للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ تَصِفَاهُ جَازَ وَعَلَيْهِ الثِّقَةُ وَرَهْنٌ وَحَمِيلٌ وَإِنْ سَمَّيْتُمَا الرَّهْنَ أُجْبِرَ عَلَى أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْك إنْ امْتَنَعَ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الرَّهْنِ الَّذِي لَمْ يُقْبَضْ وَكَذَلِكَ إنْ تَكَلَّفَتْ بِهِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَكَ عَبْدَهُ رَهْنًا فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهِ إلَيْك أُجْبِرَ اهـ. قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ الْبَيْعُ عَلَى غَيْرِ رَهْنٍ مُعَيَّنٍ جَائِزٌ وَعَلَى الْغَرِيمِ أَنْ يُعْطِيَكَ الصِّنْفَ الْمُعْتَادَ، وَالْعَادَةُ فِي الْخَوَاصِّ أَنْ تَرْهَنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ وَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالدُّورِ وَمَا أَشْبَهَهَا وَلَيْسَ الْعَادَةُ الْعَبِيدَ وَالدَّوَابَّ وَلَيْسَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ قَبُولُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُصَدِّقًا فِي تَلَفِهِ؛ لِأَنَّ فِي حِفْظِهِ مَشَقَّةً وَكُلْفَةً وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُعْطِيَ الثِّيَابَ وَامْتَنَعَ الْمُرْتَهِنُ؛ لِأَنَّ فِيهِ الضَّمَانَ إنْ أَحَبَّ الرَّاهِنُ أَنْ يُعْطِيَ دَارًا أَوْ امْتَنَعَ الْمُرْتَهِنُ وَأَحَبَّ مَا تَبَيَّنَ تَحْتَ غَلْقِهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُرْهَنُ وَإِنَّمَا لَهُ مَا فِيهِ وَثِيقَةٌ مِنْ حَقٍّ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ صِنْفًا فَيُؤْتَى لَهُ بِهِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا مُؤَجَّلًا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا فِيهِ وَفَاءً بِعَدَدِهِ لَوْ حَلَّ وَإِنْ كَانَ سَلَمًا طَعَامًا أَوْ زَيْتًا أَوْ عُرُوضًا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا يَرَى أَنَّهُ يَشْتَرِي بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ السَّلَمِ إذَا حَلَّ فِي الْغَالِبِ وَلَيْسَ لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَ بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِ الْمُسَلِّمِ وَلَا لِلْمُسَلِّمِ أَنْ يَقُولَ أُعْطَى بِقَدْرِ مَا يَسْوَى الْمُسَلَّمَ عَلَى غَلَائِهِ قَبْلَ الْإِبَّانِ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْبَيْعِ عَلَى شَرْطِ رَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ وَيَجُوزُ عَلَيْهِمَا أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا مَضْمُومَتَيْنِ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَصِفَاهُ دُونَ لَمْ يُسَمِّيَاهُ اهـ.

وَمَا قَالَهُ مِنْ التَّقْيِيدِ خِلَافُ ظَاهِرِ إطْلَاقِهَا وَصَرِيحِ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ إثْرَ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ ظَاهِرُهُ أَعْطَاهُ رَهْنًا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَلَا حُجَّةَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ لَا آخُذُ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ خَوْفَ الضَّمَانِ اهـ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي بَابِ الرَّهْنِ وَيُجْبَرُ الْبَائِعُ وَشَبَهُهُ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ فِي التَّوْضِيحِ تَعْنِي مَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ رَهْنًا بِهِ فَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ الْمُشْتَرَطُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَأَبَى الْمُشْتَرِي مِنْ دَفْعِهِ خُيِّرَ الْبَائِعُ وَشَبَهُهُ مِنْ وَارِثٍ وَمَوْهُوبٍ لَهُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ، وَهَكَذَا قَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ أَشْهَبَ وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيّ وَابْنُ رَاشِدٍ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ رَهْنٍ يَكُونُ فِيهِ الثِّقَةُ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ الدَّيْنِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ اهـ. وَكَأَنَّهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يَقِفْ عَلَى نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ وَلَا يَتِمُّ إلَّا بِالْحِيَازَةِ فُهِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَكُونُ إلَّا مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَأَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا فَلَوْ عَقَدَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ خُيِّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ إمْضَاءِ الْبَيْعِ بِلَا رَهْنٍ أَوْ فَسْخِهِ اهـ. وَهَذَا مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ بِعْتَ مِنْهُ سِلْعَةً إلَى أَجَلٍ عَلَى أَنْ تَأْخُذَ بِهِ رَهْنًا ثِقَةً مِنْ حَقِّكَ فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ رَهْنًا]

