للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْجُمُعَةُ وَشِبْهُ ذَلِكَ وَالدَّابَّةُ تُرْكَبُ الْيَوْمَ وَنَحْوَهُ، وَلَا بَأْسَ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلِاخْتِبَارِ، وَإِنْ كَانَ لِلْمَشُورَةِ، فَيَكُونُ الْأَمَدُ مِقْدَارَ مَا يُشَاوِرُ فِيهِ انْتَهَى.

وَكَلَامُ الْقَاضِي عِيَاضٍ فِي التَّنْبِيهَاتِ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي مَا ذَكَرَهُ عَنْهُ، وَنَصُّهُ: وَلَيْسَ لِأَمَدِهِ عِنْدَنَا حَدٌّ وَقَدْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ إلَّا بِحُكْمِ السِّلْعَةِ الَّتِي تَحْتَاجُ الْخِيَارَ مِنْ تَقَصٍّ يَجِبُ عَلَيْهَا وَسُؤَالٍ وَاسْتِشَارَةٍ وَاخْتِبَارٍ وَلِكُلِّ سِلْعَةٍ فِي الِاخْتِبَارِ حَالَةٌ بِخِلَافِ غَيْرِهَا عَلَيْهِ جَرَى تَقْدِيرُ أَئِمَّتِنَا وَمَشَايِخِنَا فِي أَمَدِ الْخِيَارِ لِعَدَمِ الْمَشُورَةِ وَالرَّأْيِ فَيَسْتَوِي أَمَدُ الْخِيَارِ فِي ذَلِكَ بِقُرْبِ ذَلِكَ، وَتَسَاوِي السِّلَعِ فِيهِ وَلَعَلَّ قَوْلَهُ فِي اللُّبَابِ: وَمُدَّتُهُ غَيْرُ مَحْدُودَةٍ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا حَدٌّ وَاحِدٌ كَمَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: إنَّهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ لَيْسَ مَحْدُودًا بِزَمَنٍ مُؤَقَّتٍ بَلْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَبِيعِ فَيَطُولُ إنْ اُحْتِيجَ إلَى الطُّولِ وَيَقْصُرُ إذَا أَغْنَى فِي ذَلِكَ الْقِصَرُ

(الْخَامِسُ:) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ مُحْرِزٍ: لَوْ بَاعَ عَرَضًا بِعَرَضٍ اُعْتُبِرَ أَمَدُ الْمَقْصُودِ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَهَلْ إنْ نَقَدَ تَأْوِيلَانِ)

ش: سَوَّى بَيْنَ التَّأْوِيلَيْنِ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: الْأَكْثَرُ عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ تَقْيِيدُ الْمُدَوَّنَةِ بِالنَّقْدِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ بَشِيرٍ، وَنَصُّ التَّوْضِيحِ: أَكْثَرُ الشُّيُوخِ عَلَى تَقْيِيدِ الْمُدَوَّنَةِ بِشَرْطِ انْتِقَادِ الثَّمَنِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَكُونُ حِينَئِذٍ أَخَذَ عَنْ دَيْنٍ وَجَبَ لَهُ سِلْعَةٌ بِخِيَارٍ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي لِلَّخْمِيِّ فَهِمَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى إطْلَاقِهَا وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: يَقَعُ فِي بَعْضِ نُسَخِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَقَيَّدَ إنْ نَقَدَ بِالدَّالِ، وَفِي بَعْضِهَا وَقِيلَ بِاللَّامِ قَالَ وَالنُّسْخَةُ الْأُولَى أَحْسَنُ لِأَنَّهَا عَلَى طَرِيقِ الْأَكْثَرِ اهـ. فَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِ فِي التَّوْضِيحِ تَرْجِيحُ التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَالَ فِي الشَّامِلِ: وَهَلْ إنْ نَقَدَ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، أَوْ مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ اهـ.

ص (وَضَمِنَهُ حِينَئِذٍ الْمُشْتَرِي)

ش: أَمَّا إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الَّذِي جَعَلَ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ فَالضَّمَانُ مِنْهُ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فَقَوْلَانِ: مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَرَوَى الْمَخْزُومِيُّ أَنَّهُ مِنْ الْبَائِعِ وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلْمُغِيرَةِ، وَقَالَ فِي الشَّامِلِ وَضَمِنَهُ حِينَئِذٍ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ جَعَلَ الْبَائِعُ الْخِيَارَ لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ اللَّاحِقَاتِ لِلْعُقُودِ هَلْ تُقَدَّرُ وَاقِعَةً فِيهَا، أَوْ لَا.

