للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى يُغَرْبَلَ، وَكَذَلِكَ هَذَا حَتَّى يُضْبَطَ وَيُصَحَّحَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إذَا رَأَى الْيَسِيرَ مِنْهُ أَدْرَكَ كَثْرَةَ فَسَادِهِ أَوْ قِلَّتِهِ، وَيُضْبَطُ ذَلِكَ الْفَسَادُ فَيَجُوزُ وَفِي كَوْنِ هَذَا غَيْرَ عَسِيرٍ نَظَرٌ، وَمِثْلُهُ شِرَاءُ كُتُبِ الْفِقْهِ وَاللُّغَةِ، وَغَيْرِهِمَا عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ الْبَيْعِ إذَا وُجِدَ فِيهَا الْفَسَادُ وَالنَّقْصُ كَثِيرًا أَوْ التَّكْرَارُ فِي الْكَلَامِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُصْحَفِ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى كُتُبًا مِنْ أَنْوَاعٍ كَثِيرَةٍ مُتَفَرِّقَةَ الْأَوْرَاقِ، وَخُرُومًا مُتَنَافِرَةَ الْأَوْرَاقِ فَلَا تَجُوزُ شِرَاؤُهَا إلَّا لِعَارِفٍ بِالتَّخْمِينِ وَالْحَزْرِ، وَكَذَلِكَ بَائِعُهَا يَكُونُ كَذَلِكَ مِنْ بَابِ شِرَاءِ الْجُزَافِ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا مِنْ مُبْتَدِئٍ فِي الْقِرَاءَةِ وَلَا مِنْ جَاهِلٍ مُطْلَقًا إذْ لَا يَدْرِي مَا يَأْخُذُ وَلَا مَا يُعْطِي، وَقَدْ نَزَلَ هَذَا وَوَقَعَتْ الْفَتْوَى بِهَذَا وَتَقَدَّمَتْ مَسْأَلَةُ إذَا كَتَبَ مُصْحَفًا بِدَوَاةٍ مَاتَتْ فِيهَا فَأْرَةٌ أَنَّهُ يُدْفَنُ انْتَهَى مِنْ أَحْكَامِ ابْنِ خُوَيْزِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى هَذَا وَكَأَنَّهُ عِنْدَهُ مِثْلُ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا كَالزَّيْتِ وَالطَّعَامِ الْمَائِعِ لَا كَالثِّيَابِ الْمُتَنَجِّسَةِ وَنَحْوِهَا لِلْقُدْرَةِ عَلَى إزَالَةِ النَّجَاسَةِ مِنْ هَذَا دُونَ مَا تَقَدَّمَ انْتَهَى.

[فَرْعُ فِي الْعَوْفِيَّة اُخْتُلِفَ فِي بَيْعِهَا وَشِرَائِهَا وَجَعْلِهَا مِنْ جُمْلَةِ الْأَمْوَالِ]

(فَرْعُ) قَالَ السَّخَاوِيُّ فِي كِتَابِهِ الْأَصْلِ الْأَصِيلِ فِي تَحْرِيمِ النَّقْلِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ قَالَ فِي الْعَوْفِيَّةِ اُخْتُلِفَ فِي بَيْعِهَا وَشِرَائِهَا وَجَعْلِهَا مِنْ جُمْلَةِ الْأَمْوَالِ عَلَى قَوْلَيْنِ وَأَمَّا الْإِجَارَةُ لِكِتَابَتِهَا فَلَا تَجُوزُ، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ جَوَازَ وَصِيَّةِ الْكَافِرِ بِهَا وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فَإِنْ قُلْنَا بِأَنَّهَا مَالٌ وَجَوَّزْنَا بَيْعَهَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، فَالْجَوَازُ وَإِلَّا فَلَا، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ كَثُرَ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَتَصَدَّقُ إلَّا بِمَا كَانَ يَسِيرًا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ بِذَلِكَ مِنْ الْعُقُوبَاتِ وَالْعُقُوبَةُ بِالْمَالِ أَمْرٌ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ وَعَادَتْ الْعُقُوبَةُ فِي الْأَبْدَانِ فَكَانَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْلَى بِالصَّوَابِ اسْتِحْسَانًا.

وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَتَصَدَّقَ بِقَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي حَدِيثِ الَّتِي لَعَنَتْ النَّاقَةَ وَأَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسْتَفَادُ مِنْهُ جَوَازُ الْعُقُوبَةُ بِالْمَالِ فِي الْمَالِ لِمَنْ جَنَى فِيهِ بِمَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ، وَقَالَ فِي الْإِكْمَالِ فِيهِ الْعِقَابُ بِالْمَالِ لِيَنْزَجِرَ غَيْرُهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ص (إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى كَذَلِكَ)

ش: يُرِيدُ أَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ وَرِثَهُ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ لَا يُتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَالْوَاجِبُ أَنْ يُبَاعَ مِمَّنْ يُؤْمَنُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ غَيْرِهِ مُدَلِّسًا بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ مَا وَجَبَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ مِنْ الْمِسْكِ وَالزَّعْفَرَانِ عَلَى الَّذِي غَشَّهُ يُبَاعُ مِمَّنْ يُؤْمَنُ وَيُتَصَدَّقُ بِالثَّمَنِ أَدَبًا لِلْغَاشِّ انْتَهَى.

ص (كَبَلِّ الْخَمْرِ بِالنَّشَا)

ش: لِأَنَّهَا تَشْتَدُّ بِذَلِكَ وَتَصْفِقُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الرَّسْمِ الثَّانِي مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ السُّلْطَانِ فَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهَا مَبْلُولَةٌ بِالنَّشَا، وَأَنَّ ذَلِكَ يُصْفِقُهَا وَيَشُدُّهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ كَلَامُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا مَرْشُوشَةٌ بِذَلِكَ كَانَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُمْسِكَ أَوْ يَرُدَّ فَإِنْ فَاتَتْ رُدَّتْ إلَى الْقِيمَةِ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ.

وَكَذَلِكَ إنْ عَلِمَ أَنَّهَا مَرْشُوشَةٌ بِذَلِكَ وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ يَشُدُّهَا، وَهَذَا نَحْوُ مَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ إنَّ مَا يَصْنَعُهُ حَاكَّةُ الدِّيبَاجِ مِنْ تَصْمِيغِهَا غِشُّ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ التَّصْمِيغُ لَا يَخْفَى عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ قَدْرُ مَا أُحْدِثَ فِيهِ مِنْ الشِّدَّةِ وَالتَّصْفِيقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص

<<  <  ج: ص:  >  >>