(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) قَالَ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ بِعْتَ مِنْهُ سِلْعَةً إلَى أَجَلٍ عَلَى أَنْ تَأْخُذَ بِهِ رَهْنًا ثِقَةً مِنْ حَقِّكَ فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ رَهْنًا فَلَكَ نَقْضُ الْبَيْعِ وَأَخْذُ سِلْعَتَكَ أَوْ تَرْكُهُ بِلَا رَهْنٍ.

[الفرع الثَّانِي لَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ بَعْدَ قَبْضِهِ أَوْ مَاتَ الْحَمِيلُ بَعْدَ أَخْذِهِ]

(الثَّانِي) فَإِنْ هَلَكَ هَذَا الرَّهْنُ الْمَضْمُونُ بَعْدَ قَبْضِهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ بَعْدَ قَبْضِهِ أَوْ مَاتَ الْحَمِيلُ بَعْدَ أَخْذِهِ فَفِي لُزُومِ بَدَلِهِمَا كَالرَّاحِلَةِ الْمَضْمُونَةِ تَهْلَكُ بَعْدَ قَبْضِهَا قَوْلَا ابْنِ مُنَاسٍ وَبَعْضِ الْفُقَهَاءِ اهـ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ " ابْنِ شَاسٍ " وَهُوَ تَصْحِيفٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إنَّمَا ذُكِرَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ عَنْ ابْنِ مُنَاسٍ وَبَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَقَوْلُ ابْنِ مُنَاسٍ هُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا وَقَعَ لَهُ فِي سَمَاعِهِ مِنْ الرُّهُونِ.

[الفرع الثَّالِثُ لَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي الْعَجْزَ عَنْ الرَّهْنِ وَالْحَمِيلِ]

(الثَّالِثُ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي الْعَجْزَ عَنْ الرَّهْنِ وَالْحَمِيلِ فَفِي سِجْنِهِ لِذَلِكَ الْحَمِيلِ لَا لِلرَّهْنِ أَوْ فِيهِمَا ثَالِثُهَا إنْ رَأَى أَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَيْهِمَا سُجِنَ وَإِنْ رَأَى أَنَّهُ عَاجِزٌ لَمْ يُسْجَنْ لِابْنِ مُنَاسٍ مَعَ ابْنِ شَبْلُونٍ وَابْنِ مُحْرِزٍ عَنْ الْمُذَاكِرِينَ مُحْتَجِّينَ بِأَنَّ تُهْمَتَهُ فِي الرَّهْنِ أَقْوَى وَلِتَسْوِيَةِ الْمُدَوَّنَةِ فِيهِمَا وَاخْتِيَارِهِ اهـ.

وَنَقَلَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ ابْنِ الْحَاجِّ مِثْلَ مَا لِابْنِ مُنَاسٍ وَنَصُّهُ فِي أَوَائِلِ مَسَائِلِ الْبُيُوعِ: (مَسْأَلَةٌ) قَالَ ابْنُ الْحَاجِّ إذَا بَاعَهُ إلَى أَجَلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَعْطَاهُ حَمِيلًا سُجِنَ الْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ لِلْأَجَلِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى مَعْرِفَةِ ذِمَّتِهِ بِالسُّؤَالِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى مَعْرِفَةِ مَنْ يَتَحَمَّلُ لَهُ ذَلِكَ اهـ. وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي أَوَاخِرِ الْبُيُوعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>