ص (وَفَسَدَ بِشَرْطِ مُشَاوَرَةِ بَعِيدٍ)

ش: وَكَذَا بِشَرْطِ خِيَارِهِ وَرِضَاهُ مِنْ بَابِ أَحْرَى قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَإِذَا كَانَ مَنْ شُرِطَ رِضَاهُ، أَوْ خِيَارُهُ، أَوْ مَشُورَتُهُ غَائِبًا بَعِيدَ الْغَيْبَةِ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ.

(فَرْعٌ:) قَالَ فِي الشَّامِلِ: فَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فَسَدَ، وَلَوْ تَرَكَ الْمَشُورَةَ لِيُجِيزَ الْبَيْعَ لَمْ يَصِحَّ اهـ.

(تَنْبِيهٌ:) فُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفَسَدَ بِشَرْطِ مُشَاوَرَةِ بَعِيدٍ أَنَّهُ يَجُوزُ ابْتِدَاءً وُقُوفُ بَتِّ الْبَيْعِ عَلَى مَشُورَةِ الْغَيْرِ إذَا لَمْ يَبْعُدْ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَا إشْكَالَ فِي جَوَازِهِ.

[فَرْعٌ سَاوَمَ رَجُلًا سِلْعَةً فَمَاكَسَهُ الْمُشْتَرِي حَتَّى تَقِفَ عَلَى ثَمَنٍ]

(فَرْعٌ:) قَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي بَابِ ضَمَانِ الْبِيَاعَات، وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ سَاوَمَ رَجُلًا سِلْعَةً فَمَاكَسَهُ الْمُشْتَرِي حَتَّى تَقِفَ عَلَى ثَمَنٍ، فَلَمْ يَرُدُّهُ الْبَائِعُ عَلَى هَذَا، وَلَا قَالَ لَهُ: إنْ رَضِيتَ فَخُذْ، وَإِنَّمَا هِيَ بِكَذَا فَيَقُولُ السَّائِمُ أَذْهَبُ بِهَا وَأُشَاوِرُ، فَيَقُولُ: افْعَلْ فَيَذْهَبُ بِهَا الْمُشَاوِرُ، ثُمَّ يَرْضَى وَيَأْتِي بِالثَّمَنِ فَيَبْدُو لِلْبَائِعِ، أَوْ يَقُولُ بِعْتُهَا مِمَّنْ زَادَ عَلَيْكَ، وَإِنَّمَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ سَوْمٌ فَالْبَيْعُ تَامٌّ إنْ رَضِيَهُ الْمُبْتَاعُ، وَلَيْسَ مَنْ سَامَ بِشَيْءٍ فَقَالَ الْمُبْتَاعُ قَدْ أَخَذْتُهَا فَيَبْدُو لِلْبَائِعِ كَمَنْ وَقَفَ عَلَى ثَمَنِ سِلْعَةٍ وَدَفَعَهَا إلَى الْمُبْتَاعِ فَذَلِكَ يَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ الْمُبْتَاعُ، وَإِنْ هَلَكَ ذَلِكَ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ قَبْلَ أَنْ يَرْضَى بِهِ فَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ اهـ. فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ السِّلْعَةَ إذَا لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا عَقْدُ الْبَيْعِ فَمُصِيبَتُهَا مِنْ رَبِّهَا اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (أَوْ مُدَّةٍ زَائِدَةٍ)

ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَلَوْ شَرَطَ بَعِيدَ أَمَدٍ فَالنَّصُّ فَسْخُ الْبَيْعِ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ خَرَّجَ إمْضَاءَهُ مِنْ الْقَوْلِ بِإِمْضَاءِ بُيُوعِ الْآجَالِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِمَا اُتُّهِمَا عَلَيْهِ قَالَ وَرَدَّهُ الْمَازِرِيُّ بِأَنَّ فَسَادَ بَيْعِ الْخِيَارِ مُعَلَّلٌ بِالْغَرَرِ.

(فَرْعٌ) وَعَلَى الْفَسْخِ

<<  <  ج: ص:  >  >>