْرَاجِهَا قَبْلَ قَطْعِهَا أَمْ لَا]

(فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الْبُيُوعِ: إذَا اُسْتُشْعِرَ بِقَطْعِ السِّكَّةِ وَحَصَلَ مِنْهَا شَيْءٌ عِنْدَ أَحَدٍ هَلْ يَسُوغُ لِمَنْ عِنْدَهُ شَيْءٌ أَنْ يُسْرِعَ فِي إخْرَاجِهَا قَبْلَ قَطْعِهَا أَمْ لَا، وَهَلْ يُجْبَرُ مَنْ وَجَبَ لَهُ شَيْءٌ مِنْهَا عَلَى قَبْضِهِ فَأَفْتَى بَعْضُ مَنْ يَنْتَمِي لِلْعِلْمِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْإِسْرَاعُ فِي إخْرَاجِهَا وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ جَبْرُ مَنْ أَبَاهَا وَعِنْدِي أَنَّهَا تَتَخَرَّجُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمِدْيَانِ إذَا أَرَادُوا تَفْلِيسَهُ فَمَنْ يُجِيزُ الْأَخْذَ مِنْهُ خَشْيَةَ التَّفْلِيسِ يُجِيزُ هَذَا وَمَنْ يَمْتَنِعُ يُمْنَعُ وَمَنْ يَقُولُ: إذَا تَحَدَّثُوا فِي تَفْلِيسِهِ فَلَا يَجُوزُ فَهُنَا إذَا تَحَدَّثُوا فِي قَطْعِهَا فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَدَّثُوا فِي قَطْعِهَا فَيَجُوز اهـ.

(قُلْت) أَمَّا الْجَبْرُ عَلَى أَخْذِهَا فَلَا إشْكَالَ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ قُطِعَتْ جُبِرَ عَلَى ذَلِكَ، كَمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا الْإِسْرَاعُ فِي إخْرَاجِهَا فَإِنْ كَانَ اسْتِشْعَارُ قَطْعِهَا شَائِعًا مَعْلُومًا عِنْدَ الْقَابِضِ لَهَا فَلَا إشْكَالَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْقَابِضِ لَهَا مِنْ ذَلِكَ شُعُورٌ فَيُمْكِنُ أَنْ يُخَرَّجَ عَلَى مَا قَالَ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ قَضَاءَهُ لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ لَا يُرَدُّ إذَا حَلَّ أَجَلُهُ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ جَمِيعُ مَا بِيَدِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ بَيْعِ السِّلْعَةِ بِسِكَّةٍ قَدِيمَةٍ]

(فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ وَفِي الْحَاوِي سُئِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَيْعِ السِّلْعَةِ بِسِكَّةٍ قَدِيمَةٍ فَأَجَابَ شَرْطُ الْقَدِيمَةِ الطَّيِّبَةِ فِي السِّكَّةِ فَإِنْ فَهِمُوا عَنْهُ سِكَّةً بِعَيْنِهَا أَوْ سِكَكًا مُتَّحِدَةً عِنْدَ النَّاسِ فِي جُودَةِ الْعَيْنِ وَعَدَمِ التَّفَاضُلِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا ذَكَرْنَاهُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَلَا يُنْظَرُ لِمَا فِي السِّكَكِ مِنْ الرُّقُومِ وَالْكِتَابَةِ إذَا تَسَاوَتْ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ وَمَنْ بَاعَ فِي زَمَنِ اتِّحَادِ السِّكَّةِ، ثُمَّ اخْتَلَفَتْ أَخَذَ مِنْ كُلٍّ عَلَى النِّسْبَةِ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ وَهِيَ ثَلَاثُ سِكَكٍ أَخَذَ الثُّلُثَ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ، وَعَلَى هَذَا اهـ. مِنْ أَثْنَاءِ الْبُيُوعِ

[فَرْعٌ الْعَامَّةَ إذَا اصْطَلَحَتْ عَلَى سِكَّةٍ وَإِنْ كَانَتْ مَغْشُوشَةً]

(فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ نَزَلَتْ مَسْأَلَةٌ وَنَحْنُ فِي زَمَنِ الْقِرَاءَةِ وَهِيَ أَنَّ الدَّرَاهِمَ الْمَحْمُولَ عَلَيْهَا النُّحَاسُ كَثُرَتْ جِدًّا وَشَاعَتْ فِي بِلَادِ إفْرِيقِيَّةَ جُرَيْدِيَّةٍ وَغَيْرِهَا وَاصْطَلَحَ النَّاسُ عَلَيْهَا حَتَّى مُنِعَ فِيهَا الرَّدِيءُ لِكَثِيرِ الْغِشِّ وَتَفَاوُتِهِ فِي أَعْيَانِ الدَّرَاهِمِ فَكَلَّمْتُ فِي ذَلِكَ شَيْخَنَا الْإِمَامَ عَسَى أَنْ يَتَسَبَّبَ فِي قَطْعِهَا فَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ السُّلْطَانَ وَكَانَ فِي عَامِ سَبْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ فَهَمَّ بِقَطْعِهَا فَبَعَثَ إلَيْهِ شَيْخُنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْغُبْرِينِيُّ وَكَانَ الْمُتَعَيِّنُ حِينَئِذٍ لِلْفَتْوَى، وَذَكَرَ لَهُ مَسْأَلَةَ الْعُتْبِيَّةِ، وَأَنَّ الْعَامَّةَ إذَا اصْطَلَحَتْ عَلَى سِكَّةٍ، وَإِنْ كَانَتْ مَغْشُوشَةً فَلَا تُقْطَعُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى إتْلَافِ رُءُوسِ أَمْوَالِ النَّاسِ فَفَتَرَ الْأَمْرُ نَحْوَ الشَّهْرِ فَجَاءَتْ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ مِنْ نَاحِيَةِ بِلَادِ هَوَارَةَ نُحَاسٌ مَطْلِيَّةٌ وَشَاعَتْ فِي الْبَلَدِ فَنَظَرَ الْخَلِيفَةُ حِينَئِذٍ، وَقَالَ: هَذَا يُؤَدِّي إلَى إتْلَافِ رُءُوسِ أَمْوَالِ النَّاسِ وَتَصِيرُ فُلُوسًا فَأَمَرَ بِقَطْعِهَا حِينَئِذٍ وَنَادَى مُنَادٍ مِنْ قِبَلِهِ بِهَذَا وَرَجَعَ الْمُفْتِي إلَى فَتْوَى شَيْخِنَا الْإِمَامِ وَرَأَوْا أَنَّ الْمَسْأَلَةَ إنَّمَا هِيَ إذَا تَعَيَّنَتْ دَرَاهِمُ زَائِفَةٌ، وَهَذِهِ الدَّرَاهِمُ كُلَّ يَوْمٍ يُزَادُ فِي غِشِّهَا حَتَّى صَارَتْ نُحَاسًا وَكَذَا فِي الذَّهَبِ الْمُحَلَّاةِ لِعَدَمِ ضَبْطِهَا فِي الْغِشِّ اهـ.

ص (وَتَصَدَّقَ بِمَا غُشَّ وَلَوْ كَثُرَ)

ش: قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الْجَوَابِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ السُّلْطَانِ: خَلْطُ الرَّدِيءِ بِالْجَيِّدِ لِلْمَبِيعِ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَهُ، وَإِنْ بَيَّنَ عِنْدَ الْبَيْعِ أَنَّهُ مَخْلُوطٌ وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ وَيَضْرِبَ عَلَيْهِ فَإِنْ فَعَلَ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ، وَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ مَخْلُوطٌ جَيِّدٌ بِرَدِيءٍ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ مِقْدَارَ الرَّدِيءِ الَّذِي خُلِطَ بِالْجَيِّدِ وَصِفَتَهُمَا جَمِيعًا قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>