للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَعْلَمُ. وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَيْضًا أَنَّ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ فِيمَا إذَا قَالَ اشْتَرِهَا وَأَنَا أُرْبِحُكَ وَلَمْ يُسَمِّ الثَّمَنَ أَنَّهُ حَرَامٌ وَيُفْسَخُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ اخْتَلَفَ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ مَعَ تَسْمِيَةِ الرِّبْحِ وَالْمُرَاوَضَةِ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْهُ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ وَانْتَقَدَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهَا عَلَى النَّقْدِ وَلَمْ يَنْقُدْ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيَأْتِي الْخِلَافُ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ فِيمَنْ اشْتَرَى بِأَقَلَّ لِأَجَلِهِ ثُمَّ عَجَّلَهُ.

ص (وَبِخِلَافِ اشْتَرِهَا لِي بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَأَشْتَرِيهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا فَتَلْزَمُ بِالْمُسَمَّى وَلَا تُعَجَّلُ الْعَشَرَةُ وَإِنْ عُجِّلَتْ أُخِذَتْ)

ش: قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ أَنْ يَقُولَ اشْتَرِهَا لِي بِاثْنَيْ عَشَرَ إلَى أَجَلٍ وَأَنَا أَبْتَاعُهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا فَكَذَلِكَ أَيْضًا حَرَامٌ لَا يَجُوزُ وَمَكْرُوهُهُ إنْ اسْتَأْجَرَ الْمَأْمُورُ عَلَى أَنْ يَبْتَاعَ لَهُ السِّلْعَةَ بِسَلَفٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ يَدْفَعُهَا إلَيْهِ يَنْتَفِعُ بِهَا إلَى أَجَلٍ ثُمَّ يَرُدُّهَا إلَيْهِ فَإِذَا دَفَعَ ذَلِكَ لَزِمَتْ الْآمِرَ السِّلْعَةُ بِاثْنَيْ عَشَرَ إلَى أَجَلٍ وَلَا يَتَعَجَّلُ الْمَأْمُورُ مِنْهُ الْعَشَرَةَ النَّقْدَ وَإِنْ كَانَ قَدْ دَفَعَهَا صَرَفَهَا إلَيْهِ وَلَمْ يَتْرُكْهَا عِنْدَهُ إلَى أَجَلٍ وَإِنْ كَانَ لَهُ جُعْلٌ مِثْلُهُ بَالِغًا مَا بَلَغَ فِي هَذَا الْوَجْهِ بِاتِّفَاقٍ اهـ

ص (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي فَهَلْ يُرَدُّ الْبَيْعُ إذَا فَاتَ وَلَيْسَ عَلَى الْآمِرِ إلَّا الْعَشَرَةُ وَيُفْسَخُ الثَّانِي مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَالْقِيمَةُ قَوْلَانِ)

ش: يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا وَلَمْ يَقُلْ لِي بِأَنْ قَالَ لِنَفْسِكَ أَوْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَأَنَا أَشْتَرِيهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا، فَذَكَرَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي ذَلِكَ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ.

رَوَى سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْبَيْعَ إذَا فَاتَ لَيْسَ عَلَى الْآمِرِ إلَّا الْعَشَرَةُ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَوْ زَادَهُ الدِّينَارَيْنِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَيْعَ يُفْسَخُ مَا لَمْ تَفُتْ السِّلْعَةُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُفْسَخُ الْبَيْعُ الثَّانِي مُطْلَقًا عَلَى كُلِّ حَالٍ كَمَا يُصْنَعُ بِالْحَرَامِ الْبَيِّنِ لِلْمُوَاطَأَةِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ الْبَيْعِ فَإِنْ فَاتَتْ رُدَّتْ إلَى قِيمَتِهَا يَوْمَ قَبْضِهَا الثَّانِي اهـ فَفِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَفُوتَ نَظَرٌ كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ إذَا فَاتَ وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ بِالْقِيمَةِ يُشِيرُ إلَى الْفَسْخِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الْبَيَانِ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ بِالْفَسْخِ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي الْفَسْخِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي إلَّا أَنْ تَفُوتَ فَالْقِيمَةُ أَوْ إمْضَاؤُهَا وَلُزُومُهُ الِاثْنَيْ عَشَرَ ذَكَرَ هَذِهِ بَعْدَهَا وَقَالَ فَهَذَا لَا يَجُوزُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يُخْتَلَفُ فِيهِ إذَا وَقَعَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فَتَلْزَمُ الْآمِرَ السِّلْعَةُ بِالْعَشَرَةِ نَقْدًا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ لَهُ الدِّينَارَيْنِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ الثَّانِي وَتُرَدُّ السِّلْعَةُ إلَى الْمَأْمُورِ إلَّا أَنْ تَفُوتَ بِيَدِ الْآمِرِ فَيَكُونَ عَلَيْهِ فِيهَا الْقِيمَةُ كَمَا يُفْعَلُ بِالْبَيْعِ الْحَرَامِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَآخُذُهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَقَوْلُهُ فِي الْمَوْضِعِ الثَّالِثِ وَأَشْتَرِيهَا يَجُوزُ فِيهِ النَّصْبُ بَعْدَ وَاوِ الْمَعِيَّةِ فِي جَوَابِ الْأَمْرِ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى إضْمَارِ مُبْتَدَأٍ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (تَنْبِيهٌ ثَانٍ) وَمِنْ هَذَا الْبَابِ مَسْأَلَةٌ يَفْعَلُهَا بَعْضُ النَّاسِ وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ وَذَلِكَ أَنْ يَدْفَعَ لِبَعْضِ النَّاسِ دَرَاهِمَ وَيَقُولَ لَهُ: اشْتَرِ بِهَا سِلْعَةً عَلَى ذِمَّتِي فَإِذَا اشْتَرَيْتَهَا بِعْتُهَا مِنْك بِرِبْحٍ لِأَجَلٍ وَلَا إشْكَالَ فِي مَنْعِ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْبَضَائِعِ وَالْوَكَالَاتِ وَسَأَلَ عَمَّنْ أَبْضَعَ مَعَ رَجُلٍ بِضَاعَةً يَبْتَاعُ لَهُ بِهَا طَعَامًا ثُمَّ أَتَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدْ ابْتَاعَ طَعَامًا وَقَبَضَهُ وَسَأَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ إيَّاهُ قَالَ مَا أُحِبُّ هَذَا وَمَا يُعْجِبُنِي قَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَدْ أَجَازَهُ فِي رَسْمِ بِيعَ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْكَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ السَّلَمِ وَالْآجَالِ لِمَنْ أَسْلَمَ فِي طَعَامٍ أَنْ يَبِيعَهُ بِقَبْضِ وَكِيلِهِ وَلَا إشْكَالَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِقَبْضِ وَكِيلِهِ إيَّاهُ إذَا تَحَقَّقَ أَنَّهُ قَدْ قَبَضَهُ وَإِنَّمَا كُرِهَ لَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ قَبَضَهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ كَذَبَ وَلَوْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ لَمَا كُرِهَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ الْمُبْتَاعُ لِلطَّعَامِ بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهِ مُوَكِّلُهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْهُ وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>